هل تتفق أطراف الصراع في اليمن على تمديد الهدنة وبدء مفاوضات إنهاء الحرب؟

منظر من صنعاء، اليمن
لم يتبق سوى ساعات وتنتهي الهدنة التي تم تمديدها للمرة الثانية بداية شهر يونيو/حزيران الماضي، في ظل ترقب لتمديدها لستة أشهر جديدة، في ظل شروط من جماعة "أنصار الله" بضرورة تنفيذ شروطها والوصول لعملية سياسية شاملة بنهايتها.
Sputnik
هل تتفق أطراف الصراع على تمديد الهدنة وبدء الحوار الشامل لإنهاء الحرب في اليمن؟
بداية يقول رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية وعضو مشاورات الرياض، عبد الكريم سالم السعدي: "الحقيقة أن الهدنة بحد ذاتها تأتي في سياق إتاحة الفرصة للمباحثات التي تجري على مستويات مختلفة واتجاهات متنوعة وبين أطراف متعددة دولية وإقليمية ومحلية للوصول إلى توافقات واتفاقات، وبالتالي الوصول إلى قناعة بضرورة إيقاف الحرب في اليمن".
أداة ضغط
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "ومع ذلك فإن تعدد دعوات الهدنة وتتابع الفترات الزمنية لها واختزال مددها، كل تلك مؤشرات تؤكد أن الهدنة تعاني صعوبات، وأنها تحولت إلى أداة ضغط تستخدمها أطراف ضد أخرى، وتم إفراغها من مضمونها الإنساني وفقدت رسالتها الإيجابية على هذا المستوى".
أخطاء متتابعة
وتابع السعدي: "أما الهدنة وهل ستؤدي إلى عملية سياسية وبالتالي إلى سلام دائم في اليمن، فهذا فيه وجهة نظر، فكما تعلمون فإن أي فعل يُبنى على خطأ فنتيجته لن تكون إلا صدى لذلك الخطأ، وماحدث ويحدث من خطوات منذ انتزاع شرعية الرئيس هادي من خلال مشاورات الرياض الصورية وإلى اللحظة، هي عبارة عن أخطاء متتابعة تفرضها مصالح الإقليم ورعاته وقدمتها على مصالح اليمن واليمنيين".
"أنصار الله" تعلن وصول وفد عماني للتشاور مع قيادتها حول تمديد الهدنة في اليمن
تجهيز الساحة
وأشار رئيس تجمع القوى المدنية إلى أن "مشاورات الرياض التي أدت إلى إزاحة الرئيس الشرعي وجاءت بمجلس قيادة حشرت اليمن بكل قواه السياسية والاجتماعية والوطنية خلف مجموعة مليشيات ومكونات صنعتها أطراف الإقليم تلك، لخدمة أهدافها وتحقيق مصالحها ورصّتها في إطار مجلس قيادة في خطوة يُراد من خلالها تأهيل مكونات هذا المجلس الخادم لمصالح أطراف الإقليم تلك، لخوض العملية السياسية أمام جماعة الحوثي التي ايضا تدين بالولاء لغير اليمن في المقام الأول".
وأوضح السعدي: "بهذا الخليط من الأخطاء وخطوات المصادرة للحق الوطني اليمني وحق المشاركة في وضع أسس لأي حوار، نجد أنفسنا نمضي إلى دعوات سلام بأدوات محلية ذات ولاء إقليمي في المقام الأول، وهو ما أعتقد إنه سيعمل على تقويض أي عملية سياسية وأي دعوات للسلام في اليمن، وأعتقد أن 8 سنوات حرب ودمار وقتل وانتهاك لكل القوانين الدولية والإنسانية كافية لتعرف أطراف الإقليم الفاعلة في تحالف التدخل في اليمن، ولتعرف أيضا الأطراف الراعية والمُسيرة لهذه الأطراف الإقليمية الممثلة في أمريكا ومعها بريطانيا، بأن الحل في اليمن لا يمكن له أن يأتي من خلال أدوات صنعتها تلك الأطراف وحمُلتها أسفار مصالحها في اليمن واشترت ولاءها".
