ففي مصر قرر المجلس الأعلى للإعلام، الأربعاء الماضي، إصدار قواعد تنظيمية وتراخيص لمنصات المحتوى الإلكتروني، مثل "نتفليكس" و"ديزني بلاس"، وجاء في بيان المجلس أن "القواعد الجديدة ستلزم
المنصات المشار إليها بالأعراف والقيم المجتمعية للدولة، والقيام بالإجراءات اللازمة حال بث مواد تتعارض مع قيم المجتمع".
يأتي ذلك بعد أن اتهمت السعودية ودول الخليج، الثلاثاء الفائت، منصة نتفليكس ببث محتوى "يتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية" وهددت باتخاذ إجراءات قانونية في حال لم يتم إزالة المحتوى "المخالف"، جاءت هذه الاتهامات في بيان مشترك بين هيئة الإعلام المرئي والمسموع في السعودية، ولجنة الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي الست، ومقره في الرياض.
كانت دول عربية دخلت مرارا في خلافات مع موزعي أفلام أمريكيين بشأن المحتوى خاصة في الأفلام السينمائية، وخلال الأشهر الماضية، امتنعت دور السينما في الدول الثلاث عن عرض الجزء الجديد من فيلم "دكتور سترينج"، وفيلم "باظ يطير" الموجه للأطفال بعد رفض ديزني حذف مشاهد تبرز علاقات مثلية.
وفي حديثه لـ "سبوتنيك قال أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية د. طلال عتريسي إن "التطور الأخير في مضمون محتوي ديزني ونتفليكس لجهة الترويج لقيم تتعارض مع الاخلاقيات المعروفة في الدول العربية والإسلامية ربما دفع إلى مثل هذه الرقابة، خاصة بعد إعلان ديزني انها تعتزم إدخال شخصيات لها ميول جنسية غريبة في برامجها، ما أثار حفيظة قسم كبير من الرأي العام" مؤكدا أن "الرقابة التي ستفرض على هذه المنصات ناتجة عن هذه المخاوف في مجتمع يتمسك بقيم واعتبارات دينية واخلاقية، خلافا لما تريد هذه المنصات ان تروج له في منصاته، ولا يمكن أن نفهم في هذا الاطار أن هذه الإجراءات رقابة مقيدة للحريات" .
وأكد الخبير أن "المواد الترفيهية لها دور كبير في تشكيل شخصية الفرد في المجتمع، أكبر من دور المواد العلمية او التوجيهية، خاصة أنها تتمتع بجاذبية أكبر، والترفيه وسيلة ناعمة في التأثير لهذا السبب رأينا رد الفعل المفاجئ على محتوى ديزني".
واعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي د. سعيد صادق أن " تغليف هذا الإجراءات بديباجة تتضمن حماية الأخلاق الشرقية والقيم الإسلامية يعني أن هذا دخان يخفي وراءه مصالح أخرى، حيث توجد منصات عربية منافسة لا يوجد إقبال عليها، وهناك رغبة في استقطاب جمهور نتفليكس وديزني، رغم أن المنصات العربية تقدم محتوي قد يكون أسوأ" مشيرا إلى أننا "شهدنا مثل هذا الجدل عند بداية ظهور أطباق استقبال الأقمار الصناعية إلى أن اصبح هناك تنافس في هذا المجال".
وأكد الناقد الفني د. طارق الشناوي أن " العالم برمته يعترف بالتصنيف العمري، ويتحفظ على عرض محتوى معين لفئات عمرية معينة، وهذا لا يصنف تحت بند الرقابة، وجميعنا أيضا تربينا على مشاهدة أفلام ديزني ولم تكن هناك شخصيات غريبة، لذلك كان موضوع خرق ديزني لخصوصية الثقافة العربية أمرا غريبا لكنها استجابت في النهاية، وفي رأيي أنه في ظل هذا العالم المفتوح تظل المناعة أهم من المنع، نعم من حق الدولة أن تحدد وجهة نظرها، ومن حق كل منصة أن توافق أو تعترض على تعديل المحتوي، لكن الحل في المناعة وفي أن يدرك المواطن نفسه أنه ليس كل شيء متاح يمكن أن نشاهده، وان تكون لديه ثقافة الاختيار، وهي ثقافة لم تتعمق بعد في الوجدان العربي"
وأكد الناقد أن "هناك مناطق خلافية في
الموضوعات الترفيهية والفنون، ويصعب التحديد بشكل قاطع ما هو الملائم من غير الملائم بالورقة والقلم خاصة عند تقديم شخصية المنحرف في الدراما والسينما، ولا توجد حدود فاصلة واضحة في هذا الخصوص، لكن على المتلقي أن يتعلم اختيار مشاهدة ما يمكن يلائمه"
يمكنكم متابعة المزيد من خلال برنامج
مساحة حرة