"سبوتنيك" ترصد طرق الهجرة غير الشرعية من مناطق سيطرة "قسد" شرقي سوريا

تزداد ظاهرة هجرة الشباب والعوائل السورية من مناطق شمال شرقي سوريا بشكل يومي، حيث تصل أعداد المغادرين والراغبين في المغادرة للمئات يومياً هرباً من الظروف الاقتصادية والأمنية، ويدفع الراغبون بالعبور نحو تركيا أو إقليم كردستان العراق مبالغ طائلة للسماسرة والمهربين في رحلة محفوفة بالمخاطر.
Sputnik
وأفاد مراسل "سبوتنيك" شرقي سوريا، بأنه في الآونة الأخيرة انتشرت بشكل كبير منشورات لعدد كبير من سكان محافظة الحسكة السورية وريفي دير الزور والرقة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً عبر "فيسبوك"، والتي يعلن أصحابها عن رغبتهم ببيع أغراضهم الشخصية وأثاث منزلهم وممتلكاتهم الخاصة تحت عنوان (لضرورة السفر).
وتتزامن هذه الظاهرة، التي تعيد للأذهان موجة الهجرة الكبيرة التي شهدتها المنطقة في عامي 2014- 2015 نتيجة تمدد تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا)، مع بداية التهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة ضد مواقع قوات "قسد"، إضافة للفوضى الأمنية وانتشار الجرائم وصولاً إلى الوضع الاقتصادي المتدهور في مناطق سيطرة "قسد" الموالي للجيش الأمريكي.

وبيّن المراسل أن منطقة الجزيرة السورية تعاني خلال الأشهر والسنوات الماضية نـزيفاً بشريا كبيرا في فئة الشباب، جراء الأوضاع السياسية والأمنية، والاقتصادية، صوب الدول الإقليمية من تركيا والعراق ودول القارة الأوروبية، بالرغم من التكاليف المادية الكبيرة، والصعوبات الجمّة التي تواجههم في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر.

طرق مختلفة

وتشرح مصادر محلية مطلعة لمراسل "سبوتنيك" شرقي سوريا، أن طرق السفر عديدة وتختلف بحسب إمكانيات المهاجر أو المسافر المادية، فمنها من تبدأ بالوصول إلى تركيا أو لبنان، أو إقليم كردستان العراق، ومن ثــم نحو إحدى الدول المراد الوصول إليها خصوصاً دول مثل ألمانيا وهولندا والسويد.
تتابع المصادر: "أمام المهاجرين، طرق عــديدة، فالمهاجر الراغب بالسفر عبر تركيا، عليه إمّا الذهاب عن طريق بلدة عين ديــوار، في ريف مدينة المالكية في أقصى الشمال الشرقي لمحافظة الحسكة على مثلث الحدود السورية – العراقية – التركية، والذي يكلّف الشخص الواحد نحــو 3000 إلى 5000 دولار أمريكي، وذلك عبر مهرّبين مدعومين أو محسوبين على قوات "قسد" المسيطرة على المنطقة تحت أنظار الجيش الأمريكي وقواعده القريبة".
"قسد": موسكو وواشنطن تؤكدان عدم وجود عملية عسكرية تركية شمالي سوريا
تضيف المصادر أن الكثير من الشباب يسافرون أيضا عن طريق إقليم كُردستان العراق، انطلاقاً من منطقة اليعربية في ريف المالكية، وإلى منطقة سنجار (شنكال) العراقية عن طريق الهول شرقي الحسكة، ومن ثم التوجه إلى إيران، أو تركيا، ويدفع كل مهاجر 2000 دولار للوصول إليها.
أو يسافرون عن طريق مدينة رأس العين الحدودية، شمال غربي محافظة الحسكة الواقعة تحت سيطرة الجيش التركي والفصائل التركمانية الخاضعة له، والذي يكلّف الشخص الواحد من 2000 إلى 3000 دولار أمريكي، وذلك عبر مهرّبين يعملون بالتنسيق فيما بينهم وبين مسلحي "قسد" من طرف، ومسلحي الفصائل التركمانية الخاضعة للجيش التركي من طرف آخر، والمبلغ المدفوع وبالاتفاق مع المهرّب حتى الوصول إلى المدن التركية ومنها إسطنبول، ومنها للبدء برحلة جديدة، فإمّا السفر عبر بلغاريا، وإمّا عبر اليونان، وهي أيضاً بحسب إمكانيات المهاجر، وتكلّف من 14000 دولار أمريكي إلى 18000 أمريكي للشخص الواحد، بحسب المصادر.

