وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني ناصر الشريدة، في لقاء جمعه بسفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المملكة، ماريا هادجيثيودوسيو، إن بلاده التي ترتبط بعلاقات "متينة وتاريخية واستراتيجية" مع الاتحاد الأوروبي، شهدت نقلة نوعية خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح أن هذه المساعدات تأتي "في إطار المساهمة في دعم جهود الحكومة الأردنية في المجالات التنموية والإصلاحية المختلفة الاقتصادية والسياسة والإدارية من خلال تنفيذ حزمة من البرامج والمشاريع التنموية بما فيها برامج دعم قطاعي من خلال الموازنة العامة".
وطرح البعض تساؤلات حول أهداف المنحة وأهميتها، في ظل عدم وضوح الكثير من التفاصيل المتعلقة بالقطاعات التي ستدعمها المنحة في الأردن، وإمكانية استخدامها في دعم الموازنة.
أزمات اقتصادية
قال عبد الله أبو زيد، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار بمجلس النواب الأردني، إن الاتحاد الأوروبي من أكثر الداعمين للاقتصاد الأردني، حيث يرى أن المملكة من أكبر الدول المستضيفة للاجئين، فربع تعداد سكانها لاجئين من سوريا وليبيا وفلسطين واليمن، وغيرهم من الدول العربية، وطالما نادى الأردن بالوقوف إلى جانبه لدعم هذا الملف المهم.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن الأردن يعاني من أزمات اقتصادية حادة، وزيادة سكانية كبيرة، وقلة في الخدمات المقدمة، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وآثار جائحة كورونا، لذلك من المرحب به أي دعم أو منح دولية تصب في صالح البنية التحتية، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية.
وأكد أن الأردن لا يقبل كل الدعم المقدم، حيث هناك دعم من قبل بعض المؤسسات المدنية الذي تحوم حولها الشبهات يرفضه الأردن، أما المنح المقدمة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم الاقتصاد والتنمية فهي مقبولة ومرحب بها، في ظل الظروف الصعبة، والأزمات المالية والاقتصادية.
ويرى أبوزيد أن المنحة المقدمة من قبل الاتحاد الأوروبي لدعم المشروعات التنموية والتحول الأخضر، تخدم الأردن، الذي يستضيف 3 ملايين لاجئ، وتسهم في إصلاح البنية التحتية، ودعم النهوض بالصحة والتعليم، لا سيما في ظل استقبال التعليم الحكومي أكثر من 300 ألف طالب محول من التعليم الحكومي بسبب الأزمة المالية، ما يمثل إرهاقًا على موازنة الدولة التعليمية.
علامات استفهام
من جانبها، اعتبرت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، أن المنحة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي للمملكة، تحاطه الكثير من التساؤلات، لا سيما وأن الدعم جاء من الاتحاد بصفة عامة وليس من دولة بعينها، وكذلك الإعلان عنه بشكل متتالي وفي نهاية العام، وعادة ما يتم الإعلان عن مثل هذه المنح في مطلع العام.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، ذكر بيان المنحة أنها مقدمة لدعم مشروعات تنموية في الأردن، لكنها لم تحدد ماهية هذه المشروعات، وفي أي المجالات، هل لدعم الطاقة أم البنية التحتية أم دعم الموازنة، مؤكدة أن هذه الأمور غير واضحة إلى الآن ولم يتم الإعلان عنها، لكن المنحة جاءت في وقت تروج فيه المملكة لبرنامجها الاقتصادي والإداري والإصلاحي.
وتوقعت العبسة أن يستخدم الأردن هذه المنحة لمسألة حماية الحدود الأردنية مع سوريا والتي تعاني من انفلات أمني كبير، وانعدام القدرة الأمنية على السيطرة عليها، وجزء آخر في يمكن استخدامها لدعم موازنة الدولة، وتسديد بعض الديون الخارجية للمملكة والتي جاءت موعد استحقاقها.
شراكة استراتيجية
في السياق، اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل الأردني، والبرلماني السابق، أن الدولة الأدرنية تعتبر شريكًا أساسيًا واستراتيجًا مع الاتحاد الأوروبي، وقد نسج علاقات استراتيجية وتاريخية معه، وهناك تواصل مستمر مع مؤسساته ودوله، في ظل علاقات تاريخية يمكن البناء عليها، وهناك وجهات نظر سياسية متقاربة لا سيما في القضية الفلسطينية وحل الدولتين، وبعض قضايا المنطقة والإقليم وقضية اللاجئين.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال المنحة التي خصصها للمملكة الأردنية إلى تعزيز الأمن وسيادة القانون وتعزيز المشاركة السياسية، والتحول الأخضر في الاقتصاد، من أجل المساهمة في تطوير اقتصاد الأردن واستدامته بيئيًا واجتماعيًا والاهتمام بأنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة في أغلب قطاعات الطاقة والمياه والنقل.
وتابع: "في ضوء مجمل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الأردن، والتي نتجت عن وجود كمية كبيرة من اللاجئين داخل حدود الدولة، وتداعيات أزمة كورونا، وفي ظل رؤية الأردن للتحديث الاقتصادي، جاءت المنحة لخدمة كل هذه الجوانب".
وأوضح أن المنحة الأوروبية ستسهم بشكل كبير في دعم موازنة الدولة الأردنية، وسد الحاجات المالية التي تتطلبها بعد المجالات الاقتصادية والتنموية الهامة، ما ينعكس بشكل إيجابي على المملكة ووضعها الاقتصادي، ويساهم في تقليل معدلات الفقر والبطالة المرتفعة.
وكشف الشريدة عن توقيعه مع الاتحاد الأوروبي على منحة بقيمة 40 مليون يورو لبرنامج "دعم الاقتصاد الأخضر في الأردن".
وأشار إلى أن "المنحة ستنفذ على مدار 5 أعوام، وجاءت للمساعدة في جهود الحكومة الأردنية للانتقال نحو اقتصاد أخضر من خلال دعم الخطط والسياسات القائمة في هذا المجال، وتحديداً خطة العمل الوطنية للنمو الأخضر للأعوام 2021 – 2025".
وتستهدف المنحة المذكورة "دعم مجالات تتصل بأنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة والفعالة في القطاع الصناعي، والإدارة المستدامة للموارد في قطاعات الطاقة والمياه والزراعة والنقل الإلكتروني، بما في ذلك تخزين الطاقة المتجددة باستخدام ضخ المياه والاستفادة من الطاقة الشمسية في أنظمة ضخها، وتعزيز الاقتصاد الدائري، وتحسين التنوع البيولوجي والحفاظ على الطبيعة لتعزيز التنمية المحلية"، بحسب الوزير الأردني.