نقلت منظمة "أطباء بلا حدود" عن الفتاة البالغة من العمر 19 عاما، قولها: "إنهم يزجوننا في غرف مكتظة من دون نوافذ أو طعام أو مياه، ويعطوننا وعاء لنقضي حاجتنا فيه، لقد علّقوا كاميرات في جميع الأسوار، ويقف رجال يحملون الأسلحة على السطوح، وينتشر الرجال المسلحون في كل مكان، ويبرحوننا ضربا في جميع الأوقات، وكانوا يدفعون بالنساء على الأرض ويخلعون ملابسنا ويركلوننا ويشدوننا من شعرنا، ويستعملون الأسلاك الحديدية والكهربائية، وفقا لبيان حصلت "سبوتنيك" على نسخة منه.
وتابعت الفتاة: "أُجبرت على العمل كعاملة أجنبية في منازل الليبيين، لقد كنت رهينة لهم، وما أن تنفذ النقود مني حتى يبدأوا بتعذيبي".
وأردفت: "هذا واحتجزني الرجال الليبيون في المنزل، وفي ظل كل هذا التعذيب، كان خيارنا الوحيد الاتكال على الله، لم نشهد إلا التعذيب هناك".
ولفت بيان "أطباء بلا حدود" إلى أن "الأشخاص الذين يتم إعادتهم قسرا إلى ليبيا بعد هروبهم من أوطانهم يمرّون في وسط البحر الأبيض المتوسط عبر الحدود البحرية الأكثر فتكًا في العالم على أمل إيجاد ملاذ لهم في أوروبا".
وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود" في بيانها أن فرقها قامت بتوثيق "الآثار القاسية والشهادات المروعة التي يتسبب بها العنف، إذ يلمّ بآلاف البالغين والأطفال العالقين في دوامة عبور البحر والعودة القسرية إلى ليبيا".
وفي هذا السياق، لفتت فرق "أطباء بلا حدود" إلى أن "265 ناجٍ أُنقذوا خلال عملياتهم تحلوا بالشجاعة الكافية لكي يخبروهم بما لا يقل عن 620 تجربة عنف قاسوها عنوة، ويسع كثيرون غيرهم الإدلاء بقصص من هذا القبيل، وأن 82 بالمئة من حالات العنف هذه ارتُكبت في ليبيا".
أشخاص أُعيدوا قسرا إلى ليبيا بعد هروبهم من أوطانهم
© Photo / doctor without borders organization
وذكر بيان "أطباء بلا حدود" أن "الناس يبلغون عن تعرضهم للعنف خلال تواجدهم في ليبيا أو عند اعتراضهم في البحر أو خلال إعادتهم، ويرتكب الحراس في مراكز الاحتجاز 34 بالمئة من عمليات العنف المبلّغ عنها، بينما تقع مسؤولية ارتكاب 15 بالمئة من هذه العمليات على خفر السواحل، و11 في المئة على الشرطة العسكرية أو غير الحكومية، ويتحمّل المهربون والمتّجرون مسؤولية ارتكاب 10 في المئة من عمليات العنف هذه".
وأضافوا أن فرقهم "توثق تعرّض النساء والأطفال لمستويات عالية من العنف، إذ تبلغ نسبة القاصرين الذين أبلغوا عن تعرضهم للعنف 29 بالمئة، علمًا أن أصغرهم في الثامنة من عمره، بينما تصل نسبة النساء إلى 18 بالمئة، وقد أفادت التقارير أن 68 بالمئة من أحداث العنف قد وقعت خلال عام واحد قبل إنقاذ الناجين".
أشخاص أُعيدوا قسرا إلى ليبيا بعد هروبهم من أوطانهم
© Photo / doctor without borders organization
وواصل البيان أن "الإصابات البالغة والحروق والكسور والإصابات في الرأس والإصابات المرتبطة بالعنف الجنسي والاضطرابات النفسية تشكّل التداعيات الصحية الأبرز لأحداث العنف المبلّغ عنها، وبلغت نسبتها حوالي 50 بالمئة من إجمالي هذه التداعيات، هذا ويؤدي العنف إلى عجز جسدي طويل الأمد وحالات حمل غير مرغوب فيها وحالات سوء تغذية وآلام مزمنة، وقد تعرّض الكثيرون إلى العنف بعد اعتراض خفر السواحل الليبي لطريقهم في البحر أو بعد احتجازهم في مراكز الاحتجاز الليبية في مرحلة لاحقة".
وأضاف البيان: "ويبلغ الناجون أيضا عن معاناتهم من العنف خلال إجبارهم على العودة إلى ليبيا من قبل خفر السواحل الليبي، فبين 21 يونيو/ حزيران 2021 ومايو/ أيار 2022، سجلت فرقنا الطبية والإنسانية وقوع 95 حادث عنف أثناء إعادة الناجين بسبب الإجراءات التي يعتمدها خفر السواحل الليبي، وتمثلت أبرز وسائل العنف التي أُخبر عنها في الضرب بالأحزمة أو العصي الخشبية أو الحبال، والتهديد بالأسلحة وإطلاق النار، كما أبلغ الناجون عن إجبارهم على العودة إلى ليبيا بين مرة و7 مرات قبل أن تنقذهم سفينة جيو بارنتس. وأشار معظمهم إلى أنهم أُرسلوا إلى مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية بعد إعادتهم إلى ليبيا".
أشخاص أُعيدوا قسرا إلى ليبيا بعد هروبهم من أوطانهم
© Photo / doctor without borders organization
وأشار البيان: "تدير أطباء بلا حدود عمليات البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط للسنة السابعة على التوالي. وبينما تتنصل الدول من مسؤوليتها المتمثلة في وضع آلية استباقية للبحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط، تُركت أطباء بلا حدود وغيرها من السفن الإنسانية لتسد هذه الفجوة الخطيرة. إن تواجدنا في البحر المتوسط ما هو إلا نتيجة مباشرة لتهرب الدول الأوروبية بصورة مخزية ومتزايدة من المساهمة في ضم إمكانات إضافية بصورة استباقية إلى عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط".
هذا وتتجاهل الدول الساحلية كإيطاليا ومالطا بصورة ممنهجة واجباتها التي تقضي بتوفير الرعاية إلى القوارب التي تواجه الخطر، إذ لا تعتمد آليات بحث وإنقاذ موجّهة تقوم على مهمة واضحة هي إنقاذ حياة الناس في وسط البحر الأبيض المتوسط. عوضًا عن ذلك، تتعاون الدول الأوروبية مع خفر السواحل الليبي للقيام بدوريات في مناطق واسعة من البحر الأبيض المتوسط حتى أمست الاستجابة الأوروبية للأزمة في البحر المتوسط تركز بشكل أساسي على تعزيز قدرات خفر السواحل الليبي، وتقوم على دعم جهود إعادة المهاجرين بصورة قسرية إلى ليبيا، حيث ينتظرهم الاحتجاز والإساءة"، وفقا لبيان "أطباء بلا حدود".
وتابع البيان: "وفي ظل هذا كله، ينتاب "أطباء بلا حدود" استياء كبير من استمرار الكارثة الإنسانية وسط البحر المتوسط بسبب السياسات المعتمدة، فعلى الرغم من الأدلة القاطعة التي تثبت الأذى الذي تُلحقه السياسات الأوروبية الرامية إلى ردع المهاجرين، وعلى الرغم من الدعوات إلى التغيير التي أُطلقت على جميع المنصات الممكنة، تواصل المؤسسات والقيادات السياسية الأوروبية اعتماد السياسات المميتة بصورة ممنهجة".