سياسي سوداني لـ"سبوتنيك": مشروع الدستور الانتقالي "باطل"... والإصرار على تمريره يدمر البلاد

أكد السياسي والحقوقي السوداني، الدكتور محمد الزين، أن مشروع الدستور الانتقالي الذي تقدمت به اللجنة التسييرية لنقابة المحامين باطل وغير شرعي ويعقد المشهد السياسي ولن يضع البلاد على طريق الديمقراطية رغم الدعم الإقليمي والدولي له.
Sputnik
وقال في اتصال مع "سبوتنيك"، اليوم الخميس، إن مشروع الدستور الذي يجري الحديث عنه هو نتاج رؤية مجموعة صغيرة من الأحزاب والحرية والتغيير "المجلس المركزي"، استغلت وجودها داخل لجنة تسيير نقابة المحامين وقامت بتمرير فكرة مشروع الدستور، وتم الاتفاق مع بعض السفارات على إعداد هذه المسودة أو هذا المشروع.

"لجنة منتهية الصلاحية"

وأشار السياسي السوداني إلى أن لجنة تسيير أعمال نقابة المحامين التي قامت بهذا العمل تم تكوينها، في ديسمبر/كانون الأول عام 2019، من جانب الفريق ياسر العطا عندما كان رئيس لجنة إزالة التمكين وكان يفترض إنتهاء عملها في مارس/آذار 2020، بعد أن تنهي مهمتها المتمثلة في تنقيح سجل المحامين، وتعديل قانون المحاماة، والإعداد لانتخاب مجلس جديد للنقابة".
ما أسباب القبول والرفض لمشروع الدستور الانتقالي في السودان؟
وأضاف الزين: "وقد فشلت اللجنة خلال الثلاثة أشهر الأولى وتم التمديد لها ثلاثة أشهر أخرى وفشلت، ما يعني أن تلك اللجنة منتهية الصلاحية منذ منتصف العام 2020 ولا وجود لها، وبعد قرارات أكتوبر/تشرين الأول 2021، تم حل كل لجان التسيير فأصبحت بحكم الواقع منعدمة وغير مشروعة، وبالتالي هذه اللجنة استمرت في عملها بشكل غير شرعي وهي اصلا تحولت إلى لجنة قوى الحرية والتغيير "المجلس المركزي"، لتمرير هذا المخطط المكشوف المسنود ببعض الدول، وبالتالي من ناحية تأسيس الجهة التي أصدرت فهي جهة باطلة وغير شرعية وليس مخول لها أن تقدم دستور وما بني على باطل فهو باطل".
ورحب حميدتي، الذي يتولى منصب قائد قوات الدعم السريع، بمشروع الدستور الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السودانية "سونا"، الاثنين الماضي.
وأعرب حميدتي عن أمله في أن يكون مشروع الدستور الجديد خطوة على طريق بناء الثقة بين جميع الأطراف السودانية.

"مشروع ضعيف"

وأوضح الزين أن المحامين ليس لهم معرفة بهذا الموضوع ولم يستشيرهم أحد وتم اقصائهم، وبالتالي هذا الدستور لم يجد له قبول وسط المحامين ناهيك عن الشعب السوداني والذي يتخطى 40 مليون نسمة، وبالتالي سوف يعقد المشهد ليس السياسي وحده بل وصفوف نقابة المحامين السودانيين، فمن قاموا بإعداد هذا المشروع لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة".
وأشار إلى أن ذلك "يعني أنه سيقود إلى إشكاليات كبيرة وفعلا واجهت بعض المجموعات وسط المحامين رفض تام جدا لهذا المشروع، ناهيك عما سيحدث في الوسط العام السوداني".
واشنطن تحث حمدوك والبرهان للعمل معا لتنفيذ الإعلان الدستوري والتحول الديمقراطي في السودان
ولفت الزين إلى أن هذا المشروع ضعيف جدا، ومتخبط في نصوصه وفي مرجعياته، بالرغم من ادعائهم بأن بيوت خبرة وخبراء هم من قاموا بوضعه، لكن القارئ البسيط حينما يطلع على مسودة الدستور يجد هذا الدستور هو عبارة عن دستور نيفاشا في العام 2005، ولم يشار في مسودة الدستور أنه من دستور 2005، وقالوا إنه يعود إلى مرجعية دستور 56، 85 ومبادرات ومواثيق إلى آخره، لكن في الأخير هذا كذب فاضح، وأن المسودة التي قدمت هي مرجعية لدستور 2005 بالإضافة إلى الوثيقة الدستورية في 2019، وهذا ما يعقد المشهد أكثر.
واستطرد: "النصوص الواردة فيه تمكن مجلس الوزراء ورئيس مجلس الوزراء من سلطة التشريع، وبالتالي الحكومة التي ستأتي ستكون شمولية استبدادية، ويمكن الرجوع للمادة 39 و50 و10 في هذا الدستور تجده يضع السلطة التشريعية بيد رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، وهذه مسألة في غاية الخطورة، كذلك المشهد سيتعقد أكثر في مسألة اختيار رئيس مجلس الوزراء ومجلس السيادة والمفوضية والتي يفترض أن تكون وطنية مستقلة".
ولفت السياسي السوداني إلى أن هذا الدستور جاء بأشياء خطيرة تتعلق بالحريات، حيث أجاز إعدام المحكوم عليه وهو في سن الـ70 عاما إذا حكم عليه في جريمة تسمى تقويض النظام الدستوري، وبالتالي فإن هذا الدستور إذا تم تمريره سيؤدي ليس إلى حرب أهلية فقط وإنما إلى فوضى عارمة ويدفع الحكومة لتصفية خصومها السياسيين، باعتبار أن هذا الأمر يتعلق بتقويض النظام الدستوري.
واختتم الزين بقوله:

كون هذا الدستور يتحدث عن اتفاق جوبا ويعتبره جزء لا يتجزأ منه، يخلق صراعات اجتماعية ومشاكل سياسية كبيرة جدا، حتى لو أعلنت بعض الدول التي لها مصالح في السودان ترحيبها به.

وكان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، حميدتي، قد دعا أيضا إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل يقود إلى حل الأزمة السودانية.
ولفت إلى أنه يدعم أي جهد يمكن أن يقود للتغلب على العقبات التي تواجه حل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، داعيا إلى دخول جميع أطرافها في حوار شامل.
وأكد محمد حمدان دقلو أهمية التوصل إلى اتفاق بين جميع الأطراف حتى يمكن استكمال الفترة الانتقالية بالصورة التي توفر الأمن والاستقرار للسودان، مشيرا إلى أنه سيطلع على مشروع الدستور الجديد لإبداء رأيه فيه وتقديم أي ملاحظات في هذا الشأن.
وفي وقت سابق، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أن "الجيش لن يشارك في العمل السياسي"، بينما يقول مراقبون أن هذه الخطوة تجعل الحوار السياسي في البلاد ممكنا، وأنه يجب على المدنيين تشكيل حكومتهم حتى يمكن استكمال مسار التحول الديمقراطي.
مناقشة