الكثير من التساؤلات تطرح حول الهدف من الخطوات التي يتخذها المجلس الرئاسي لفصل اقتصاد الجنوب عن الشمال.
بداية يقولالمحلل السياسي اليمني الجنوبي، ماجد الشعيبي، إن افتتاح بنك جديد في عدن هي انطلاقة جديدة ولن تتوقف عند بنك عدن فحسب، بل تمثل بداية جديدة، قد تشهد افتتاح أكثر من بنك خلال الأيام أو الأسابيع القادمة.
الحضور الرسمي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، ما يميز افتتاح بنك عدن الجديد هو الحضور الرسمي الذي بدأ منذ الوهلة الأولى والذي أعطى انطباع بأنه يشجع على هذه الخطوات في طريق تنظيم العملية المصرفية برمتها في المحافظات المحررة، وهذا يأتي في ظل الكثير من القيود التي عملت خلال الفترات الماضية على وقف انهيار العملة المحلية مقابل الدولار بشكل مبدئي، ويليها في الخطوات القادمة استقرار تام للعملة والاقتصاد المحلي بشكل كامل.
بلد وعملتان
وتابع الشعيبي، نستطيع القول اليوم وخصوصا بعد افتتاح البنك أننا صحيح في يمن واحد حتى اليوم لكننا بعملتان، وهذه الخطوات السريعة في الملف الاقتصادي تأسس حتما لاقتصاد جنوبي خالص بدأ بالتشكل منذ سنوات، وفي طريق أن يسهم في مجاراة التطورات العسكرية والانقسام السياسي الذي تشكل منذ ما بعد حرب 2015م.
وأشار المحلل السياسي إلى أن، البلد الفقير الذي يعاني الكثير من الأزمات، أهمها الحرب الدائرة بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي منذ أكثر من سبعة أعوام، يواجه حرب أخرى تحت عنوان الاقتصاد، فبعد تحرير المحافظات الجنوبية من قبضة جماعة الحوثي" أنصار الله" التي تحتفظ بالمناطق الشمالية، انعكست هذه الأوضاع العسكرية على الكثير من الجوانب، لعل أبرزها الجانب الاقتصادي، حيث أن بلد واحد وعملتان، هى مأساة جديدة تحمل في طياتها الكثير من المعاناة التي يتجرعها المواطنون شمالا وجنوبا، خصوصا في الانهيار المستمر التي تشهده العملة المحلية مقابل الدولار، انهياراً يجني تبعاته الكثير من شرائح المجتمع من ذوي الدخل المحدود.
تعبير مجازي
وأوضح الشعيبي، أن العملتان هنا هو تعبير مجازي، فكلا الطرفين يستخدمون الريال اليمني، إلا أن المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا طبعت عملات جديدة كإجراء فرضه نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن ولتوفير سيولة نقدية، إلا أن جماعة الحوثي جرّمت محلات الصرافة وجميع البنوك والمحلات التجارية من التعامل مع هذه الطبعة الجديدة والذي بدا شكلها مختلفًا من حيث الحجم والشكل، وجاء هذا التجريم لمجابهة ورفض قرار عملية نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، ولمواجهة التضخم وإفراط الحكومة في عدن في إصدار العملات على حد قولهم.
تخريب اقتصادي
واستطرد: أما الحكومة المعترف بها دوليًا الذي يمثلها المجلس الرئاسي وتتخذ من العاصمة عدن مقرًا لها، فتعتبر إجراء الحظر الذي اتخذته جماعة الحوثي تخريب اقتصادي، تتحمل وزره سلطات الانقلاب كما تصفها، وأمام هذا الإقحام الجائر للاقتصاد في الحرب بين الطرفين، وجد اليمنيون بشكل عام أنفسهم في حيرة من أمرهم، فالإجراءات التي يتم اتخاذها لا تعود بالضرر سوى على المواطنين، حيث أن الريال اليمني في المناطق "المُحرّرة" تختلف قيمته عن الريال اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ولعل هذا الأمر أربك العملية الاقتصادية للناس وتسبب بشكل كبير في زيادة معاناة الكلفة الاقتصادية التي يتجرع ويلاتها أبناء اليمن الذي تحكمه قوتان، كل واحدة لا تعترف بالأخرى.
