مخاوف بشأن مكاسب حقوق المرأة في تونس... ما مصير المساواة في الميراث

تتباين الآراء في الشارع التونسي بشأن حقوق المرأة والمكاسب التي حققتها على مدار السنوات الماضية، وإمكانية الحفاظ عليها أو تطويرها في المستقبل.
Sputnik
في الوقت الذي تشير فيه بعض الحقوقيات إلى أن حقوق النساء في تونس مهددة في انتظار التشريعات الجديدة، تشير أخريات إلى أن الدستور حافظ على المكتسبات، باستثناء ما يحمله الفصل الخامس من الدستور التونسي من تساؤلات.
الرئيس التونسي يعلن إجراء جديدا بشأن قانون المساواة في الميراث
وعلى خلاف دستور 2014 لم ينص مشروع الدستور الجديد على مدنية الدولة، مع أنه حذف في فصله الأول الجملة المتعلقة بدينها. وأثار الفصل الخامس من الدستور مخاوف العديد من الحقوقيات، حيث ينص الفصل على أن "الدولة وحدها تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية".
واتفقت العديد من الحقوقيات حول استبعاد إمكانية طرح مشروع قانون المساواة في الميراث في الوقت الراهن، خاصة في ظل فترة الرئيس قيس سعيد.
من ناحيتها قالت رجاء الدهماني، الأمينة العام لجمعية النساء الديمقراطيات، إن الدستور عموما ببعض فصوله قد يؤثر على القوانين في مرحلة ثانية.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، الشعب التونسي قبل ومنذ وبعد الاستقلال وحتى في الآن لم يكن مستعدا لفكرة المساواة في الميراث.
وأوضحت أن الجانب المتعلق بالمساواة في الميراث يرتبط بدرجة أكبر بالفقيرات المهمشات أكثر من المرفهات الغنيات، وأن الإرادة السياسية لأصحاب القرار وقوة المجتمع المدني التونسي قادرة على إقرار هذا الحق الاقتصادي.
وترى أنه من الضروري أن تتمتع النساء بميراثهن مناصفة مع الرجال حتى يخرجن من دائرة الفقر، وأن الأمر بحاجة لإقرار سياسي.
ولفتت إلى أن الدستور الجديد لسنة 2022 لم يمس باب الحقوق والحريات، وأنه حافظ على نفس المضامين، فيما ووقع تغييرا فقط في الترتيب.
واعتبرت أن الفصل الثاني الذي ألغى مدنية الدولة التي أقرها دستور 2014 والفصل الخامس الذي أقر تطبيق مقاصد الإسلام التي يمكن أن تضيق على الحقوق والحريات باعتبار الدستور أعلى قيمة من القوانين، يجعل الأمور رهينة مواقف فقيه ديني إلى آخر.
وشددت على أن حذف كلمة الكرامة التي كانت موجودة في دستور 2014، كما لم يقع الاعتراف بأن حقوق النساء جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان يتعارض مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الدولة التونسية.
من ناحيتها قالت القانونية التونسية وفاء الشاذلي، إن الدستور الحالي لم ينتقص من حقوق النساء، وأنه لا مجال للحديث عن تقهقر حقوق المرأة.
البرلمان التونسي يحسم قانون المساواة في الميراث في تونس
وأضافت في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن بعض المنظمات تتاجر بشعارات حقوق المرأة للتواجد على الساحة السياسية والمدنية، في حين أن الدستور حسم الحفاظ على حقوق المرأة.
ولفتت إلى أن الفصل الخامس من الدستور المعني بمقاصد الإسلام والذي أخاف العديد من النخب التونسية، هو محل نضال للتخلي عنه، خاصة أنه حمال أوجه.
وبحسب الشاذلي فإن التعهد بالحفاظ على حقوق المرأة وتطويرها يعني عدم مساس الفصل السادس بحقوق المرأة.
وترى أن تونس تحافظ حتى اليوم على تقدم المرأة ومكتسباتها، خاصة أن الحكومة ترأسها السيدة نجلاء بودن في الوقت الراهن، كما في وزارة العدل التي تترأسها امرأة.
وشددت على أن الدستور نص على التناصف، في حين أن الجانب الخاص بالمساواة في الميراث لم يقع التوافق الكامل عليه، حيث ترفضه أيضا العديد من التونسيات.
واستبعدت العودة إلى مشروع قانون المساواة في الميراث، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس والعالم. مشيرة إلى أن بعض المنظمات الحقوقية تظل تطالب به حتى وإن لم يتحقق في الوقت الراهن.
فيما قالت بشرى بلحاج حميدة البرلمانية السابقة والحقوقية التونسية، إن الدستور الحالي لم يقدم للتونسيات أي مكسب، وأن هناك بعض التخلي عن بعض المكاسب التي كانت ضمن دستور 2014.
رئيس تونس يعلن موقفه من قضية الميراث ويقول: لا يمكن أن يكون للدولة دين
وأضافت في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن موقف الرئيس التونسي من المساواة في الميراث معلوم، لكن المكاسب التي تحققت لا يمكن التراجع عنها، حيث أنها رسخت في الموقف.
ولفتت إلى أن التخوفات تتمثل في عدم تحقيق مكاسب قانونية جديدة، والخطاب الذكوري غير المعني بالمساواة، وهو الخطاب السائد حاليا، في ظل حكومة لم تفصح عما يطمئن النساء بشأن المكاسب التي تحققت.
مناقشة