الاحتقان الحاصل في الشارع الليبي، زاده ما كشفه تقرير ديوان المحاسبة من ملاحظات حول إهدار الملايين في ظل أزمة اقتصادية ومعاناة شعبية بسبب عدم توفر السلع وانعدام الخدمات.
وشهدت العاصمة الليبية مساء أمس اشتباكات بين كتائب تابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة، في إطار فرض النفوذ الجغرافي في العاصمة.
وقعت الاشتباكات بين كتائب "301" من مدينة مصراتة، التابعة لعبد السلام زوبي، وكتيبة من مدينة الزاوية التي يقودها محمد البحرون الملقب بـ"الفار"، في طريق المطار وبوابة الجبس، فيما تدخلت كتيبة أخرى لفض الاشتباكات.
وقالت مصادر عسكرية ليبية، إن حكومة فتحي باشاغا لن تخوض أي مواجهات في الفترة الحالية من أجل دخول العاصمة.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الخلاف الحالي بين جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة قد يقود نحو مواجهات جديدة في العاصمة لفرض السيطرة.
فيما قال محمد السلاك، المتحدث باسم المجلس الرئاسي السابق، إن باشاغا أقر في وقت سابق بعدم قدرته على دخول العاصمة حقنا للدماء.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن موقف باشاغا إيجابي، خاصة أن الدخول في حرب موسعة قد يجر الأوضاع إلى مصاعب غير مسبوقة.
ويرى أن حكومة الدبيبة ليس لديها جدية من أجل إجراء الانتخابات، وأنه لابد من وجود سلطة موحدة متفق عليها محليا وإقليميا ودوليا.
ويرى السلاك أن الشارع الليبي لم يعد يحتمل استمرار الوضع على ما هو عليه، وأنه قد ينفجر في أي لحظة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية وسوء الخدمات وتردي الأوضاع كافة.
من ناحيته، قال محمد قشوط المحلل السياسي الليبي، إن الشعب الليبي لن يتحمل بقاء الوضع على ما هو عليه في الوقت الراهن.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن جميع الخيارات أصبحت متاحة خاصة بعد تقرير ديوان المحاسبة وما حمله من ملاحظات، وأن تعنت حكومة الدبيبة بشأن تسليم السلطة يعيد مشهد حكومة السراج للواجهة، والذي ترتب عليه العديد من المصاعب الاقتصادية التي لا يمكن تحملها مرة ثانية.
ويرى قشوط أن تصريحات الدبيبة عن الانتخابات وضرورة إجرائها هي للاستهلاك الإعلامي فقط، وأن الأخير يعي أن إتمام العملية تعني خروجه من المشهد.
وبشأن احتمالية دخول العاصمة طرابلس من قبل فتحي باشاغا، استبعد قشوط قدرة الأخير على الدخول للعاصمة.
ويرجح أن فشل باشاغا في دخول العاصمة يعود إلى أخطاء تكتيكية وإدارية ارتكبتها قواته، وبسبب إهمالها لفكرة السيطرة على مدن الساحل الغربي والجبل الغربي في المنطقة الغربية لعزل طرابلس.
ولفت إلى أن الأنظار اليوم تتجه للقوات المسلحة والمشير خليفة حفتر، خاصة أن الجيش يعد القوة الأكبر في ليبيا، ومن لديه القدرة على خوض الحرب، إن كانت ضرورية لتحرير طرابلس، والمنطقة الغربية.
ويعتقد أنه على "حكومة باشاغا" ضرورة التنسيق مع القوات المسلحة لتوحيد الجهود إذا كانت لديها رغبة في أن تفرض نفسها في كامل ليبيا.
وتأتي الاشتباكات في ظل استمرار التوتر السياسي والعسكري المتصاعد نتيجة الصراع على السلطة بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.
وقبل أسابيع، قتل 23 شخصا إثر قتال عنيف بين الكتائب الموالية لباشاغا والأخرى الداعمة للدبيبة.
وحذر خبراء من استمرار الوضع الحالي، وأكدوا أن النتيجة الحتمية لحالة الانسداد السياسي وتردي الوضع الاقتصادي تتمثل في انفجار شعبي غير مسبوق.