بغداد - سبوتنيك. ورأى رئيس المركز العربي الأسترالي للدراسات الاستراتيجية، أحمد الياسري، أن الصفقة أو الاتفاقية بمثابة إنقاذ للعالم وتحديدا للدول التي دق فيها ناقوس خطر الأمن الغذائي والتي لا تمتلك موارد للطاقة تساعدها في تجاوز أزمة الغذاء عالميا.
وقال الياسري، لـ"سبوتنيك"، إن "صفقة الغذاء هي بمثابة صفقة إنقاذ للعالم أجمع، خصوصا للدول التي دق فيها ناقوس خطر الأمن الغذائي والدول التي تمتلك اقتصادات بسيطة والدول التي لا تمتلك موارد للطاقة، ولذلك هو مؤشر جيد وتحديدا من قبل روسيا".
وأضاف "صفقة الغذاء هي بادرة حسن نية من قبل روسيا التي وضعت نفسها من خلال هذا الاتفاق في موضع المقتدر الذي يمتلك الأوراق التي تستطيع من خلالها الضغط على دول المنظومة الغربية بدون الحاجة إلى إرباك منظومة الغذاء العالمي، وعلى ما يبدو أن روسيا اكتفت من حصد ثمار الحرب في أوكرانيا".
وتابع أن "روسيا بعثت من خلال هذا الموضوع عدة رسائل خاصة بعد القمة الثلاثية في طهران [بين رؤساء روسيا، وإيران، وتركيا]، والتي كانت قمة اقتصادية بامتياز وحلف يوازي الحلف الذي صنعه الرئيس الأمريكي في جدة".
وأضاف الياسري "روسيا تجد نفسها في موقع كسر طوق العزلة العالمية ولا زالت هي في موقع المبادرة وصناعتها".
القدرة الاقتصادية لروسيا
وأكد الياسري أن "صفقة الغذاء" أظهرت للعالم جزء من خفايا القدرة الروسية اقتصاديا إلى جانب قدرتها المعروفة على المستوى العسكري".
وقال إن "العالم لم يكن يدرك قدرات روسيا. العالم كان على يركز على روسيا التي تمتلك القدرة العسكرية والنووية فقط، أما بالنسبة للموضوع الاقتصادي لم تكن النظرة معروفة أو غائبة، ولم يكن أحد حتى على مستوى الخبراء والفلاسفة في العالم يعرف أن بوتين سيفاجئ العالم بموضوع الغذاء والتوقعات كانت محصورة بموضوع الغاز والطاقة".
وأوضح أنه "لذلك حاول بايدن أن يسرع بترتيب الأوراق مع إيران بمد خط أنابيب عبر تركيا ثم أجريت تفاهمات بعد ذلك مع قطر والجزائر بمد أنابيب عبر إيطاليا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، وهنا الحديث عن نظرة المجموعة الغربية لروسيا".
وتابع الياسري "هناك تحد لم ينظر إليه العالم أجمع وليس فقط المنظومة الغربية، النظام العالمي لم يدعم فكرة الأمن الغذائي وهذه هي المفاجئة الروسية وهذه هي الأوراق التي كان يخفيها الرئيس الروسي تحت الطاولة، وحينما دخل إلى أوكرانيا وتحدى العالم كان يدرك أن هناك أزمة غذائية كبيرة ستحدث، وأن هذا ممكن أن يحدث تحولا في مزاج الاصطفاف العالمي".
وبين أن "روسيا تحاول أن تستثمر العلاقة التجارية مع تركيا لجعلها طابور خامس في حلف الناتو [حلف شمال الأطلسي]، ولذلك في موضوع انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو كان الجميع يتوقع أن يكون الرد الروسي عسكريا، لكن الحقيقة كان الرد الروسي دبلوماسيا استخباريا وهو عبر اللعب بالورقة التركية، ولذلك تركيا تعتبر نفسها إلى جانب إيران جزء من الحضور الروسي في المنطقة وجزء أيضا من التحالف العسكري مع أميركا والناتو".