ولفت الشعيبي إلى أنه وسط كل هذا يعاني المواطنون اليمنيون من أبناء المحافظات الشمالية والعاملين في عدن من تكاليف التحويلات المالية بين صنعاء وعدن، ويجد الكثير من المواطنون صعوبة كبيرة في استبدال العملات الورقية التي بحوزتهم.
تعزيز الاقتصاد
من جانبه يقول الباحث الاقتصادي اليمني، عبدالله فهد باشراحيل، افتتاح بنك عدن في الجنوب هو سلسلة لبنوك تم افتتاحها لتعزيز دور البنك المركزي وخلق سوق مصرفي حقيقي في الجنوب بعيدا عن سيطرة مركزي صنعاء على مراكز عمليات البنوك التجارية التي تقع في نطاق سيطرته.
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك" أما عن استقلال الجنوب مالياً فالحالة التي نعيشها لا تقل وصفاً عما ذكرت، فهناك انقسام مالي بكل التعاملات بين مناطق سيطرة الشرعية والحوثيين.
وأكد الباحث الاقتصادي أن، افتتاح بنك عدن يدل على إستقرار الأوضاع الأمنية وجذب رأس المال لخلق فرص عمل وتداول مصرفي يسهل عملية التجارة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
خطوة على الطريق
بدوره يرى الباحث الجنوبي في الشؤون المالية، شلال العفيف، أن افتتاح بنك في العاصمة عدن شيء طبيعي ولا نستطيع القول إنه يؤسس لاستقلال الجنوب ماليا عن صنعاء، فهو بنك من بين عدد كبير من البنوك التجارية العاملة في الجهاز المصرفي اليمني، ونتوقع إنشاء مزيد من البنوك خلال المرحلة.
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك" أن تلك الخطوة تتبع مستثمرين من أبناء الجنوب، بعد حرمانهم من إنشاء مشاريع كهذه من قبل، وعدم السماح لهم بالاستثمار في القطاع المصرفي، حيث كانت البنوك حكرا على المستثمرين من أبناء الشمال، بالإضافة إلى وجود المراكز الرئيسية للبنوك التجارية في صنعاء ماعدا البنك الأهلي في عدن، المرحلة الراهنة تتطلب وجود بنوك تجارية مراكزها الرئيسية في العاصمة عدن، وهو ما يشجع المستثمرين الجنوبيون على الاستثمار في قطاع البنوك ولا نستطيع القول إن افتتاح بنك واحد يؤسس لاستقلال الجنوب ماليا.
وافتتح، صباح اليوم الخميس، في العاصمة اليمنية عدن أول بنك جنوبي وسط حضور رسمي وشعبي ومسؤولين من البنك المركزي.
وأكد محافظ محافظة عدن أحمد حامد لملس، أن افتتاح مثل هذا المشروع الكبير يدل على أن العاصمة عدن تشهد تحسن كبير في الأمن والاستقرار، بحسب وسائل إعلام يمنية.
وأبدى لملس استعداد السلطة المحلية في العاصمة عدن لتقديم كافة التسهيلات لرجال الأعمال والمستثمرين للإسهام في الدفع بعجلة التنمية في عدن، والنهوض بواقعها اقتصاديا وخدميا.
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لبنك عدن فكري عبدالوهاب العجيل، إن إنشاء بنك عدن للتمويل الأصغر جاء انطلاقا من الإيمان بضرورة إيجاد حلول ملائمة للفئات محدودة الدخل وأصحاب المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن خدمات القطاع المصرفي الحالية لا تلبي احتياجات هذه الفئة.
وتابع "بنك عدن سيساعد في خلق فرص اقتصادية مستدامة تساعد على تحسين ظروفهم المعيشية، من خلال تقديم خدمات مالية تتناسب مع احتياجاتهم".
وأضاف أن تدشين أعمال البنك سينعكس ايجابا على عملية التنمية في البلد بشكل عام وعلى الحماية الاجتماعية بشكل خاص.
ويشهد اليمن منذ نحو 8 أعوام معارك عنيفة بين جماعة "أنصار الله" وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة أخرى. وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة مئات الآلاف.