واستبقت جماعة "أنصار الله" عملية تجديد الهدنة بعرض عسكري استعرضت خلاله العديد من الأسلحة القتالية التي كشفت عنها لأول مرة تنوعت بين دفاعات جوية وبحرية ورادارات وصواريخ ومسيرات وغيرها من العتاد العسكري، الأمر الذي دفع مراقبين للحديث عن ضغوط من جانب صنعاء على المبعوث الأممي والدول الراعية لتنفيذ شروط الجماعة.
فهل يمكن أن ترفض أطراف الحرب في اليمن تمديد الهدنة؟
بداية، يقول الباحث السياسي اليمني، الدكتور عبد الستار الشميري، إن "الجماعة الحوثية (أنصار الله) ثبتت أقدامها في مناطق جغرافية وتزودت بالسلاح والمال وأصبحت قدراتها نوعية من خلال الصواريخ والمسيرات الإيرانية والدعم المالي".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أنه "لا شك أن الحوثيين استفادوا من الهدن الثلاث ونحن بانتظار الهدنة الرابعة بعد أيام، وعلى ما يبدو أنها سوف تنتزع مكاسب أخرى في الهدنة الرابعة ربما من البوابة الاقتصادية هذه المرة، وبالفعل فترة الهدن هي فترة تسكين وتجميد وترحيل للقضية اليمنية".
وتابع الشميري أنه "لا شك أن مرحلة التهدئة أحدثت اختراقا في جدار الأزمة اليمنية، حيث يرى المراقبون الدوليون أن أعداد الضحايا قد انخفض بشكل ملحوظ، كما أن هناك تدفق للمعونات الإنسانية وإن كانت شحيحة، لكن يرون أنهم أحدثوا شيئا، ومن وجهة نظر يمنية يدرك اليمنيون والشرعية على وجه الخصوص أنهم خسروا كثيرا من هذه الهدن، على المستوى الاستراتيجي ساعدت في تأسيس دويلة داخل الدولة، وذراع كاملة الأوصاف للاحتلال الإيراني المتكامل".
الهدنة الرابعة
وأشار الباحث اليمني إلى أن "الهدنة الرابعة قد لا تتم في موعدها المحدد بعد أيام وسوف تتأخر قليلا، حيث ستكون هناك جولات من المباحثات لأن الحوثي لا يعطي شيئا بالمجان، وسيحاول انتزاع مكاسب أخرى، ومن الواقع على الأرض نجد أن المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية غير جاهزين الآن لعودة الخيار العسكري إلى الجبهات وتحقيق إنجاز فيه، ربما جاهزون لصد أي هجمات توسعية، ولا ننسى أن هناك 60-65 في المئة من جغرافيات اليمن لا تزال بيد الشرعية في محافظات مختلفة".
وأوضح الشميري أن "الحوثيين ورغم كل هذه الاستعراضات العسكرية التي أشرت إليها غير قادر على تحقيق إنجاز عسكري لانتزاع مأرب أو تعز أو أي مناطق في الجنوب، هناك حالة من توازن الضعف بين الطرفين، وهذا التوازن يفضي إلى هذه الهدن في النهاية، وهذا الأمر قريب من الرؤية الأمريكية التي ترى أن هذه الهدن هي عبارة عن وقف لإطلاق النار يساعدها في المسار الأمني، حيث تنطلق الرؤية الأمريكية نحو اليمن من رؤية أمنية بحتة في بعدين مختلفين، البعد الأول تأمين البحر الأحمر وطرق الملاحة والطاقة، والأمر الثاني مكافحة الإرهاب".
وأكد الباحث اليمني أن "الحكومة الشرعية في الفترة الأخيرة أبلت بلاء حسنا في مكافحة الإرهاب والقاعدة في أبين وشبوة وغيرها، ولذلك يبقى المنظور الأمريكي بل منظور الأمم المتحدة الذي هو بالنهاية منظور أمريكي، يرى أن هذه الهدن هي المنفذ الوحيد الذي يمكن أن تستمر فيه في عملها إلى أجل، ربما يكون بعيدا، على أمل أن هناك أمل في فتح حوار سياسي لمصالحة شاملة وهذا يبدو بعيد المنال".