استقرار الأمن الغذائي
من جهته، رأى الخبير الاقتصادي العراقي، صفوان قصي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن "صفقة الغذاء" ستزيد من مستوى الاستقرار على مستوى الأمن الغذائي وربما تفتح نافذة لعقد اتفاقيات تشمل سلع أخرى إلى جانب الحبوب.
وقال قصي إنه "من الواضح أن عملية وجود اتفاق ساري من خلال الأمم المتحدة وبوساطة الجانب التركي سيسمح للقمح بالتدفق إلى الأسواق العالمية، وهذا يعني زيادة مستوى الاستقرار على مستوى الأمن الغذائي خاصة في الدول النامية وهبوط أسعار القمح حاليا".
وأضاف أنه "كلما تعزز هذا الاتفاق فإنه بالإمكان تنويعه وليس فقط القمح الأمر الذي سيسهم باستقرار الاقتصاد العالمي، وعلى تركيا أن تقوم بعملية توسيع دائرة التعاون لتشمل سلع أخرى حيث أن الاقتصاد الروسي ينتج البتروكيماويات وينتج أنواعا أخرى من السلع المؤثرة في الاقتصاد العالمي ولذلك عملية فتح نافذة للتبادل من خلال تركيا سيدعم موضوع زيادة مستوى الحوار بين روسيا وأوكرانيا يمكن من خلالها أن يتطور هذا الحوار إلى آلية لنهاية هذا الصراع".
وتابع أن:
"الاقتصاد الروسي اقتصاد مهم للعالم وعملية وجود نوافذ للتبادل التجاري بإشراف الأمم المتحدة ستسهم بدعم الاستقرار الاقتصادي العالمي خاصة أن الدول النامية لا تستطيع مواجهة هذا الانحسار المفاجئ للمواد الغذائية الواردة من أوكرانيا وروسيا وكذلك موضوع الغاز الروسي مهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي خاصة في فصل الشتاء".
وأوضح قصي "أنه، وحسب ما معلوم، فإنه لا نهاية للحرب في أوكرانيا حاليا، وروسيا دولة عملاقة وتمتلك ترسانة عسكرية لا يمكن أن تخرج من هذا الصراع مهزومة، وعلى العالم أن يدرك أن التفاوض مع الجانب الروسي وتجميد الصراع وفتح نافذة للدبلوماسية بقيادة تركيا والأمم المتحدة من الممكن أن تجعل نهاية لهذا الصراع".
وأكد أن "المتضرر الوحيد من هذا الصراع هو الاقتصاد العالمي، العلاقات التجارية يفترض أن تستمر العلاقات الاقتصادية الإنسانية يفترض أن تستمر ولا تتأثر بهذا الصراع، الولايات المتحدة الأميركية تدرك جيدا أن عملية عزل روسيا وشركائها عن المحيط العالمي سينعكس بالسلب على الاقتصاد العالمي، فالدول النامية لا تستطيع مواجهة هذا التحدي والعالم بالتأكيد يشهد معدلات تضخم لا نعلم نهايتها، ولو وضعت نهاية لهذا الصراع ممكن أن يتم التفاوض على شيء مهم".
ووقع ممثلو روسيا وأوكرانيا، الجمعة، بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على اتفاقية في تركيا تسمح لكييف باستئناف شحنها للحبوب من البحر الأسود إلى السوق العالمية.
وتوصل الأطراف المشاركة في المفاوضات التي جرت في إسطنبول إلى اتفاق مبدئي من شأنه أن يمكّن أوكرانيا من تصدير 22 مليون طن من الحبوب والمنتجات الزراعية الضرورية الأخرى والتي كانت عالقة في موانئ أوكرانيا على البحر الأسود.
وتتهم روسيا سلطات كييف بزرع الألغام في البحر الأسود، ما يعيق حركة سفن الشحن؛ موضحة أن أوكرانيا حرقت عمداً مخازن للحبوب في ميناء ماريوبول بجمهورية دونيتسك (عندما كانت تسيطر عليه)، بغية اتهام موسكو بتعمد استهداف المرفأ.