وتشهد الكويت منذ سنوات صداما مستمرا بين مجلس الأمة وبين أطراف من الحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة، وزادت حدة التوتر مؤخرا على وقع استقالة الحكومة، وتبعها قرار حل البرلمان.
وأعلن ولي العهد الكويتي، مشعل الأحمد الجابر الصباح، في شهر يونيو/ حزيران الماضي حل مجلس الأمة، والدعوة إلى انتخابات عامة، في ظل استمرار الأزمة السياسية القائمة في البلاد.
وأكد مراقبون أن تعيين الحكومة الجديدة لا يعني انتهاء الأزمة السياسية أو بداية الحل، باعتبار أنها حكومة مؤقتة، وأن مسببات الأزمة السياسية لا تزال قائمة، متوقعين أزمات أخرى أكثر حدة في المستقبل.
أزمة مستمرة
اعتبر الدكتور مبارك محمد الهاجري، الخبير السياسي الكويتي، أن الأزمات السياسية في البلاد هي جزء من الحياة البرلمانية، ومر الكويت بالكثير منها منذ عام 1962 وحتى الآن، فيما تم حل الكثير من البرلمان نتيجة هذه الأزمات السياسية، إلا أنها وصلت اليوم لذروتها، ما دفع القيادة السياسية للعودة إلى الشارع مجددًا من أجل استدامة الحياة البرلمانية في الكويت.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون نتائجها مهمة، وتحت المجهر الشعبي، فهناك الكثير من عمليات الإصلاح الاقتصادي والتعليمي والصحي والسياسي تنتظر البرلمان المقبل وكذلك الحكومة الجديدة.
ويرى الهاجري أن: "الأزمة السياسة لا تزال موجودة، بسبب العبث في بيئة الحياة السياسية في الكويت، فالفساد لا يزال ينخر في أجزاء من مؤسسات المجتمع المدني، وهناك تعيينات بناء على المحسوبيات والعلاقات ومبدأ صلة القرابة والقبلية والطائفية، بدلًا من الاعتماد على عنصر الكفاءة، وهو أساس بناء أي مؤسسات في المجتمع".
وتابع: "برغم حل البرلمان بيئة التأزييم لا تزال موجودة، ومناخ الفساد ما زال يعم البلاد، ولا يتوقع أحد تغييرًا كبيرًا في ممثلين مجلس الأمة، لأن البيئة الشعبية سيطر عليها الفساد منذ سنوات طويلة، وباتت تعتمد على القبلية والعصبية والمحسوبيات".
وأكد أن مخرجات هذه البيئة لا بد وأن تعكس صورة الفساد الذي يعيش فيه الكويت منذ سنوات، مشيرًا إلى أن الأزمات السياسية موجودة وستظل موجودة في المستقبل، مع كل مجلس وكل حكومة.
انتخابات مقبلة
بدوره قال عبدالعزيز سلطان، المحلل السياسي الكويتي، أن الحكومة الكويتية الجديدة هي حكومة مؤقتة انتقالية، تتكون من 12 وزيرًا لا يمثلون أي حصص أو قوى سياسية، تم تعيينها من أجل تسيير المشهد السياسي، حتى تشكيل مجلس الأمة القادم، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة تقع على عاتقها حل المشاكل والأزمات القائمة.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن الأزمة السياسية في الكويت مستمرة، ولن تنتهي بهذه الطريقة، لا سيما وأن الانتخابات القادمة ستجرى بدون تعديلات على قوانين الانتخاب، وبدون مراسيم ضرورية لربط ميزانية الوزارات والإدارات الحكومي، ما يعني أن الوضع سيبقى كما هو، وأن كتلة المعارضة وكتلة مرزوق الغانم ستنجحان مجددًا، وبنسب متقاربة.
ويرى سلطان أن عدم اللجوء إلى هذه المراسيم يعني أن المال السياسي سيلعب دورًا كبيرًا في الانتخابات القادمة في شراء الأصوات، لا سيما وأن الخطاب الملكي نبه لرفض الفرعيات والتشاوريات بين القبائل والأحزاب، ما يؤشر لمنافسة كبيرة.
وتابع: "القواعد الشعبية الانتخابية لغالبية النواب المحسوبين على مرزوق الغانم قوية جدًا، حيث سجلت أصواتًا كبيرة منذ عام 2016 وحتى الآن، ومن المتوقع أن يعود مرزوق الغانم لرئاسة مجلس الأمة، في حال نجح الأعضاء الموالين له بالنسبة المطلوبة".
وقال إن نتائج الانتخابات القادمة سوف تكشف الاتجاه والمسار السياسي لحكومة الكويت القادمة، لكن في حال نجحت نفس الكتل، ستظل الاستجوابات قائمة، والأزمات السياسية مستمرة.
ووفقا لوسائل إعلام كويتية فإن ولي العهد الكويتي، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وصف أثناء استقباله الحكومة الكويتية لأداء اليمين الدستورية صباح اليوم، الثلاثاء، المرحلة الحالية بأنها هامة وتتطلب "العمل بروح الفريق الواحد لتسريع عملية التنمية".
وقال: "إنكم أمام مسؤوليات كبيرة وأمانة عظيمة حملتموها تجاه الوطن والمواطنين والتي أنتم أهل لها لا سيما في هذه المرحلة الهامة التي تتطلب مضاعفة الجهود والعطاء والعمل بروح الفريق الواحد لتسريع عملية التنمية والبناء في البلاد".
كما شدد ولي العهد على ضرورة "العمل على تحقيق الطموحات التي يتطلع إليها الجميع وتجسيد احترام الدستور والقانون والأنظمة والعمل على تلمس وحل مشاكل المواطنين التي يواجهونها في الوزارات والدوائر الحكومية".
ويعد هذا أول حل للبرلمان في عهد أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي تولى الحكم في سبتمبر/ أيلول 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح. وكانت آخر مرة تم حل البرلمان فيها عام 2016.
وكانت المعارضة الكويتية عزّزت موقعها في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2020 بفوز 24 نائبا محسوبا عليها بمقاعد في مجلس الأمة المؤلف من 50 مقعدا.