تمديد الهدنة
من جانبه، يقول المحلل السياسي اليمني أكرم الحاج : "لا يمكن لأي طرف من الأطراف في الوقت الراهن أن يكون هو الضاغط في مسألة تلبية الرغبات لتجديد الهدنة، لكن يمكن القول إن هناك تدرج في مسألة إيجاد الحلول المناسبة للأطراف اليمنية في مواصلة الهدنة والتوجه إلى رؤية مشتركة، الاستعراضات العسكرية في صنعاء قد تكون ملفتة من النظرة العامة، لكنها لا تمثل المحور الرئيسي الضاغط لتلبية طلباتها فيما يتعلق بتجديد الهدنة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "أعتقد أن التمديد الذي يحدث الآن للهدنة هو فقط لأن كل الأطراف ترغب في التمديد نظرا للمتغيرات الدولية التي يعيشها العالم نتيجة العملية العسكرية الروسية الخاصة في إقليم دونباس، هذا هو الهدف من التمديد، والأطراف اليمنية لا حول لها ولا قوة في مسألة الرفض أو الموافقة في في مسألة تمديد الهدنة، الهدنة ستمدد وستذهب الأطراف اليمنية إلى هدنة قادمة لكن هذه الهدنة كما أسلفت لن تقدم أي شيء للقضية اليمنية، ولن تقدم أي شيء للأطراف اليمنية، فهي هدنة فقط كما تريد الولايات المتحدة الأمريكية".
وأشار الحاج إلى أن "الهدنة الرابعة قد تكون بنفس مدد الهدن السابقة شهرين وأن ما يجري الحديث عن أنها ستمدد لستة أشهر سيكون بعيد تماما، والهدنة هي عملية تكتيك لمسألة تهدئة الأوضاع بين الأطراف اليمنية، خصوصا أن الأطراف اليمنية لم يعد لديها أي ملفات أو خيارات في مسألة الشروط والشرط الوحيد الآن الذي تلعب عليه جميع الأطراف هو صرف الرواتب لجميع موظفي الدولة، هذا هو الشرط في الواجهة العامة لدى الأطراف اليمنية هو صرف المرتبات، أما غير ذلك فهي أمور ثانوية وليست واضحة حتى للأطراف نفسها والمتعلقة بمسألة إغلاق مطار صنعاء وميناء الحديدة، ومسألة فتح الطريق في مدينة تعز، هذا الشرط لم لم يتم الالتزام به حتى الآن".
وأكد الحاج أن مسألة الهدنة هنا هي من أجل الهدنة، ليس هناك أي رؤية جديدة لحلول سياسية، كل ما في الأمر أن الأوضاع الدولية الراهنة هي الضاغط الرئيسي لتمديد الهدنة.
أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، "تقديم مقترح لمختلف الأطراف في اليمن لتمديد الهدنة لأطول فترة ممكنة".
وقال غروندبرغ، في تصريحات مع قناة الجزيرة، إن "الأمم المتحدة تنتظر رد الأطراف اليمنية على مقترحنا"، مشددا على ضرورة وجود مقاربة بناءة بين الجميع.
وأضاف: "الهدنة كانت إنجازا كبيرا، ونأمل الوصول إلى حل نهائي ووقف إطلاق نار دائم ينهي الحرب في اليمن"، متابعا: "لا يمكن أن نصل إلى نتائج إن لم تكن هناك إرادة سياسية من الأطراف اليمنية وهذا ضروري للنجاح".
وكان رئيس المجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، أكد الموافقة على تمديد هدنة الأمم المتحدة والتي تنتهي في غضون أيام، مشترطا فتح الطرق التي تغلقها "أنصار الله" في محافظة تعز، واصفا وقف إطلاق النار المؤقت بالفرصة التاريخية لتحقيق السلام.
من جهتها، جددت جماعة "أنصار الله"، "تمسكها بضرورة رفع التحالف العربي بقيادة السعودية، القيود التي يفرضها على المطارات والموانئ اليمنية، ودفع رواتب كافة الموظفين الحكوميين، مقابل تمديد هدنة الأمم المتحدة".
وقال المجلس السياسي الأعلى المشكل من "أنصار الله"، خلال اجتماع عقده برئاسة رئيسه مهدي المشاط، إنه "سيدرس كل ما قدّم أو سيُقدم للمجلس بشأن الهدنة وسيتخذ القرار المناسب إزاءه، بما يلبي حجم التضحيات ويخدم المصلحة الوطنية العليا ويحافظ على المكتسبات ويخفف من معاناة أبناء الشعب اليمني"، حسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".