وأضافت المصادر : "وفي عين العرب بريف حلب الواقعة تحت سيطرة "قسد"، تنشط طرق التهريب في الريف الشرقي والغربي، وبشكلٍ ممنهج بين المهربين وقوات "قسد"، وتتفاوت الأسعار ما بين 1500 إلى 1700 دولار أمريكي، كما يقوم آخرون بالتنقل إلى إعزاز الخاضعة لسيطرة الفصائل "التركمانية" الخاضعة للجيش التركي عن طريق المهرّبين، والدخول إلى تركيا عبر البوابة الحدودية وبأسعار تتراوح ما بين 3500 إلى 4000 دولار أمريكي".

يبقى هنالك طريق آخر للهجرة أكثر تكلفة، وهو السفر إلى دمشق، ومنها إلى إحدى الدول المجاورة، مروراً بدول في شرق أوروبا مثل بيلاروسيا وصولاً إلى دول الاتحاد الأوروبي، وهذه الرحلة قد تصل تكاليفها إلى عشرين ألف دولار أمريكي.
وحصل مراسل "سبوتنيك" شرقي سوريا على مقاطع فيديو توضح عمليات تهريب الشبان عبر الحدود السورية - التركية في ريف محافظة الحسكة.

مخاطر كبيرة

ومن الصعوبات والمخاطر التي تواجه المهاجرين في المرحلة الأولى، تقول المصادر المحلية هي "الجندرمة التركية"، والتي غالباً ما تقوم بطردهم وضربهم، كما لقي الكثير من المهاجرين حتفهم جراء إطلاق النار عليهم، كما تقوم الشرطة التركية باعتقال السوريين في إسطنبول، وإرسالهم إلى المخيمات في آضنة بريف محافظة إدلب السورية.
وبالتحديد الدخول إلى الحدود التركية عبر ريف مدينة الدرباسية شمالي الحسكة وهو طريق شديد الخطورة، قد يكلّف المهاجرين حياتهم إذ تعرّض عدد من الشبان السوريين مؤخراً للضرب المبرح من قبل الجندرمة التركية على الحدود، أثناء محاولتهم دخول الأراضي التركية، حيث قُتل محامي سوري تحت التعذيب، على يد الجنود الأتراك، عند محاولته عبور الحدود السورية التركية خلال الشهر المنصرم، بحسب مصادر محلية.
وتقول مصادر محلية لـ"سبوتنيك" في مدينة رأس العين بريف الحسكة" "وبعد الوصول إليها يتعرّض الكثير منهم للاعتقال من قبل مسلحي الفصائل "التركمانية"، بغرض طلب فديات مالية كبيرة منهم تصل إلى 8000 دولار أمريكي مقابل الإفراج عن كل شخص يعتقل".
وقال مصدر فيما يسمى" الشرطة المدنية" التابعة للفصائل التركمانية في تصريح إعلامي سابق في رأس العين شمالي الحسكة، إن قسم "مكافحة التهريب" في الشرطة تسلم عشرات الشبان السوريين من الجانب التركي، تم اعتقالهم خلال محاولتهم العبور بشكل غير شرعي إلى تركيا، وأضاف المصدر، أن شرطة رأس العين تسلمت 108 أشخاص على دفعات من الجانب التركي.
وكانت الشرطة اليونانية أعلنت بأنه تقطعت السبل بـ 38 مهاجراً سوريا، وفقدان الاتصال بهم في جزيرة يونانية مهجورة قريبة من تركيا، في طريق وصولهم إلى إحدى الدول الأوروبية.
وقالت الشرطة اليونانية في وقت سايق إنها حددت موقع 38 سوريا على الحدود اليونانية التركية، تقطعت بهم السبل منذ أيام، بحسب الأمم المتحدة، في جزيرة على نهر إيفروس الحدودي.
وبينت الشرطة في بيان: "بعد معلومات جديدة وتحقيقات معمّقة، تم تحديد موقع مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين، وهم سوريون بحسب تصريحاتهم، من بينهم تسع نساء وسبعة أطفال" في الأراضي اليونانية.
ويعود ارتفاع وتيرة الهجرة خلال الفترة الماضية من مناطق شمال وشرق سوريا، لأسباب عديدة، بحسب مراقبين، إلى السياسيات المتّبعة من قبل قوات "قسد"، منها اقتصادية، (عدم وجود فرص عمل/ احتكار/ فساد/ فقدان المواد والسلع الأساسية من الأسواق/ فقدان الوقود) وغلائها، وفرض المناهج التعليمية "المؤدلجة"، وتكثيفها من عمليات "التجنيد الإجباري" في صفوفها في مناطق سيطرتها الفترة الماضية، في إطار الاستعدادات لمواجهة أي عملية عسكرية ضدها، ما زاد من عمليات فرار الشبان من مناطق سيطرتها.
خبراء: ارتفاع مؤشرات الهجرة غير الشرعية يهدد الجوانب الأمنية في المغرب
مناقشة