تضخم وعجز تجاري... الحكومة التونسية أمام خيارات صعبة

شهد فائض ميزان العمليات برأس المال والعمليات المالية في تونس تقلصا ملحوظا بسبب تزامن انخفاض تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى تونس في ظل زيادة تسديد الدين، و"خدمة الدين" بالعملة الأجنبية.
Sputnik
وارتفعت نسبة التضخم في تونس خلال شهر أغسطس/ آب إلى مستوى 8.6 في المئة بعد أن كانت 8.2 في المئة خلال الشهر السابق و8.1 في المئة خلال شهر يونيو/ حزيران، و7.8 في المئة خلال شهر مايو/ أيار وفقا للمعهد الوطني للإحصاء في تونس.
ووصل عجز الميزانية في تونس إلى 7.5 في المئة مقارنة بعام 2020 الذي وصل فيه إلى 9.5 في المئة، كما سجلت البلاد عجزا تجاريا وصل لنحو 14 مليار دينار تونسي (4.3 مليار دولار)، وهو رقم غير مسبوق.
مسؤول تونسي يعتبر مجانية التعليم "من قبيل الوهم"
وتقلص فائض ميزان العمليات برأس المال والعمليات المالية بـ 2.5 مليار دينار "786 مليون دولار" في 2021 ليتراجع إلى 6.7 مليار دينار "2.1 مليار دولار".
من ناحيته قال عز الدين سعيدان، المحلل الاقتصادي التونسي، إن "دخول الأموال الأجنبية إلى تونس تراجع بشكل ملحوظ، بالتوازي مع سداد تونس للدين الأجنبي وما يسمى بخدمة الدين".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "تونس تواجه أزمة بشأن تعبئة رؤوس أموال جديدة، وأن الأموال الأجنبية التي تتدفق أقل من التي تخرج من تونس عبر تسديد الدين، أو الاستثمار الأجنبي السلبي يعني مغادرة مؤسسات اقتصادية للبلاد".
تضخم عجز الميزان التجاري في تونس
وتابع: "ورغم الخطوات السياسية التي تم اتخاذها، إلا أنه لم يتم حسم المفاوضات مع صندوق النقد حتى اليوم، الأمر الذي يفرض صعوبات إضافية على الوضع الاقتصادي المتأزم".
ويوضح الاقتصادي التونسي أن عدم حسم المفاوضات مع صندوق النقد يؤثر بدرجة كبيرة، خاصة أن ميزانية الدولة خلال العام الحالي كانت بحاجة لتعبئة أموال، أو قروض جديدة بالعملة الأجنبية من الخارج، بملغ 12.7 مليار دينار تونسي (نحو 4 مليار دولار).
تونس تترقب اتفاقا مع صندوق النقد الدولي ينقذها ماليا
وبحسب الاقتصادي التونسي، فإن ارتفاع سعر برميل النفط وأسعار الحبوب إثر الأزمة العالمية فاقم الحاجة إلى الأموال الأجنبية، وأصبح الاقتصاد بحاجة لنحو 18 مليار دينار تونسي (نحو 5.6 مليار دولار).
ونوه إلى أن غياب التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، جعل عملية التعبئة صعبة، وهو ما يترتب عليه تآكل مخزون الدولة من العملة الأجنبية، وصعوبات قادمة في تمويل التجارة الخارجية التونسية، في ظل عجز الميزان التجاري الذي بلغ نحو 14 مليار دينار لشهر يوليو/ تموز، والمرتقب أن يصل إلى مستوى غير مسبوق يساوي 25 مليار دينار تونسي (7.7 مليار دولار).
تونس.. أزمة اجتماعية يحركها ارتفاع الأسعار واستمرار نقص المواد الأساسية
ويرى أن "تونس تتوجه نحو صعوبات مالية كبيرة، قد تتطلب جدولة الدين الخارجي، أو المرور عبر نادي باريس، ونادي لندن، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على الوضع الاقتصادي".
وعلى المستوى السياسي، أوضح منذر ثابت المحلل السياسي التونسي، أن الوضع الاقتصادي الحالي وارتفاع التضخم يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاجتماعي في تونس.
ولفت إلى أن الحكومة التونسية عجزت في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، وأن الأخير يتجه للتمديد بشأن موعد الحصول على القرض.
وأوضح في حديثه لـ"سبوتنيك" أن تمديد الآجال الخاصة بالمفاوضات مع صندوق النقد، تخدم الضغط الغربي على مؤسسة الرئاسية من أجل قانون الانتخابات المرتقب، حيث تدفع واشنطن نحو عدم حرمان النهضة من المشهد السياسي عبر قانون الانتخابات المرتقب.
هل تخرج الدبلوماسية الاقتصادية تونس من مأزقها المالي؟
وأوضح أن تأزم الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار يضغط بشكل كبير على الحكومة والرئاسة، خاصة في ظل تفاقم الأوضاع عالميا.
وعرف فائض ميزان الاستثمارات الأجنبية انخفاضا ليبلغ 1.3 مليار دينار "408 ملايين دولار" في 2021 مقابل 1.5 مليار دينار "471 مليون دولار" في العام السابق، وفق البنك المركزي التونسي.
مناقشة