بعد أيام فقط من تنفس الأوروبيين الصعداء عندما أعلنت شركة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" أنها ستستأنف الإمدادات عبر خط أنابيب "التيار الشمالي"، أعلنت بعد ذلك يوم الاثنين أن التدفقات ستنخفض مرة أخرى لأعمال الصيانة.
قالت شركة "غازبروم" إنها ستخفض التدفقات بشكل أكبر عبر خط أنابيب "التيار الشمالي". ابتداء من اليوم الأربعاء، سيعمل خط الأنابيب بنسبة 20% فقط من طاقته نظرا لعمليات صيانة التوربينات.
وصباح اليوم، أكدت الشركة الألمانية المشغلة لشبكة نقل الغاز "غاسكاد"، انخفاض إمدادات الغاز عبر أنابيب "التيار الشمالي" إلى نحو 1.28 مليون متر مكعب، أي نحو 20% من سعة خط أنابيب الغاز.
يضع ذلك أوروبا في موقف صعب حيث تكافح مع التضخم المتفشي والأزمة في أوكرانيا وسلسلة التوريد المضطربة بالفعل في أعقاب جائحة "كوفيد-19"، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".
ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة ومحرك تقليدي للنمو، لديها سبب خاص يدعو للقلق، حيث تعتمد إلى حد كبير على الغاز الروسي وبدأت المؤشرات تنذر بأنها تنزلق بالفعل نحو الركود.
الحكومة قلقة بشكل خاص بشأن كيفية إبقاء الأضواء مضاءة خلال فصل الشتاء، قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك مساء الاثنين: "لدينا وضع خطير، لقد حان الوقت لكي يفهم الجميع ذلك".
تلقت المنطقة في السابق نحو 45% من إمداداتها السنوية من روسيا، فيما تحاول يائسة البحث عن بدائل، مثل الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، فإنها لا تستطيع استبدال الهيدروكربونات الروسية بالسرعة الكافية، وفقا للتقرير.
ما لم يتغير الوضع بشكل كبير، يتوقع المحللون شتاء صعبا مقبلا للقارة. وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس" في تقرير يوم الأحد: "تدفع تكاليف الطاقة المرتفعة أوروبا الغربية نحو الركود".
ستؤدي أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء المرتفعة بشكل استثنائي إلى الإضرار بالقدرة التنافسية الصناعية في ألمانيا ومراكز التصنيع الأخرى. وتوقعت تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في منطقة اليورو من 5.4% في 2021 إلى 2.5% في 2022 و1.2% في 2023، قبل أن يتحسن إلى 2.0% في 2024.
قال الاقتصاديون والاستراتيجيون في مصرف "سيتي" في مذكرة يوم الثلاثاء إن احتمالية حدوث ركود في أوروبا تبدو "واضحة"، حيث من المحتمل أن يكون خفض تدفق الغاز مرة أخرى "نتيجة دفع أوروبا إلى ركود أعمق".
مع الاتفاق على خطط تقنين الطاقة لفصل الشتاء، نتوقع أن تؤدي الظروف المالية الأكثر تشددا في أوروبا إلى رد فعل أسوأ بكثير في الاقتصاد الحقيقي، نظرا للموقف في المدخرات والرافعة المالية الأسرية والميزانيات العمومية للشركات.
فيما قال محللو مصرف "دويتشه بنك" الألماني في مذكرة: "إنه أمر محير بعض الشيء بشأن ما إذا كان هذا سيكون تقييدا قصيرا للإمداد لحين تشغيل التوربينات الجاري صيانتها أو ما إذا كانت الأعمال الورقية لن يتم حلها مطلقا، وسنعيش مع 20% فقط من الإمدادات لفترة طويلة".
استبعد المحللون معالجة الأمر سريعا، قائلين إنه يبدو أن "السياسة الروسية ستكون مسيطرة هنا في الوقت الحالي". أشار تقرير "سي إن بي سي" إلى العقوبات الغربية على موسكو كأحد أسباب تعمق أزمة الطاقة والخلاف بين الطرفين.
يعتقد الاستراتيجيون أنه مع وصول تدفقات خط الأنابيب إلى سعة 40%، يمكن لألمانيا أن تعبر الشتاء حتى لو كانت هناك حاجة إلى بعض التقنين الخفيف.
لكنهم قالوا: "عند (مستوى) 20%، من المحتمل أن تحتاج إلى بعض التقنين الملحوظ ما لم يخفضوا صادرات الغاز وهو أمر حساس للغاية على الصعيد السياسي".
في غضون ذلك، فإن التخفيض المحتمل بنسبة 15% في الاستهلاك الذي وافقت عليه جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للتو قد يكون صعب التطبيق في الواقع، بحسب المحللين.