تونس... انتقادات لمرسوم يتعلق بـ "الجرائم الإلكترونية".. ونقابة الصحفيين تعتبره "فضيحة وانتكاسة"

تشهد تونس حالة من الجدل، بعد مرسوم قانون أصدره الرئيس قيس سعيد يقضي بالسجن لمدة 5 سنوات لنشر أخبار كاذبة، وهو ما اعتبرته نقابة الصحفيين "فضيحة وانتكاسة" وقالت إنه يعيد إلى الأذهان ممارسات الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في تكميم الأفواه والتضييق على حرية التعبير والزج بالمعارضين في السجون.
Sputnik
وأطاحت ثورة شعبية اندلعت أواخر 2010 بزين العابدين، الذي حكم تونس منذ عام 1987، واتُهم بحكم البلاد بقبضة من حديد.
وأمس الجمعة، أصدر قيس سعيد (أستاذ جامعي سابق متخصص في القانون الدستوري) مرسوما جديدا تحت مسمى "الفصل 24 من قانون جرائم المعلومات والاتصال" ونشره في الرائد (الصحيفة) الرسمي.
ويقضي المرسوم بالسجن لمدة 5 سنوات "على من ينشر أخبار ومعلومات كاذبة عبر شبكة التواصل وأنظمة المعلومات أو إشاعات بهدف الاعتداء على الآخرين أو الإضرار بالأمن العام أو بث الذعر".
كما يقضي الفصل 24 من القانون المذكور بغرامة قدرها 50 ألف دينار (1558 دولارا)، مع مضاعفة العقوبة "إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه".
نائبة نقيب الصحفيين أميرة محمد، وصفت مرسوم القانون الصادر "بأنه فضيحة، وفصل جديد من فصول التضييق على حرية التعبير التي تعتبر أبرز مكاسب الثورة".
تونس... مرسوم رئاسي يقضي بالسجن 5 سنوات بتهمة "الأخبار الكاذبة"
واعتبرت محمد في تصريحات لإذاعة محلية، اليوم السبت، أن هذا القانون "سينسف حرية التعبير، وسيفتح عدة أبواب لملاحقة الصحفيين".
واتهمت نائبة نقيب الصحفيين نظام الرئيس قيس سعيد "بالسعي لتكميم الأفواه بدل البحث عن حلول اقتصادية في ظل الوضع المتردي للبلاد".
وتشهد تونس أزمة اقتصادية متفاقمة، زادت من حدتها حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعيشه البلاد منذ يوليو/تموز 2021 عندما فرض الرئيس إجراءات استثنائية شملت بما في ذلك إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلسي البرلمان والقضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وقالت محمد إن العبارات التي وردت في هذا القانون، كـ"تهديد الأمن العام" و"بث الرعب"، هي حجج استعملها نظام زين العابدين "لتكميم الأفواه وللتضييق على حرية التعبير وزج المعارضين والمخالفين في الرأي بالسجون".
يشار إلى أن معارضي الرئيس التونسي يتهمونه بالقيام بانقلاب عبر الإجراءت الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو 2021، ويقولون إنه وبتولي السلطة التنفيذية انتقل بالبلاد إلى حكم الرجل الواحد من خلال سلسلة من مراسيم رئاسية كرسها في دستور جرى الاستفتاء عليه في يوليو من العام الحالي.
إلا أن سعيد يقول إن الإجراءات التي اتخذها كانت ضرورية "لإنقاذ تونس من سنوات من الركود والشلل السياسي وتفشي الفساد بين الطبقة السياسية"، وفق إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله".
الخارجية الأمريكية: الوضع الاقتصادي في تونس مثير للقلق
في ذات السياق، اعتبرت سلمى الحمروني رئيسة الجمعية التونسية للقانون الدستوري أن مرسوم القانون المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية والاتصال يوم سيكون له تأثير على حرية التعبير وعلى الحملة الانتخابية المقبلة "خاصة إذا لم تكن هناك ضمانات قضائية حول هذه المسألة".
وقالت في تصريحات لصحيفة "الشارع المغاربي" : "أمس صدر مرسوم حول الجرائم السيبرانية ومع فصل مخجل وهو الفصل 24 والذي يمكن أن ينسف مبدأ حرية التعبير حتى وإن كانت الفكرة الحد من الجرائم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها ولدينا من النصوص الكثير وكان بالإمكان توضيح المسألة أكثر".
وأكدت الحمروني أن "الفصل 24 سيكون له تأثر على حرية التعبير وعلى الحملة الانتخابية خاصة إذا لم تكن هناك ضمانات قضائية حول هذه المسألة".
وأمس الأول (الخميس)، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، أن مشروع مرسوم الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل بات جاهزا.
وأمس الجمعة، قال رئيس نقابة الصحفيين التونسيين مهدي الجلاصي إن "المرسوم (الجديد بشأن الفصل 24) انتكاسة جديدة للحقوق والحريات"، مضيفا: "عقوبات النشر في أي شبكة هي ضربة قوية لقيم الثورة التي منحت الحرية للصحفيين ولعموم التونسيين".
وكانت حرية الإعلام أكثر ما ميّز تونس منذ الثورة، بحيث باتت وسائل الإعلام هي الأكثر انفتاحا من أي دولة عربية.
مناقشة