القوى الوطنية
ولفت السعدي إلى أنه "إذا أردنا الحل في اليمن بجدية وموضوعية، فإن الحل سيأتي من خلال منح القوى الوطنية اليمنية حق التواجد الندي والايجابي في العملية السياسية اليمنية، وإنهاء حالة الحرب والإقصاء ضدها، ووضع حد لسياسة صناعة الأوصياء على القرار اليمني، وإنهاء حالة الملشنة "الميليشيات" التي صنعتها الأطراف الإقليمية على الساحة، وتحاول كل يوم أن تسوقها لتمكنها من القرار اليمني ليصبح اليمن بالادوات الإقليمية مجرد حديقة خلفية لتلك الأطراف".
رد صنعاء
في المقابل، يرى عضو مجلس الشورى في العاصمة اليمنية صنعاء، بليغ الشامي، أن "الوصول إلى حالة من السلام الشامل هو ما تصبو إليه حكومة صنعاء رغم عدم التزام التحالف بتنفيذ شروط الاتفاق السابق للهدنة، مثل عدد الرحلات وفتح الرحلات لمصر وعدد سفن الوقود، وكذلك الخروقات في الجبهات، والتي كان آخرها قبل ساعات قليلة في صعده، حيث قامت مدفعية الجيش السعودي بقصف قرى محاذية لها".
وأكد في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "حكومة صنعاء قدمت الكثير من التنازلات لأجل لراحة شعبها، مثل خروج الرحلات للأردن للحالات الإنسانية ودخول بعض الوقود، لكن هذا لن يدوم إذا استمر التعنت السعودي والصبر سينفذ، وسنجبرها على تنفيذ الشروط بطرقتنا، أو بالطريقة التي تفهمها دول العدوان".
وأشار الشامي إلى أنه "في حال عدم استمرار الهدنة ستكون الضربات في العمق لدول العدوان، وفي الأماكن الاستراتيجية المؤثرة عليها".
وأكد رئيس حكومة الإنقاذ التابعة لجماعة "أنصار الله" في صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، أن "المجلس السياسي الأعلى والحكومة لن يقبلا بأي هدنة إذا لم ترتبط بإنجاز ملموس آخر غير ما تم خلال الأشهر الماضية".
وأوضح بن حبتور، في تصريحات مع قناة "المسيرة" أن "توفير المرتبات المتوقفة منذ 7 سنوات وفتح مطار صنعاء إلى أكثر من وجهة سفر مدخل نجاح أي اتفاق على هدنة مقبلة".
وقال: "وافقنا على الهدنة في إطار الرفع التدريجي للحصار"، مضيفا: "إذا لم تكن الهدنة مرتبطة بتحقيق مصالح مباشرة للمواطنين فلا حاجة لنا فيها".
الحكومة اليمنية: ما يقوم به الحوثيون منذ إعلان الهدنة لا يوحي بنوايا حقيقية للسلام
وأعلنت جماعة "أنصار الله"، في وقت سابق اليوم، جاهزيتها للخيارات كافة، بما فيها استئناف القتال، حال عدم موافقة التحالف العربي بقيادة السعودية على اشتراطات الجماعة لتمديد هدنة الأمم المتحدة التي ينتهي أمدها غدا.
جاء ذلك على لسان الناطق باسم القوات المسلحة لجماعة "أنصار الله"، العميد يحيى سريع، في مقطع فيديو عبر "تويتر"، أثناء حفل نظمته المنطقة العسكرية المركزية التابعة للجماعة، بمناسبة تخرج أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل.
وقال سريع: "نقدم رسالتنا إلى العدو (التحالف العربي)، إذا أراد السلام فقد قدم الوفد المفاوض ما فيه الكفاية وزيادة، وإن أراد الحرب والاستمرار فيها فنحن جاهزون وأهلها وحاضرون في كل الميادين والجبهات، وما هذه الدفعة التي تتخرج إلا خير دليل وشاهد على ذلك".
وتشترط الجماعة، لتمديد الهدنة الأممية، التزام الحكومة اليمنية والأمم المتحدة بصرف رواتب الموظفين الحكوميين كافة في مناطق سيطرة الجماعة، بموجب اتفاق السويد الذي تم التوصل إليه أواخر 2018.
ويشهد اليمن منذ نحو 8 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى.
وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40 % منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
مناقشة