رغم مرور كل تلك السنوات لا تزال هناك أسئلة تبحث عن إجابات منطقية؛ ما الأسباب الحقيقية التي دفعت صدام لغزو الكويت؛ هل لعبت أمريكا دورا في خداع العراق للسيطرة على المنطقة؟
بداية علق على تلك الذكرى، أمين سر الجبهة الوطنية العراقية، الدكتور خالد النعيمي، بقوله: "عندما نستذكر يوم الثاني من أغسطس/ آب 1990 وأسباب ودوافع دخول القوات العراقية إلى الكويت، لا بد من العودة إلى حقبة ماضية ليس من بينها الجذور التاريخية بأن الكويت كانت جزء من العراق وتم استقطاعها بقرار من المستعمر البريطاني".
وأضاف أن الكويت ظلت بعد ذلك "موضوع نزاع وخلاف منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في العهد الملكي، ومطالبات الملك غازي ونوري السعيد إلى العهد الجمهوري وقرار عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء، باعتبارها قضاء تابع للواء البصرة، ثم قيام الرئيس الراحل صدام حسين باحتلالها وضمها إلى العراق".
الحرب العراقية - الإيرانية
وتابع النعيمي: "على ما يبدو أن وقف الحرب بين العراق وإيران في 8/ 8/ 1988 وبالنتيجة التي انتهت إليها، وإعلان الخميني قبوله بقرار مجلس الأمن الداعي لوقف الحرب كمن يتجرع كأس السم، لم ترق لأمريكا وحليفتها إسرائيل، لأن قوة العراق قد تكون مصدر تهديد لهم ولمصالحهم في المنطقة فلجؤوا إلى ممارسة ضغوط اقتصادية وحرب إعلامية وعمل استخباري منظم، لزعزعة الوضع الداخلي".
وأضاف أن أبرز هذه الضغوط كان تخفيض أسعار النفط من خلال زيادة المعروض والمطالبة بالديون المترتبة بذمة العراق، ولا يزال الكويتيون يتذكرون المحاولة الإجرامية الغادرة لاغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد، وكان رئيس هذه المجموعة أبو مهدي المهندس، الذي أصبح أحد القادة الحاكمين في العراق بعد الاحتلال، والذي قتل في الغارة الأمريكية التي استهدفت قاسم سليماني قائد فيلق القدس قرب مطار بغداد.
وأكد النعيمي: "نعتبر ما حدث في الثاني من أغسطس 1990 كارثة حقيقية أصابت العراق والكويت والدول العربية، وأن ما يحدث الآن في العالم العربي جزء من تداعيات ذلك الحدث الذي تم التخطيط له وحبكة من قبل دوائر الاستخبارات الأمريكية والغربية، وتم استدراج العراق إلى فخ محكم لا قدرة له للخروج منه".
وأردف: "حتى عندما كان يقبل ببعض المبادرات السلمية للخروج من هذا المأزق واستبعاد الحرب، وكان آخرها المبادرة التي قام بها الرئيس السوفيتي غورباتشوف، عندما اتفق مع السيد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في موسكو على البدء بالسحب الفوري للقطاعات العراقية من الكويت مقابل عدم التعرض للقطاعات العراقية المنسحبة".
واستطرد: "لكن الذي حدث هو تنصل جورج بوش الأب من الاتفاق وإعلانه عدم القبول به والبدء بضرب القوات العراقية المنسحبة بواسطة الطيران، وكانت عبارة عن مجزرة لا تمت لأخلاق وقواعد الحرب بأي شكل من الأشكال، ليصبح طريق "العبدلي- صفوان البصرة" طريق الموت الحقيقي وتحرق الجثث مع الآليات مدنيين وعسكريين بدون رحمه".
حرب اقتصادية
أما الممثل الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، الدكتور خضير المرشدي، أحد شهود العيان، فيقول: "رغم الأذى الذي ألحق بالعراق بسبب إغراق السوق العالمي بالنفط ما أدى إلى انخفاض أسعاره بشكل كبير، وانعكس سلبا على الوضع الاقتصادي السيء في العراق، بسبب تصديه للحرب التي شنتها إيران ضده لثمان سنوات، استطاع من خلالها أن يحمي دول الخليج ومنها الكويت، تحلى العراق بالصبر وسعى خلال سنة كاملة منذ مؤتمر القمة العربية في بغداد عام 1989 أن يجد حلا لهذه المعضلة ويضع حدا للحرب الاقتصادية ضده".
وأضاف أن الرئيس الراحل صدام حسين أطلق أثناء القمة وفي كلمته الختامية تعليقا على هذا الموضوع (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)، فيما كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تعد العدة لاحتلال العراق وتدميره بدليل قيام قائد القوات الأمريكية المشتركة بزيارة الكويت عام 1989 وإجراء تمارين ميدانية لقواته.
مؤامرة أمريكية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "رغم محاولات العراق لحل الخلاف وإنهاء الأزمة عربيا، إلا أن أمريكا فرضت على الجامعة العربية ودول الخليج بقبول مجيء القوات الأمريكية لتحرير العراق الذي كان يدافع عن أمنه الوطني وحماية اقتصاده الذي أوشك على الانهيار بسبب مؤامرة أمريكية، وتم العدوان على العراق وتدميره ومن ثم حصاره واحتلاله وتدمير دولته، إلى أن أصبح على حافة الهاوية".
وأكد ممثل البعث أن "الرئيس صدام حسين لم يخدع وإنما دافع عن سيادة بلده واستقلاله السياسي والاقتصادي وعن مصالح شعبه، ودفع بذلك العراق ثمنا باهضا ولا زال يسير من سيء إلى أسوأ".
بدوره قال مسؤول المكتب السياسي للبديل الثوري للتغيير في العراق، علي عزيز أمين: "الجميع يظن أن يوم الثاني من أغسطس عام 1990 ودخول العراق إلى الكويت كان قرارا اتخذه الرئيس الراحل صدام حسين ليغزو الكويت طمعا بها، والبعض يعتقد أن أمريكا من ورطت أو دفعت الراحل لهذا القرار، وهنا نود التنويه بأن جميع الناس عادة ما يحاسبون على ردة الفعل متناسين الفعل الأساسي الذي أدى إلى تلك الردة والتي أحيانا قد تتسم بالعنف والمبالغة".
وتابع أمين أن أمريكا بدأت التخطيط لتدمير العراق منذ ثمانينات القرن الماضي، مضيفا أن هناك نقطة هامة جدا في الأمر وهى القضية الفلسطينية التي تمثل القضية المركزية للأمة العربية والتي تعرضت لضربة قوية بل وقاصمة، حيث أن انشغال العراق بموضوع الكويت وما تلاه من حصار وغزو، أبعد العراق مضطرا عن هذا الهدف المحوري.
الغزو العراقي للكويت هو هجوم شنه الجيش العراقي على الكويت في 2 أغسطسب 1990 واستغرقت العملية العسكرية يومان وانتهت باستيلاء القوات العراقية على كامل الأراضي الكويتية في 4 أغسطس.
ثم شكلت حكومة صورية برئاسة العقيد علاء حسين خلال تحت اسم جمهورية الكويت، ثم أعلنت الحكومة العراقية يوم 9 أغسطس 1990، ضم الكويت للعراق وإلغاء جميع السفارات الدولية في الكويت.
واستمر الغزو العراقي للكويت فترة 7 شهور، انتهى بتحرير الكويت في 26 فبراير/ شباط عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية.