وفي وقت سابق من هذا الشهر، اتفقت تركيا وإسرائيل على إعادة تعيين سفيري الدولتين لدى الأخرى، بعد أكثر من أربع سنوات من استدعائهما، فيما يمثل علامة فارقة أخرى في عملية تحسن العلاقات المستمرة منذ شهور، وفقا لـ"العربية".
وقالت مسؤولة إسرائيلية في أنقرة، إن "هناك الكثير من التحديات، ولكن من وجهة نظرنا، فإن من بين العقبات الرئيسية مكتب حماس في إسطنبول. حماس منظمة إرهابية وليس سرُا أن إسرائيل تتوقع من تركيا إغلاق هذا المكتب وترحيل النشطاء من هنا".
وطرح البعض تساؤلات عن التطبيع التركي الإسرائيلي والذي أعلنت حركة "حماس" رفضه، وإمكانية التأثير على تواجد قيادات من الحركة داخل أنقرة.
انعكاس سلبي
اعتبر شرحبيل الغريب، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل تندرج ضمن الإطار الرسمي التركي، وسياسة التحول الأخيرة على قاعدة تصفير المشاكل مع الأطراف في المنطقة ومنها إسرائيل تحقيقًا لمصالح تركيا سواء كانت سياسية واقتصادية أو غيرها.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": العلاقات التجارية لم تنقطع بالأساس، لكن ما يجري عبارة عن تحول كبير في المسار السياسي التركي الإسرائيلي نحو تطبيع العلاقات وعودة السفراء.
ويرى الغريب أن تعزيز العلاقات الثنائية التركية الإسرائيلية سينعكس سلبا على حركة حماس إزاء تقويض تواجدها أولا ثم نشاطها ثانيًا، وربما يصل الأمر أمام مطالب إسرائيل بإغلاق كامل لمكاتبها كشرط أساسي لتتويج العلاقات.
وتوقع المحلل الفلسطيني أن يتم اتخاذ بعض الإجراءات النسبية لتقييد نشاط حماس في تركيا، بهدف إكساب عملية تحسين العلاقات سرعةً ملموسة، لكن ذلك لن يقابله القطيعة الكاملة بين أنقرة وحركة حماس في ظل الإعلان التركي عن عدم التخلي عن القضية الفلسطينية، و"حماس" أصبحت لاعبا سياسيا مؤثرا في المشهد يصعب تجاوزه.
وأكد أن إحراز أي تقدم حقيقي في العلاقات بين الطرفين يعتمد على اتساق المصالح المشتركة، وأن تطوير التعاون على أساس المصالح المشتركة سيجعل العلاقات الثنائية مقاومة للأزمات نسبيا.
لغة المصالح
في السياق، أكد مصباح أبوكرش، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل لم تتوقف، لكنها لم تكن قوية كما كانت في سابق عهدها قبل تولي الرئيس رجب طيب أردوغان رئاسة تركيا.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": الفلسطينيون أصحاب قضية عادلة، ويرفضون حدوث أي شكل من أشكال التطبيع مع "إسرائيل" لأن ذلك يخدم مصالحها الاستعمارية الاستراتيجية ويتحقق على حساب القضية الفلسطينية.
وتابع: "مسألة الحديث عن إمكانية إغلاق مكاتب حماس في أنقرة لم يتحدث عنها سوى الإعلام العبري، وبعض أدواته الإعلامية العربية التي تعمل بشكل غير مباشر لتدعيم الرواية الإسرائيلية الموجهة".
ويرى أبوكرش أنه في ظل هذا الانفتاح التركي المتجدد على إسرائيل، فإن قرار تواجد مكاتب حماس فوق الأراضي التركية سيرتبط بلغة المصالح التركية البحتة، التي من الممكن تحقيقها من خلال ذلك، فحسابات تركيا اليوم ليست كحسابات الأمس.
وأوضح أن حركة حماس تمتد قوتها من خلال عمقها الكبير داخل فلسطين، فنحن نتحدث عن حركة جماهيرية تكاد تكون موجودة في كل بيت فلسطيني، من خلال أشخاص ينتمون لها أو يؤيدونها، لذلك لن تتأثر بكافة أشكال محاولات المساس بحق تواجدها السياسي في الخارج، وعلى العكس أعتقد أن ذلك قد يصب في صالحها كحركة فلسطينية مقاومة جل هدفها تحرير فلسطين.
وقالت إيريت ليليان القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في تركيا، أمس الجمعة، إن عملية إعادة تعيين سفير لدى أنقرة قد تتم في غضون أسابيع، في الوقت الذي كررت فيه توقعات إسرائيل بإغلاق مكتب حركة حماس في إسطنبول.
وأوضحت في لقاء مع الصحفيين، أن إعادة تعيين السفير هي "مسألة وقت، وليست مسألة إثبات أو نفي". وأضافت: "السبب الوحيد لاحتمال التأخير على الجانب الإسرائيلي هو الانتخابات في إسرائيل، لكنني أتمنى أن تتم الخطوة في موعد ملائم وأن تنتهي العملية في غضون بضعة أسابيع".
وكان البلدان قد طردا السفيرين في 2018 بسبب مقتل 60 فلسطينياً على أيدي القوات الإسرائيلية خلال احتجاجات على حدود غزة اعتراضاً على فتح السفارة الأمريكية لدى القدس.
وساهمت زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ إلى تركيا في مارس/آذار الماضي، التي جاءت في أعقابها زيارات متبادلة قام بها وزيرا خارجية البلدين، في تحسين العلاقات بعد توتر دام لأكثر من 10 سنوات.