وتندد الحكومة الأردنية منذ فترة بافتتاح إسرائيل للمطار، بيد أن انتقال بعض الفلسطينيين في أول رحلة عبر مطار رامون إلى قبرص أشعل سخطًا كبيرًا داخل الأردن، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، فيما هاجم بعضهم فلسطين بسبب هذه الخطوة.
ودعت السلطة الفلسطينية مواطنيها إلى عدم السفر عبر مطار رامون، ولا الانصياع للامتيازات التي وعدت بها إسرائيل المسافرين، معتبرة أن المطار ضرب للسيادة الفلسطينية وطالبت بمطار خاص.
وقال مراقبون إن إسرائيل أصدرت قرارا بتسيير رحلات للفلسطينيين عبر المطار من أجل الوقيعة بين السلطة والمملكة الهاشمية، مؤكدين أن المطار يضر بالحقوق الأردنية والفلسطينية.
فخ إسرائيلي
اعتبر النائب أحمد السراحنة، عضو لجنة فلسطين في مجلس النواب الأردني، أن مطار رامون وما دار حوله من أحاديث وتصريحات ومناوشات كان فخًا إسرائيليًا للوقيعة بين الأردن ودولة فلسطين، لا سيما في ظل الدور الأردني المهم للقضية الفلسطينية، في خضم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، المخطط الإسرائيلي كان واضحًا، إلا أنه لم ينجح في تفرقة الأردنيين والفلسطينيين، سواء على مستوى القيادات أو الشعوب، فالجميع يعتبرهما دولة واحدة، تمثل الأردن رئتها اليمنى وفلسطين اليسرى.
وأوضح أن المؤامرات الإسرائيلية لن تشق صف الشعب الفلسطيني، وسيظل الأردن كما عاهدته فلسطين والدول العربية والعالم، المدافع الأول والشرس عن القضية وعن القدس والمقدسات الدينية، ولا يمكن لأحد الوقيعة بينهما.
وأكد أن هناك اتصالات دائمة ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادة الأردنية، حيث أكدت فلسطين قيادة وشعبا أنهم ضد استعمال المطار الإسرائيلي، الذي يضر بالمصالح الأردنية.
ضغط اقتصادي
في السياق أكد الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي الأردني والبرلماني السابق، أن الدولة الأردنية حملت هم القضية الفلسطينية منذ نشأتها وحتى الآن بكافة تحدياتها وإرهاصاتها، كما حمل ملك الأردن القضية إلى كافة المحافل الدولية، وتحدث كشريك حقيقي للفلسطينيين، وواجه قضية تقويض القدس، والنمو السرطاني للمستعمرات الإسرائيلية، وعمليات الضم في الضفة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تحمل الأردن جميع محاولات إسرائيل لنقل أزماتها الداخلية إلى الأردن، معتبرًا أن أزمة المعابر هي مفتعلة رغم تقديم المملكة لكل التسهيلات، إلا أن إسرائيل حاولت خلق الأزمة من أجل فتح مطار رامون، وهو ما يشكل ضغطًا اقتصاديًا على مطار الملكة علياء وعلى الدولة الأردنية.
ويرى الطعاني أن الأردن يدرك جيدًا أنه السند والشريك الأساسي للسلطة وبوابة عبور لكل الفلسطنيين وشريك حقيقي لكافة عمليات السلام، حيث جابهت صفقة القرن، وتصر على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني، وعاصمتها القدس، معتبرًا أن أي حديث عن أزمات بين الأردن وفلسطين بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
تعاطف أردني
من جانبها، اعتبرت الدكتورة صباح الشعار، المحللة السياسية الأردنية، وعضو مجلس النواب السابق، أن قرار تسيير رحلات للفلسطينيين عبر مطار رامون يحمل خبثًا إسرائيليًا يهدف إلى نشوء خلاف ما بين السلطة الفلسطينية والجانب الأردني.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، على الرغم من الصمت الرسمي الأردني تجاه تسيير رحلات من المطار، غير أن مسؤولين وإعلاميين وسياسيين حاولوا إيصال رسالة من الدولة إلى الجانب الفلسطيني لانزعاجهم جراء استخدام الفلسطينين للمطار غير مقتنعين بالرواية الفلسطينية كون هناك موافقات رسمية من السلطة الفلسطينية للحصول على السفر من مطار رامون.
