مجتمع

محمد يحيى... مصري مسلم خاطر بحياته لإنقاذ الأطفال من حريق كنيسة إمبابة المروع

الأزمات مصنع الأبطال دائما، وفي كل كارثة أو فاجعة، يوجد من يفني روحه وجسده وماله في سبيل تجاوزها أو إبطالها، وهذا تحديدا ما ستسمعه إذا ذهبت لكنيسة الشهيد مرقوريوس أبي سيفين، في حي إمبابة، بمحافظة الجيزة المصرية.
Sputnik
القاهرة - سبوتنيك. أفواه عدة تتحدث عن بسالة الشاب المسلم محمد يحيى، ومساعدته في عمليات الإنقاذ لرواد الكنيسة المحترقة يوم الأحد الماضي، وكذا ستلاحظ شجاعته عند زيارة مستشفى إمبابة العام (مستشفى الموظفين)، في الدور الأول الاقتصادي.
لم تتوقف قصة بسالته بين أبناء حيه فقط، وإنما تصدرت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن تقدم من دون تردد واقتحم النيران، في محاولة لإنقاذ المحتجزين من أطفال وكبار سن داخل مبنى الكنيسة.
السيسي يوجه القوات المسلحة المصرية بترميم كنيسة ابو سيفين
زارت "سبوتنيك" محمد، الذي يعاني كدمات بالبطن والظهر، وكسور بالقدمين، جعلته يلزم السرير دون حركة، والذي أكد أن كل الإصابات لا تشغله، وأنه فقط كان معنيا بإنقاذ الأرواح، بعدما شاهد من نافذة غرفته صباحا دخانا كثيفا يخرج من نوافذ الكنيسة الخشبية بالطابقين الثالث والرابع.
خلال الحريق، قفز أحد موظفي الكنيسة من طابق علوي في محاولة للنجاة، إلا أنه سقط صريعا، مشاهد مؤلمة أمام ناظري محمد لم تستغرق منه سوى دقائق لينزل ويتدخل رغما عن بشاعة المشهد مع تصاعد الدخان الكثيف وصعوبة تحمله.
لم ييأس الشاب، وصعد لسطح البيت المجاور بعد أن تبين له إغلاق أبواب الكنيسة بالأسفل، ناهيك عن الباب الحديدي المغلق على سطح الكنيسة، وفق وصفه.
1 / 7
قس قبطي خارج كنيسة أبو سيفين الواقعة في حي إمبابة المكتظ بالسكان غربي نهر النيل، وهي جزء من محافظة الجيزة، في 14 أغسطس 2022، بعد مقتل أكثر من 40 شخصا في حريق اندلع في كنيسة مسيحية قبطية. قداس الأحد
2 / 7
حريق في كنيسة أي سيفين في إمبابة، الجيزة، القاهرة، 14 أغسطس/ آب 2022
3 / 7
حريق في كنيسة أي سيفين في إمبابة، الجيزة، القاهرة، 14 أغسطس/ آب 2022
4 / 7
حريق في كنيسة أي سيفين في إمبابة، الجيزة، القاهرة، 14 أغسطس/ آب 2022
5 / 7
حريق في كنيسة أي سيفين في إمبابة، الجيزة، القاهرة، 14 أغسطس/ آب 2022
6 / 7
حريق في كنيسة أي سيفين في إمبابة، الجيزة، القاهرة، 14 أغسطس/ آب 2022
7 / 7
حريق في كنيسة أي سيفين في إمبابة، الجيزة، القاهرة، 14 أغسطس/ آب 2022
صوّر محمد حجم الدمار الذي لحق بالكنيسة، وبشاعة الدخان، فما كان منه إلا أن خلع قميصه وبلله بالماء، ووضعه على وجهه حتى يتسنى له الدخول، وبالفعل تمكن من النزول، وفوجىء بأحد كبار السن يمسك بقدمه "الحقني أنا بموت"، فأمسكه وجعل ظهره للدخان في حين كان ظهر محمد قبالة النار، ودفعه باتجاه السلم وطلب من الآخرين التقاطه وإسعافه.
