ويرى مراقبون أن تلك الخطوة جيدة ويمكن أن تكون بداية لاستكمال عملية السلام في ربوع البلاد، إذا ما اتفقت الحكومة والمعارضة جديا على المضي قدما نحو السلام، وهذا يتطلب محاولات لدمج الأطراف غير الموقعة في اتفاق جديد، بخلاف ذلك فإن أي انتكاسة قادمة ستكون أعنف من الدموية التي حدثت في السنوات السابقة.
تعليقا على تخريج الدفعة الأولى من القوات المشتركة بين الحكومة والمعارضة، يقول الكاتب والمحلل السياسي في جنوب السودان، مايكل ريال كريستوفر، إن ما حدث نهاية شهر أغسطس/ آب الماضي من تخريج الدفعة الأولى من القوات النظامية الموحدة المشتركة بعد انضمام قوات المعارضة، كانت خطوة هامة في طريق استكمال اتفاق السلام.
مشاركة دولية
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الفعالية التي جرت في هذا اليوم كانت كبيرة شاركت فيها العديد من الشخصيات الإقليمية والدولية من بينها إثيوبيا وأوغندا ورواندا والاتحاد الأفريقي ورئيس مجلس السيادة السوداني، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى سفراء وشخصيات رياضية وسياسية ومنظمات المجتمع المدني.
وتابع كريستوفر، يعد تخريج تلك الدفعة هو بداية فعلية لتنفيذ اتفاق السلام المعطل بسبب البطء وعدم جدية الأطراف، ويمكننا القول إن هذا الأمر يعد خطوة إلى الأمام رغم أن هناك خلل ما فيما يتعلق بفكرة تمديد المرحلة الانتقالية، حيث أن هذا التمديد يعد خرق واضح لاتفاق السلام، رغم ذلك فإن تلك الخطوة تعزز عملية تنفيذ الترتيبات الأمنية على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجهها.
وأشار المحلل السياسي إلى أن معارك حامية الوطيس تدور الآن في منطقة أعالي النيل بين قوات المعارضة رغم الترتيبات الأمنية، ما يؤكد أنه لا تزال هناك أطراف تحمل السلاح تعمل على زعزعة الاستقرار الداخلي.
وأكد على أنه: "إن لم تتحرك الحكومة وعمل اتفاق سلام خاص للأطراف التي لم توقع على اتفاق السلام، وإلحاقها باتفاق السلام المنشط، اعتقد أن البلد سوف تنخرط إلى حرب دامية وأخيرة تتسبب في خراب أكثر من الذي حدث في العام 2013 و2016".
خطوة للأمام
من جانبه يقول المحلل السياسي بجنوب السودان، أندريا ماج، إن: "تخريج الدفعة الأولي من القوات المشتركة يعد خطوة للأمام، وهناك خطوة ثانية بعد 6 أشهر لدمج الدفعة الثانية، لذا فإنها خطوة نحو تحقيق السلام الحقيقي في جنوب السودان".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن: "الترتيبات الأمنية تم الانتهاء منها منذ فترة طويلة وما يحدث الآن هو تنفيذ خطواتها على الأرض، إذا استمرت الخطوة الأولى تليها الثانية والثالثة وهكذا".
وأضاف: "هذا يمثل بدوره داعما لتثبيت دعائم اتفاق السلام، وهي خطوات في طريق الوصول إلى الانتخابات، فلا يمكن تحقيق تلك الخطوة دون دمج قوات المعارضة في الجيش النظامي والقوات الأمنية، وما يجري الآن هو نواة لقوة عسكرية موحدة، فلا يمكن إجراء انتخابات حرة دون دمج للقوات".
وأكد ماج على أن: "نجاح تلك الخطوات يعتمد على التزام الحكومة والمعارضة بالبرنامج الوطني ودمج كل قوات المعارضة بجنوب السودان في الجيش الحكومي ونشرها في كافة ربوع السودان وبناء عقيدة عسكرية لكل هذه القوات مع زيادة رواتبهم، من هنا تبدأ العملية السياسية الحقيقية ومرحلة جديدة نحو انتخابات حرة".