وترى الشعار أن السلطة الفلسطينية وقعت في الفخ الإسرائيلي وخسرت تعاطف الآلاف من الأردنيين الداعمين للسلطة ضد القرارات الإسرائيلية المستمرة الهادفة إلى إبعاد التعاطف العربي وطمس القضية الفلسطينية وحق شعبه بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس.
ضرر فلسطيني
بدوره، اعتبر المستشار زيد الأيوبي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن العلاقة بين فلسطين والأردن قوية ومتيمنة، ولا يمكن لإسرائيل أن تبث سمومها في هذه العلاقة عبر إثارة قضية مطار رامون.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، مطار رامون الإسرائيلي الهدف منه الالتفاف على الحقوق الفلسطينية، ومحاولة ضرب القضية الفلسطينية في مفصل، عبر تقويض فكرة السيادة التي يناضل الشعب الفلسطيني من أجلها.
وتابع: "فلسطين لا تقبل الإضرار تحت أي وضع بالاقتصاد الأردني، خاصة أن الهدف الحقيقي من هذا المطار هو الإضرار بالاقتصاد الأردني، والشعب الفلسطيني اتخذ قرارًا واضحا بأن التعامل مع مطار رامون جريمة وطنية لا أخلاقية، ولن تغتفر فلسطينيًا، وهذا موقف الكل الفلسطيني الذي أكدت عليه القيادة الفلسطينية".
وأوضح أن الشعب الفلسطيني يعتز بالأردن ومواقفه الداعمة للقضية، كما يعتز بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في القدس، مؤكدًا أن كل هذه المخططات للوقيعة بين الدولتين مصيرها الفشل.
ويسافر الفلسطينيون عادة إلى الخارج عبر الأردن، ولكنهم غالبا ما يتعرضون للتأخير ساعات طويلة عند المعبر الحدودي. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، إن إسرائيل إذا أرادت "التسهيل على الفلسطينيين فليفتح أمامنا مطار القدس (قلنديا)"، في إشارة إلى مطار قلنديا المهجور والواقع في الجزء الشمالي من الضفة الغربية المحتلة، والذي أغلق عام 2000، وفقا لـ"بي بي سي".
ونظمت إسرائيل، الاثنين الماضي، أول رحلة من نوعها عبر مطار رامون الإسرائيلي إلى قبرص على متن طائرة تابعة لشركة "أركيا" الإسرائيلية، في تجربة جديدة للفلسطينيين، وفقا لـ"الشرق الأوسط".
وقالت سلطة المطارات الإسرائيلية إنه سيتم في نهاية شهر أغسطس/آب الجاري إطلاق رحلتين أسبوعيتين للفلسطينيين إلى أنطاليا، ثم إلى إسطنبول لاحقا، وفق ما نقلت قناة "كان" الرسمية.
وأوضحت القناة: "سيتمكن الفلسطينيون من السفر إلى الخارج من مطار رامون، حيث أعلنت سلطة المطارات اليوم (الثلاثاء) أن شركة "أطلس" ستسيّر رحلات خاصة للفلسطينيين إلى أنطاليا في تركيا".
وتابعت: "ستبدأ الرحلات نهاية شهر أغسطس إلى أنطاليا، وفي سبتمبر (أيلول) إلى إسطنبول بواقع رحلتين أسبوعيتين".
وقالت القناة نقلا عن سلطة المطارات: "سيتم تشغيل الرحلات من قبل شركة "بيغاسوس" و"أطلس" التركية على خط رامون - إسطنبول ورامون - أنطاليا. وستتم الرحلات على متن طائرات من طراز إيرباص A321 تكفي لـ 220 راكبا".