"سقط جسر لندن"... أبرز المحطات في حياة ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث الثانية

القاهرة - سبوتنيك. حياة حافلة عاشتها الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، إذ زامن اعتلاؤها العرش تغيرات عميقة في بنية النظام العالمي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وانحسار دور بريطانيا كقوة عظمى أولى في العالم.

وامتد عمرها لما يقرب من عقود عشرة، قضت سبعة منها، أو ثلثي عمرها تقريبا، ملكة، لتكون أطول الملوك عمرا وجلوسا على العرش في تاريخ البلاد، ولتعاصر محطات وأحداث جوهرية غيرت وجه العالم طوال السنوات السبعين الماضية.

في فبراير/ شباط من العام الحالي، خرجت الملكة إليزابيث الثانية، بعد إصابتها بمرض "كوفيد 19"، لتؤكد أنها باتت "متعبة ومرهقة للغاية"، وألغت بعدها عددًا من المقابلات والفعاليات الرسمية حفاظا على حالتها الصحية.

وبعد نحو سبعة أشهر من إصابتها بالفيروس، أصدر قصر باكنغهام بيانا، أوضح فيه أطباء الملكة (96 عاما) أنهم قلقون بشأن حالتها الصحية، وأنه يتعين عليها الخضوع لإشراف طبي. وبعد البيان، بدأ أفراد العائلة الملكية في التوافد إلى اسكتلندا لمراقبة وضع الملكة الصحي عن قرب، وعلى رأس الحضور كان الأبناء والأحفاد.

ونرصد فيما يلي عددا من التفاصيل وأبرز المحطات في حياة أطول ملوك المملكة المتحدة عمرا وجلوسا على العرش:

ولدت الملكة إليزابيث الثانية في عام 1926 في العاصمة البريطانية لندن، وفي منزل لا تطغى عليه الأجواء الملكية؛ فوالدها هو دوق يورك، الأمير ألبرت (الملك جورج الخامس لاحقا)، ووالدتها هي الملكة إليزابيث باوز ليون (الأم)، ولم يكن أباها وليا للعهد حين ولدت وقضت طفولتها في جو أقرب إلى البساطة والابتعاد عن التعقيد.

بات والدها ملكا لبريطانيا بعد تنازل شقيقه إدوارد الثامن عن السلطة، في عام 1936، وباتت منذ ذلك الوقت الوريثة المحتملة للعرش. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، بدأت إليزابيث الظهور في الحياة العامة بسبب ترتيبها في وراثة العرش.

بعدها تزوجها الأمير فيليب، دوق أدنبرة في عام 1947، وأنجبت منه أمير ويلز وولي العهد تشارلز، والأميرة آن والأمير أندرو (دوق يورك)، والأمير إدوارد نبيل ويسيكس. توفي زوجها في العام الماضي.

وفي فبراير الماضي احتفلت الملكة بمرور 70 عاما على اعتلائها عرش المملكة المتحدة، وبذلك تكون أول الملوك الذين وصلوا إلى اليوبيل البلاتيني.

وقبل ذلك التاريخ، أمضت الملكة إليزابيث الثانية ليلة في المستشفى في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، وأشار قصر باكنغهام حينها إلى ضرورة خضوعها "لفحوص أولية"، وفرض الأطباء عليها الاستراحة، ومنذ حينها بدأت تقليل حضورها الرسمي في الفعاليات.

بدأت الملكة إليزابيث الثانية ملكها حينما كان ونستون تشرشل رئيسا للوزراء في عام 1952، وبالطبع باركت استمراره في منصبه، حتى جاء التغيير، وجاء خلفا له أنتوني إيدن، عام 1955.

وآخر ظهور للملكة إليزابيث علنا، قبل إعلان قصر باكنغهام، كان يوم الأربعاء الموافق السابع من الشهر الجاري، حين كلفت ليز تراس رسميا برئاسة الحكومة في البلاد، وذلك في قصر بالمورال باسكتلندا، في خرق للقواعد التي استمرت على مدار أكثر من 70 عاما، حيث جرى العرف استقبال رؤساء الحكومات في لندن.

وعاصرت إليزابيث كملكة، 15 رئيسا ورئيسة للحكومة بداية من تشرشل، وإيدن، في الخمسينيات، وتبعهم هارولد ماكميلان، أليك دوغلاس هوم، هارولد ويلسون، إدوارد هيث، جيمس كالاهان، مارغريت تاتشر، جون ميجور، توني بلير، غوردون براون، ديفيد كاميرون، تيريزا ماي، بوريس جونسون، وأخيرا ليز تراس.

عاصرت الملكة إليزابيث العديد من الابتكارات والأحداث الكبيرة مثل غزو الفضاء بداية بالقمر الصناعي الروسي "سبوتنيك 1"، ثم هبوط الإنسان على سطح القمر، وبداية انتشار أجهزة التلفزيون في المنازل.

كما ظهرت الثورة التكنولوجية المستمرة بداية من شركات "مايكروسوفت" و"آبل" بجانب الهواتف الذكية وحتى العالم الافتراضي، بجانب عديد الأحداث الطبية المهمة، مثل لقاح شلل الأطفال وزرع الكبد وفك الشفرة الجينية، والتي شهدها العالم خلال فترة حكمها الممتدة لأكثر من 70 عامًا.

وفي عهد الملكة إليزابيث الثانية، الطويل، دخلت بريطانيا منفردة وشاركت في عدد من الحروب والعمليات العسكرية حول العالم، في مقدمتها الحرب مع الأرجنتين على جزر فوكلاند عام 1982، وحرب تحرير الكويت عام 1991، وغزو أفغانستان عام 2001، وغزو العراق عام 2003.

كما لعبت بريطانيا ولا تزال دورا كبيرا في مد نظام كييف بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية وأشكال أخرى من الدعم، قبل وأثناء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

كانت الملكة إليزابيث الثانية، أول جالس على عرش بريطانيا يرسل بريدا إلكترونيا، وفعلت ذلك في مارس/ آذار من عام 1976، خلال زيارة لمركز تابع لوزارة الدفاع البريطانية، وفي عام 1997 أُطلق أول موقع إلكتروني رسمي لقصر باكنغهام.

زارت الصين كأول ملك أو ملكة بريطانية يقوم بتلك الخطوة، وذلك عام 1996، وباتت أيضا أول ملكة بريطانية أو ملك، تلقي كلمة بنفسها أمام مجلس النواب الأمريكي عام 1991. أما تغريدتها الأولى على "تويتر" فكانت في عام 2014، وأول ما نشرته على تطبيق "إنستغرام" كان في سنة 2019.

أشارت تقارير بريطانية عدة إلى أن خبر وفاة الملكة سيتم إبلاغه لرئاسة الوزراء في البلاد عبر كلمة سرية، وهي "سقط جسر لندن"، ومن هنا تبدأ رئاسة الحكومة الإعداد للجنازة المحدد كل تفاصيلها بالفعل منذ وقت سابق.

وهو مصطلح من بين مجموعة مصطلحات جرى العرف باستخدامها في الماضي كرموز سرية تدل على وفاة الملك، مثل "هايد بارك كورنر" للملك جورج السادس، و"عملية جسر تاي" للملكة الأم.