يتضح من وصف ابن حي المنيرة الشعبي، أن الحديد يغطي كل شبر بالكنيسة، فصدمة محمد عند صعوده للطابق الرابع بعد أن لبى نداء الاستغاثة، كانت غير معقولة نتيجة لوجود باب حديد مقفل، فنظر يمنيه ويساره حتى استقرت عيناه في العتمة ووسط الدخان على "طفاية حريق"، فتمكن من كسره بها ودخل لاستكمال الإنقاذ.
شيخ الأزهر يقرر صرف إعانات نقدية لأسر ضحايا حريق كنيسة أبو سيفين
أنقذ محمد توأمين، عندما حمل في البداية طفلة ونزل بها إلى الخارج، ولم يتردد من الصعود مجددا لينقذ أختها، كما أنه أنقذ فتاة تبلغ 10 سنوات، وأخرى 5 سنوات، ليبلغ إجمالي عدد الأطفال الذين ساهم محمد في إنقاذهم 5 فتيات.
تدخل محمد ساهم في التخفيف من فاجعة الحدث الذي خلف العديد من الأسر المكلومة، حيث فقدت إحدى الأمهات 3 أبناء أشقاء بينهما توأمين؛ مريم تامر وجيه 5 سنوات، وبارسينا تامر وجيه 5 سنوات، وشقيقهما إبرام تامر وجيه 3 سنوات.
مجددا، صعد محمد يحيى، إلى الدور الرابع، ليجد أحد المسنين يدعى عم جورج، 65 عاما، فاقدا للوعي، ويقول "حملته على ظهري ولكن الأمر كان صعبا، فخلعت التيشيرت من على وجهي وربطته على ذراعي، محتضنا عم جورج، ولكن عند النزول سقطت حتى الأسفل على بطني وعم جورج من فوقي".
ولفت إلى أن العم جورج جرى إسعافه وكان محتجزا بالغرفة المجاورة له في المستشفى، مؤكدا أن ما فعله كان الواجب ولو كان باستطاعته فعل المزيد لفعل، ليضرب مثالا على أن الإنسانية مجردة دوما من أي قيود دينية أو اجتماعية.
وحول كيفية نقله للمستشفى، شرح يحيى أن أحد أصدقائه عثر عليه، وأن قدمه أصيبت بتشنجات وأصيبت بكسر وفقد الوعي، ولم تكن هناك وسيلة مواصلات ولا عربة إسعاف لنقله إلى المستشفى.
بوتين يرسل برقية تعزية للرئيس المصري بضحايا حريق كنيسة أبو سيفين
وبعد ذلك، اضطر السكان إلى نقله باستخدام دراجة نارية، وشرع الأطباء هناك في إمداده بجلسات الأوكسجين العاجلة، بعد أن كان يعاني ضيقا بالتنفس، فضلا عن معالجتهم كسوره.
في الغرفة المجاورة لغرفة محمد، يرقد الطفل هاني رامز، 13 عاما، بعد أن فقد أصدقائه في الحادث، وخاط له الأطباء قدمه اليسرى، فضلا عن إصابته بكسر في اليمنى، وقال: "كنت أصلي ومولد الكهرباء انفجر وزاد الدخان.. في ناس ماتت وناس جريت على تحت".
وأضاف هاني أنه صعد على سلم متصل بالسطح وأمسك أهل الحي به وأنقذوه، إلا أنه أثناء القفز سقط على قدميه وأصيب بكسور.
تسبب الحريق في مقتل 41 قتيلا، بينهم 15 طفلا، فضلا عن 12 مصابا، في حادث أفجع المصريين، وأثار تعاطف العالم حيث قدم ملوك ورؤساء كثيرين تعازيهم للشعب المصري.
مناقشة