وكانت إسبانيا تحتل المرتبة الأولى من حيث واردات الغاز الجزائري، لكنها تراجعت إلى المرتبة الثالثة في الوقت الراهن، بعد التوترات التي ترتبت على موقف مدريد من الصحراء الغربية الأخير، والتي أيدت فيها الطرح المغربي الخاص بالحكم الذاتي.
وبلغت نسبة الغاز الجزائري المصدر إلى إسبانيا خلال الأشهر السبعة المنقضية، ما يعادل 24.5 %، مقابل ما نسبته 48 % العام الماضي، وهو ما يشير إلى انخفاض يقارب 50%، في حين أن الكميات المتبقية يتم توجيهها لإيطاليا، وفق "الشروق" الجزائرية.
وكانت إسبانيا تحصل على كميات إضافية من الغاز أعلى من الكميات المتفق عليها ضمن اتفاقيات موقعة، والتي تقدر بنحو 8 مليار متر مكعب سنويا، في حين أنها كانت تحصل على ما يقارب من ضعف الرقم، عبر أنبوب "ميدغاز" الرابط بين الجزائر وإسبانيا مباشرة، بقدرة تناهز 10 ملايين متر مكعب من الغاز، إضافة إلى أنبوب ثان هو أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي المتوقف منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
من ناحيته قال نائب رئيس المجلس الوطني الشعبي الجزائري، بوثلجة علال، إن الجزائر ملتزمة بالاتفاقيات المبرمة مع إسبانيا، فيما يخص الكميات الواجب تصديرها.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الأرقام تتحدث عن انخفاض الكميات إلى النصف، في حين أن شركة "سوناطراك" لم تصدر أي بيانات بهذا الشأن، كما هو الحال بالنسبة للحكومتين، لم يصدر عنهما أي تعليق أو بيان بشأن الكميات المصدرة.
ولفت إلى أن إسبانيا كانت تستفيد بكميات أكبر من المدرجة في الاتفاقيات الثنائية، إضافة إلى السعر التفاضلي.
عن مدى تأثير خفض الكميات المصدرة لإسبانيا على الوضع الاقتصادي لمدريد، يرى علال أن فارق الأسعار الذي كانت تستفيد منه الخزينة الإسبانية، إضافة لتكلفة إعادة الغاز المسال لوضعه وكلفة النقل يمكن أن توضح مدى التأثير الذي جنته إسبانيا نتيجة موقفها من الصحراء الغربية.
ولفت إلى أن الجزائر تحول الكميات المسترجعة إلى إيطاليا، خاصة أنها لا تساوم على مواقفها السياسية المشتركة مع الجزائر، حسب قوله.
وشدد على أن الجزائر لا تساوم على قرارتها، وأن كل الأوراق الدبلوماسية والاقتصادية من حق الجزائر استخدامها لفرض الاحترام في التعاملات.
فيما قال الدكتور عمر هارون، الباحث الاستراتيجي الجزائري، إن تراجع الكميات المصدرة لإسبانيا ليست نتيجة للإخلال بالاتفاقيات الموقعة بين الجزائر وإسبانيا، بل نظرا لتراجع حصص إسبانيا من الكميات الإضافية التي كانت تورد عبر ناقلات عملاقة إليها، والتي تم تحويل أغلبها إلى إيطاليا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الشراكة مع إيطاليا لم تقتصر على الغاز، حيث وقعت مؤخرا 16 اتفاقية بين البلدين، إضافة لتوقيع اتفاق بين "سوناطراك" و"إيني واكسيدونتال"و"توتال" بـ 4 مليار دولار لتطوير واستكشاف آبار جديدة.
ويرى أن العلاقات الجزائرية الإيطالية اكتست بعدا استراتيجيا، مما جعل الجزائر تميل لروما في جعلها نقطة انطلاق غازها نحو أوروبا.
ويرى أن توتر العلاقات الجزائرية-الإسبانية مرتبط بحكومة سانشاز، بسبب مواقفها من قضية الصحراء الغربية المخالف للمواثيق والقرارات الأممية، في حين أن الجزائر لم تخل بالكميات المتعاقد عليها والتي تبقى في حدود 8 مليار متر مكعب سنويا.
وأشار هارون إلى أن ما يهم الجزائر هو تحقيق مصالحها الاقتصادية دون أن يؤثر ذلك على مبادئها، خاصة فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
وشدد على أن بلاده لا تخل بالتزاماتها التعاقدية التي تضمن الأمن الطاقوي لأوروبا، بما يفوق 40 مليار متر مكعب سنويا.
وتزود الجزائر إيطاليا حاليا بـ13.9 مليار متر مكعب منذ مطلع السنة الجارية، متجاوزة بذلك الحجم المتوقع بـ113 %، كما تعتزم إمداد إيطاليا قبل نهاية سنة 2022 بـ6 مليار متر مكعب إضافية من الغاز الجزائري، وفق وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
وعلقت الجزائر" معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمتها عام 2002 مع إسبانيا، بعد تغيير مدريد موقفها بشأن الصحراء الغربية.