ويرى مراقبون أن هذه المواجهة والتي تعد الأولى بين الانتقالي والإصلاح بشكل مباشر، ربما لا تنتهي قبل أن يحقق أحد أطرافها النصر كاملا على الآخر، نظرا للتضاد الكامل بين الطرفين من حيث التوجهات السياسية.
كما أن هناك رواسب تاريخية لم تنسى، وقد يترك الجانبان في هذا الصراع حتى تنهك قواهم وهما من يمتلكان القوة العسكرية الآن في المحافظات المنسوبة للشرعية، ما يعني أن صراعا ربما يكون طويل الأمد نشأن قبل التوافق مع أنصار الله على أي سيناريو قادم للتسوية.
فمتى تنتهي المواجهة بين الانتقالي والإصلاح؟
بداية قال رئيس اللجنة السياسية في مجلس الحراك الثوري الجنوبي باليمن، الدكتور محمد عبد الهادي، إن المعارك التي جرت الأسبوع الماضي داخل محافظة شبوة ضد المتمردين، حققت فيها قوات العمالقة انتصارات كبرى وسيطرت على مدينة "عتق" عاصمة المحافظة، ودخلت المعسكرات التي بدأ منها التمرد الذي قاد جزء كبير منه منسوبين لحزب التجمع اليمني للإصلاح.
تداعيات التمرد
وأضاف عبد الهادي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مشاركة عناصر من حزب الإصلاح أكده بيان الحزب الذي صدر عقب تلك المعارك، ومن الواقع على الأرض أن التمرد قد تم حسمه داخل شبوة، وما يجري الآن هو من تداعيات هذا التمرد، حيث بارك عملية السيطرة المجلس الرئاسي الانتقالي في اليمن وأوفد لجنة تحقيق وتسيطر الآن قوات العمالقة وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تناصرها على المحافظة.
وأشار عبد الهادي إلى أن محافظ شبوة عوض بن الوزير استبق تلك الأحداث بعدد من القرارات، منها إقالة قائد أو مدير أمن شبوة، كما أن عملية الحسم السريع التي قامت بها قوات العمالقة والانتقالي وفرت الكثير من الدماء التي كان من الممكن أن تحدث.
وأوضح رئيس اللجنة السياسية أن السيناريوهات التي طرح بعضها للمرحلة القادمة من بينها قرارين بتغيير قائدي المنطقة العسكرية الأولى والثانية، ويعتقد أن الأوضاع التي حدثت في شبوة يمكن أن تحدث في مدينة "سيئون" عاصمة محافظة حضرموت، وقد يكون هذا أحد الأسباب الرئيسية لإضعاف جبهة مأرب.
تكسير عظام
من جانبه يقول المحلل السياسي اليمني، أبو محمد جحنون، إن الصراع المشتعل الآن بين قوات الإصلاح وقوات المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي، لن يهدأ في القريب العاجل أو أن تجلس الأطراف على طاولة واحدة، لأن منطقة حضرموت "هي خزان تمويل منتسبي الإصلاح- الإخوان"، حيث تجري حاليا محاصرة الحقول النفطية في مدينة "سيئون" عاصمة حضرموت من قبل قوات الشرعية وقوات دفاع شبوة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المعركة الحالية هي معركة "تكسير عظام بين الشرعية ومتمردي الإصلاح"، حيث يتخلى الإصلاح عن منابع النفط بكل سهولة والانتقالي والعمالقة يرون أن وجودهم في مناطق النفط يؤثر على المجلس وشعبيته.
وتابع جحنون، يمكن أن تجري مفاوضات بين الإصلاح وجانب الشرعية والانتقالي في حالة واحدة، وهى بسحب ألوية المنطقة العسكرية الأولى في سيؤون إلى أي جبهة من جبهات الشرعية، وهذا يحدث في حال تدخل التحالف وإقناع الإصلاح بأي مكاسب أخرى بخلاف حضرموت، أما دون ذلك فلا أعتقد أنه سيكون هناك وقف للاشتباكات.
وأشار المحلل السياسي إلى أن المواجهات الحالية تعد الأولى بشكل مباشر بين الإصلاح والشرعية منذ بدء الحرب، حيث أن الإصلاح هنا يتواجد في المعركة بصفته متمرد على قرارات الشرعية، بينما الانتقالي بصفته منفذ لقرارات الشرعية.
عوامل خارجية
وأكد جحنون أن المعارك الحالية في ضواحي شبوة وحضرموت لا تخضع فقط للمعطيات الداخلية وموازين القوى بين الأطراف المتحاربة، إنما هناك عوامل خارجية تتدخل في المعركة، والتأثير الخارجي أكثر من التأثير الداخلي، والمعركة هى تكسير عظام حول حقول النفط في محافظتي شبوة وحضرموت.
وأردف: "على سبيل المثال تم تطهير المدن من عناصر الإصلاح، لكن لازال الإصلاح يسيطر على حقول النفط، وهناك سيناريو يمكن أن يتحقق إذا ما اتفقت كل دول الخليج بلا استثناء على القضاء الإصلاح أو جماعة الإخوان في اليمن، هذا ليس بالأمر الصعب رغم أنه يتطلب قوة عسكرية كبيرة لكنه لن يكون مستحيل".
وأعلن مجلس القيادة الرئاسي اليمني،الأسبوع الماضي، إقالة عدد من القيادات العسكرية والأمنية في محافظة شبوة، شرقي البلاد، على خلفية الاشتباكات الدامية التي اندلعت الليلة الماضية في مدينة عتق مركز المحافظة.
في الأسبوع الماضي، أحكمت "ألوية العمالقة" و"قوات دفاع شبوة"، السيطرة على مدينة عتق، بعد 3 أيام من الاقتتال مع الجيش اليمني وقوات الأمن الخاصة، بعد رفض قائد قوات الأمن الخاصة قرارا بإقالته، ما دفع المحافظ إلى توجيه القوات الموالية له بالاستنفار والانتشار في المدينة.
ويشهد اليمن منذ نحو 8 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى. أودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة مئات الآلاف.