ما القضايا التي ناقشها اللقاء التشاوري بين قادة الصومال، وهل يمكن خروج الصومال من الأزمات الكبرى التي يعيشها وعلى رأسها الجفاف والإرهاب؟
بداية يقول أستاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية بالجامعة الصومالية، الدكتور حسن شيخ علي، إن اللقاء الذي جمع القادة الصوماليين كان وديا بدرجة أولى، وليس خافيا أن السياسة الصومالية لمختلف المستويات الفيدرالية والمقاطعات أو الولايات تشوبها بعض الخلافات، والصومال أصلا بلد منهار والدولة الصومالية ليست بمعنى الدولة التي يتمناها الصومالي، بل هى دولة اسمية إلى حد ما.
لقاء تشاوري
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "نعم في الصومال يوجد برلمان وأجهزة حكومية قائمة وشغالة بالإضافة إلى بعض الفئات القضائية على مستوى الولايات الفيدرالية، لكن كل تلك المؤسسات تعاني نقص حاد وخلافات سياسية عميقة وإرث سياسي واقتصادي وأمني واجتماعي ورثناه عن الاستبداد السياسي الذي ساد البلاد منذ عقود، بصفة عامة الصومال تعاني مشاكل عديدة بمجالات ومحاور مختلفة".
وتابع شيخ علي: "اللقاء الأخير هو اللقاء الذي دار بين الرئيس الصومالي شيخ محمود ورؤساء الولايات الخمسة، وكان من المفترض أن تكون 6 ولايات لأن أرض الصومال ما زالت جزء من الصومال لأن الصومال جزء لا يتجزأ كما يقول القانون دولي، رغم أن الصومال يعلن الانفصال عن الجنوب لكن له أعضاء في البرلمان أو الكونغرس الصومالي أعضاء ينتمون إلى تلك المقاطعات، كما أن رئيس المحكمة العليا ينتمي إلى الشمال وكذا رئيس مجلس الشيوخ ونائب رئيس الوزراء ووزراء آخرون، لكن مع هذا يقولون نحن انفصلنا عن الصومال الكبير".
قضايا مهمة
وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن، اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ورؤساء الولايات اتفقوا خلاله على قضيتين مهمتين وهما قضية التكاتف لمجابهة الجفاف والمجاعة، إضافة إلى ذلك تحرير البلدات والمدن التي تحتلها حركة الشباب لأنها تعوق عملية تسريع توزيع المساعدات الإنسانية التي تأتي من العالم الخارجي.
وأوضح، أن الحكومة الجديدة تحاول وضع قواعد لمجابهة حركة الشباب في الولايات، لأن حركة الشباب هي عبارة عن خلايا ليس لها ثكنات عسكرية ولا قواعد كبيرة وهكذا، إنما هم عن تجمعات صغيرة تضم أفراد في المدن، هؤلاء الأفراد ينضمون سويا ويرتبون لعملياتهم التي يقوم بها عدد محدود من العناصر قد لا يتجاوز 6 أفراد كما حدث في حادث الفندق منذ أسابيع بالعاصمة مقديشو، والهدف الرئيسي من تلك العمليات هو لفت انتباه الإعلام الدولي، وكأنهم يقولون أننا لا نزال متواجدين في الميدان أو في الواقع.
طبيعة المشكلة
وطالب شيخ حسن المجتمع الدولي بأن يفهم جيدا طبيعة المشكلة الصومالية، حيث أن الكثير لا يعرف أن الصومال بلد كبير ويأتي بعد أفغانستان فيما يتعلق بالجبال والصحاري والتضاريس والغابات والأنهار وما يقارب نصف الشعب الصومالي يعملون أو يقومون برعي الإبل في البوادي، لذا يجب على من يود التعامل مع المشكلة الصومالية أن يفهم طبيعتها الجغرافية وطبيعة جيوغرافيك المجتمع الصومالي وطبيعة نمط الحياة للمجتمع الشمالي وطبيعة حركة الشباب وكيف تمارس أعمالها وكيف تجمع المال، وكيف تعمل قواعدها وكيف تتحرك، و يقال إن الصومال تحتاج تقريبا لتأمين حدودها البحرية والبرية ما يقارب 200 ألف جندي، ولا نمتلك الآن ما يقارب 10 آلاف جندي، يجب أن نتفهم المشاكل لكي نضع لها الحلول، لولا تلك العقبات لكان الصومال اليوم في وضع آخر.
