إغلاق بنوك لبنان إلى أجل غير مسمى... ما تداعيات القرار وتأثيره على الاقتصاد؟

في خطوة يراها المراقبون تهديدًا لعمليات فتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد الطاقة والمواد الغذائية، قررت البنوك اللبنانية تمديد إغلاقها لأجل غير مسمى، بسبب نقص الضمانات من قبل السلطات الأمنية.
Sputnik
وقال بيان لجمعية المصارف اللبنانية إنه "نتيجة الاتصالات المكثفة التي أجرتها الجمعية مع الجهات المعنية ولأن المخاطر ما زالت محدقة بموظفي المصارف وزبائنها المتواجدين داخل الفروع، وفي ظل استمرار الجو التحريضي الذي يقف وراء هذه المخاطر والتهديدات، فإن المصارف ستُبقي أبوابها مغلقة قسرياً في الوقت الحاضر".
نصر الله يعلق على الأحداث الأخيرة بمهاجمة مودعين لبنوك في لبنان
وتؤكد الجمعية أن القرار يأتي "في ظل غياب أية إجراءات أو حتى تطمينات من قبل الدولة والجهات الأمنية كافة بهدف تأمين مناخ آمن للعمل".
وأبدى خبراء مخاوفهم من أن تكون هذه الخطوة للضغط على الحكومة من أجل زيادة مكتسبات المصارف، وعدم تحمل نسبتهم من خسائر المودعين، مؤكدين أن هناك عددًا من التأثيرات السلبية لقرار تمديد إغلاق البنوك، أبرزها الاعتمادات، وتعريض القطاع العام للخطر بسبب الرواتب.
تأثيرات سلبية
اعتبر زياد ناصر الدين، الباحث الاقتصادي اللبناني، أن مجرد عنوان الإعلان عن قرار إغلاق المصارف اللبنانية لأجل غير مسمى، يعطي انطباعًا سيئًا عن الاقتصاد، في ظل ما يعيشه اللبنانيون من واقع اقتصادي صعب جدًا على كافة المستويات، والذي يحتاج إلى معالجة شاملة وسريعة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الجميع يعلم طريقة إغلاق هذه البنوك منذ بداية الأزمة، وكيف ساهمت في الوضع الاقتصادي المتأزم وانهيار الليرة، فهي تتخبط الآن بعدما تصرفت في أموال المودعين هي والمصرف المركزي والحكومات، بطريقة خارجة عن القانون وعن نظام النقد والتسليف في لبنان.
وأوضح أنه "في ظل ما يعانيه لبنان، وهو بلد غير منتج، وتداعيات الأزمة على كل القطاعات الاقتصادية، هناك ضرورة في أن تعمل المصارف بالحد الأدنى المطلوب، بالرغم من العراقيل الكثيرة التي تواجه الاقتصاد وقطاعاته، مؤكدًا أن هناك تأثيرات سلبية كبيرة لقرار الإغلاق، لا سيما إذا استمر وطالت الموضوعات المتعلقة بفتح الاعتمادات من أجل الحصول على الفيول والبنزين والمازوت لاحقا، وكذلك استيراد المواد الغذائية".
البنوك اللبنانية تمدد إغلاقها بسبب نقص الضمانات الأمنية
وقال إن "هناك مخاوف من أن تكون هذه الخطوة للضغط من أجل الحصول على مكتسبات وعدم تحمل نتيجة الأزمة، وجزء الخسائر المطلوب تحملها من قبل المصارف في أي خطة اقتصادية أو تعافي اقتصادية، أو للحصول على مكتسبات أكبر مما تحصل عليه اليوم".
ويرى ناصر الدين، أن واقع المصارف في لبنان بات سياسيًا، وكذلك الاقتصاد والقطاع العام، وكل الإجراءات التي تأخذ حاليًا لها أبعاد سياسية لا تقنية تفيد الاقتصاد الوطني.
تهديد القطاع العام
من جانبه، أكد الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، أن إغلاق المصارف اللبنانية، له تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني، بالرغم من أن تقلص دورها ونسبة مشاركتها في حجم الناتج القومي بنسبة كبيرة خلال فترة الأزمة، وبات دورها ينحصر في دفع قيمة الودائع وبشكل مقنن، إضافة لعملية فتح الاعتمادات للتجار والصناعيين والتي يتم تغذيتها بشكل نقدي من قبلهم في الأساس.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن قرار الإغلاق يمكن أن يؤثر بشكل كبير على سير عملية دفع الرواتب، لا سيما رواتب القطاع العام والذي بمعظمه يستعمل المصارف كوسيلة لدفع هذه الرواتب عبر البطاقات المصرفية.
وأكد أن خطوة كهذه من شأنها أن تهدد سير العمل في الإدارات والمؤسسات العامة، إذا ما لجأ هؤلاء الموظفون إلى التوقف عن العمل والإضراب بشكل كلي كرد فعل على عدم دفع الرواتب.
ارتفاع أسعار البنزين في لبنان... 95 و98 أوكتان زاد 29000 ليرة
واعتبر عكوش أن هذا الإغلاق لن يستمر لفترة طويلة، وسيتم معالجة الأمر مع النقابات وجمعية المصارف لتأمين الحماية اللازمة لها لإعادة فتح أبوابها، لكن في المقابل يجب إبداء حسن النية من قبل هذه المصارف ومصرف لبنان المركزي لناحية تخفيض نسبة الاقتطاع من الدفعات الشهرية، التي يتقاضاها أصحاب الودائع وخاصة صغار المودعين، وإلا فإن الهجوم على المصارف سيستمر ولو بأشكال مختلفة.
وأعلنت جمعية المصارف في لبنان، يوم الجمعة الماضي، إغلاق جميع المصارف لمدة 3 أيام، ابتداءً من يوم الاثنين، بعد الاعتداءات المتكررة في الآونة الأخيرة، وبغية اتخاذ التدابير التنظيمية اللازمة.
وسجل لبنان، ثماني عمليات اقتحام للمصارف من المودعين لاسترجاع ودائعهم "المحتجزة" منذ بدء الأزمة الاقتصادية، وكان أبرز الاقتحامات في بلدة شحيم بعد أن أطلق المقتحم عدة طلقات من مسدس حربي مطالبا بتحويل مبلغ 180 ألف دولار لاستلامها في تركيا من أصل وديعة عائلته البالغة مليون دولار".
واعتبر رئيس جمعية "المودعين اللبنانيين" حسن مغنية أن "الحرب المفتوحة أعلنها المودعون عبر سلسلة الاقتحامات التي بدأت منذ عدة أشهر، الناس أرهقت والكلفة المعيشية أصبحت مرتفعة جدا بالنسبة لهم، بالإضافة إلى وجود حالات مرضية كثيرة وأموالهم محتجزة في المصارف".
مناقشة