منعطفات صعبة
من جانبه يقول، مدير المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان، الدكتور محمد مصطفى: "ظلت العملية السلمية منذ بداية تنفيذ إتفاقية السلام بين فرقاء جنوب السودان تمر بمنعطفات صعبة، خاصة ما يتعلق بالترتيبات الأمنية، لكن بعد تمديد الفترة الإنتقالية لمدة سنتين قد يعطي الشعب في جنوب السودان فرصة لالتقاط الأنفاس.
وأضاف في تصريح سابق لـ"سبوتنيك"، أن المواطن في جنوب السودان تأكد من جدية قادته في المضي قدما لتحقيق السلام، كما أنه تأكد من وجود فترة قد تتوفر فيها كل متطلبات السلام.
وتابع مصطفى: "لكن هذا لا يعني أن مخاطر العودة إلى الحرب قد انتفت، لأن الجدية العملية مطلوبة والإرادة الوطنية مطلوبة كذلك لتنفيذ بروتوكول الترتيبات الأمنية، التي تؤكد نزاهة وسلامة الانتخابات".
كان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان "دقلو" والنائب الأول لرئيس جنوب السودان، رياك مشار، قد بحثا في جوبا، منتصف أغسطس/آب الماضي تنفيذ اتفاق السلام المنشط لجنوب السودان.
وأكدت وكالة السودان للأنباء، أن "دقلو" قد أكد خلال اللقاء مباركته للخطوات التي تمت بتوافق الأطراف على تمديد فترة تنفيذ الاتفاق لعامين إضافيين.
وأشاد حمدان "دقلو" بجهود أطراف الاتفاق كافة وسعيها المستمر لتحقيق السلام بجنوب السودان، معبرا عن أمله في اكتمال ترتيبات تخريج الدفعة الأولى من القوات المدمجة نهاية الشهر الجاري، بالتزامن مع استيعاب الدفعة الثانية نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني، حسبما تعهدت أطراف الاتفاق.
ومن جانبه عبر رياك مشار، النائب الأول لرئيس جنوب السودان، عن تقدير بلاده للمساعي الحميدة التي يقوم بها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، لمتابعة تنفيذ اتفاق السلام في بلاده، بوصفه ضامنا ومشرفا على الملف.
وشدد رياك مشار على جدية والتزام الأطراف بتحقيق الاستقرار بما ينعكس إيجابا على أمن واستقرار المنطقة وأهمية مواصلة العمل لتنفيذ كافة البنود المتعلقة بالاتفاق
وأعلن زعماء جنوب السودان الخميس 3 أغسطس/ اب الماضي، أن الحكومة الانتقالية في البلاد ستبقى في السلطة لمدة عامين.
ووفقا لـ "فرانس برس" قال وزير شؤون مجلس الوزراء، مارتن إيليا لومورو، إن القرار اتخذ "لمواجهة التحديات التي تعيق تنفيذ اتفاق السلام"، بعد اتفاق عام 2018 لإنهاء حرب أهلية استمرت خمس سنوات خلفت قرابة 400 ألف قتيل.
وحسب راديو تمازج، انطلق في قاعة الحرية في جوبا حفل إعلان تمديد الفترة الانتقالية برئاسة الرئيس سلفاكير ونائبه الأول رياك مشار، ونواب الرئيس الأربعة وأعضاء الحكومة الحكومة وممثلو السلك الدبلوماسي
ونقل تمازج عن مصدر من الاجتماع قوله: "اللجنة الفنية رفيعة المستوى المكونة من جميع أطراف اتفاق السلام حددت تمديد الفترة الانتقالية بـ 24 شهرا، على أن يتم احتسابها اعتبارا من 22 فبراير/شباط 2023".
ويعتبر هذا التمديد تاليا للموعد النهائي المتفق عليه في اتفاق سلام، في خطوة حذر الشركاء الأجانب من افتقارها للشرعية.
كان من المفترض أن تختتم الدولة الأحدث في العالم فترة انتقالية بإجراء انتخابات في فبراير 2023، لكن الحكومة فشلت حتى الآن في تلبية البنود الرئيسية للاتفاقية.