خطوة مهمة
من جانبه يقول رئيس مركز مقديشو للدراسات بالصومال، عبد الرحمن إبراهيم عبدي، ظهرت في الآونة الأخيرة خلافات بين الحكومة المركزية وبعض القيادات الولائية في الصومال حول التشكيلة الوزارية الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء الجديد، وأن اللقاء التشاوري الجديد كان خطوة مهمة نحو الاتجاه الصحيح لإنهاء الخلافات بين الجانبين، وتؤكد على عزم الرئيس الجديد حسن محمود على إنهاء الخلافات بين المكونات السياسية في الصومال، وتنفيذا لقراراته أو تنفيذا لشعاره الذي أعلنه خلال الانتخابات والمتمثل في إيجاد صومال متصالح مع نفسه ومع العالم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن هذا اللقاء لم ينه في الحقيقة جميع الخلافات بين الجانبين، لكنه خطوة مهمة لإنهاء هذا التوتر ولبدء خطوة جديدة نحو محاربة حركة الشباب، ومعالجة مشكلة الجفاف التي تضرب بعض المناطق الصومالية، وراح ضحيتها عشرات الصوماليين ونزوح عدد كبير من سكان هذه المناطق.
وأشار عبدي إلى أن الخلافات التي تظهر بين الفينة والأخرى بين الحكومة المركزية والحكومات الولائية أمر عادي بالنسبة لمعادلة السياسية الصومالية، وغالبا تتعلق هذه الخلافات بتوزيع الثروة والسلطة، لكني أرى أن الرئيس الجديد حسن محمود شخصيا مهتم بمثل هذه الخلافات، وأنه قادر على إنهائه، لأنه تدرب ومارس وعرف مثل هذه المشاكل في عهده السابق بالسلطة وفي العهد الذي كان خارج السلطة.
دعم الولايات
وأوضح رئيس مركز مقديشو، أن الرئيس محمود يعرف جيدا أنه لا يمكنه ممارسة مهامه بشكل طبيعي ولن يكون قادر على اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة المشكلة الأمنية وعلى رأسها محاربة حركة الشباب دون دعم قوي وموافقة من قبل رؤساء الولايات والحكومات الإقليمية، وبالتالي فإن هذا اللقاء التشاوري، اعتقد أنه يفسح المجال أمام اتخاذ قرارات قوية وحاسمة لمواجهة التحديات السياسية والتحديات الأمنية.
كان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، قد دعا المدنيين إلى "عدم الاقتراب من مناطق سيطرة حركة الشباب، في أعقاب اجتماع مع رؤساء الولايات الاتحادية، مؤكدا على قتال الحركة باستخدام كل الوسائل المباحة في الحرب، برا وبحرا وجوا "بحسب وسائل إعلام صومالية".
ويشهد الصومال، منذ سنوات، صراعاً دامياً بين القوات الحكومية ومسلحي "حركة الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" (الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول)، التي تسعى إلى السيطرة على الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي.
ويواجه الجيش الصومالي، مدعوما بقوات أمريكية، منذ سنوات، حركة "الشباب" والتي يُقدر الخبراء عدد عناصرها ما بين خمسة إلى عشرة آلاف مقاتل.
يذكر أنه في مايو/أيار، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قرر إعادة نشر القوات الأمريكية في الصومال، بغرض مكافحة الإرهاب، وهو الأمر الذي رحب به الرئيس الصومالي المنتخب، حسن شيخ محمود.