مجتمع

خبراء لـ"سبوتنيك": تزايد حالات الطلاق في مصر يولد مجتمعا غير مستقر

يعيش المجتمع المصري في الآونة الأخيرة، حالة من عدم الاستقرار الأسري، وزيادة واضحة في معدلات الطلاق، مقابل زيادة متضائلة جدا في حالات الزواج.
Sputnik
القاهرة - سبوتنيك. هذا الواقع الجديد أكدته بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أوضحت أن عدد حالات الطلاق سجل زيادة كبيرة على أساس سنوي في 2021، مقابل زيادة طفيفة في عدد حالات الزواج خلال الفترة نفسها.
في هذا السياق أرجع المحللون السبب إلى عوامل عدة، أبرزها الوضع الاقتصادي والجهل بمفاهيم الزواج والأسرة، فضلا عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج المرأة المغلوطة وما تبثه من رسائل عن العلاقات.
تقول أستاذة علم الاجتماع في كلية التربية بجامعة عين شمس، الدكتورة، سامية خضر، لوكالة "سبوتنيك" إنه "عندما ينتشر الطلاق في المجتمع فلن يكون هناك استقرار؛ فالأسرة المستقرة تؤدي لمجتمع مستقر، والطلاق كسر خطير بالمجتمع المصري ولا بد من علاجه".
احذروا شهر أكتوبر... حالة طلاق كل دقيقة في مصر والقاهرة في المقدمة
وشددت على أن ارتفاع نسبة الطلاق إلى 14.7%، يعد مؤشرا غير طبيعي في مجتمع من المفترض أن يحترم الحياة الزوجية ويحترم المرأة والأم، مضيفة:
"هذا دليل على ضرورة معالجة الأمر وليس تركه، مع التركيز عليه من جهات عدة منها الجامعات ووزارة التضامن والتعليم وخلافه".
وتعتقد أستاذة علم الاجتماع، أن المجتمع أصبح يعطي الشباب الحرية دون تعظيم للمسؤولية، مع إشكالية الإيمان بأن المال أصبح أولوية قصوى لدى الجميع، في حين تراجعت القدرة على تحمّل المسؤولية لدى الجيل الأحدث مقارنة بالأجيال السابقة، خاصة في ظل الظروف المادية الحالي.
وأشارت إلى تطابق ذلك على الفتيات مع ظهور مفهوم "المرأة القوية المستقلة" الذي قالت إنه قد يدفع بعض النساء إلى الانفصال فقط بغرض الاستقلال عن الرجل.
هذا وقال الجهاز المركزي في بيانه، أمس الثلاثاء، إن عدد حالات الطلاق العام الماضي بلغ 254 ألفا و777 مقابل 222 ألفا في 2020، بزيادة سنوية 14.7%.
وقابل ذلك زيادة طفيفة في عدد عقود الزواج العام الماضي، إذ بلغت 880 ألفا مقابل 876 ألفا في 2020، بزيادة سنوية 0.5%.
من جانبها، أوضحت خضر أن الزواج في الفئة العمرية من 25 إلى 30 عاما، يعتبرا مناسبا، في حين أن الزواج بعد سن الثلاثين، يكون الشخص تعود على نمط حياة مستقلة، وبالتالي يجد صعوبة في القدرة على التحول بعد الزواج والتطبع على نمط مختلف فيما يعرف بـ"سجن الزوجية".
ما الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع معدلات الطلاق في ليبيا؟
وحول تأثير وسائل الإعلام، لفتت إلى أن هناك أفلاما كرست لمفاهيم صحيحة في العلاقات الزوجية مثل فيلم "أسفة أرفض الطلاق"، في مقابل أعمال أخرى هدمت المفهوم الأسري مثل "زوجة مفروسة جدا".
وأضافت إلى جميع العوامل السابقة، نسبة الأمية، مشددة على الحاجة لتوضيح مفاهيم الزواج بالصوت والصورة، فضلا عن الحملات والإعلانات والتقنين من سقف الطموحات على وسائل التواصل الاجتماعي.
واختتمت: "حياة أسرية غير مستقرة تعطي أطفالا غير أسوياء نفسيا رافضين للحياة ومتمردين على الأب والأم وبالتالي أطفال مشردة ومدمنة للمخدرات".
على صعيد أخر، دعت رئيسة الاتحاد النوعي لنساء مصر، الدكتورة هدى بدران، إلى ضرورة "ألا يؤخذ الطلاق في كل الأحوال بمفهوم الظاهرة غير الصحية".
وأوضحت: "أحيانا يكون الحل الأمثل لاختيار سيئ أو غير موفق مسبقا، كالتسرع في اختيار الشريك دون البحث الجيد أو محاولة فهمه، واختبار مدى التوافق من البداية".
وحول إرجاع السبب للظروف الاقتصادية، ذكرت بدران أن كل عملية طلاق لا تحتوي على سبب واحد، ولا يمكن الجزم بأن الوضع الاقتصادي أو غلاء المعيشة هي المسبب الرئيسي.
العدل السعودية: وثيقة "توثيق الطلاق" هي البديل عن صك الطلاق
وتابعت: "في ناس فقراء وسعداء بحياتهم الزوجية. الناحية الاقتصادية هامة جدا طبعا خاصة مع عدم القدرة على تغطية أبسط التكاليف ولكنها ليست الوحيدة".
وشددت على أن الانزعاج فقط من تزايد نسبة الطلاق في مصر ليس الحل، في حين تبقى الإشكالية متجسدة في الحاجة إلى إجراء دراسات متعمقة لمعرفة أسباب الطلاق.
وأردفت أنه "دائما ما نرى أن الأطفال هم أداة للانتقام من أحد الطرفين المنفصلين"، مؤكدة أهمية إجراء الطلاق بطريقة "محترمة ومتقبلة"، مع توافر مكاتب للأسرة تابعة لوزارة العدل ووجود موظفين وأخصائيين اجتماعين ونفسيين ومحامين، حتى يتم ابصورة لائقة وبعد استنزاف جميع الفرص.
هذا وصرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مايو/ أيار الماضي، بأن نسب الأسر التي بها حالات انفصال زادت بشكل كبير خلال السنوات العشرين الماضية.
وأكد ضرورة مناقشة قضايا الأسرة بأمانة وحيادية ودون مزايدة، مشيرا إلى أنها من أخطر القضايا التي تؤثر على المجتمع المصري وتماسكه ومستقبله.
مناقشة