المشروع اللبناني الجديد جاء بدعم من منظمة "الإسكوا" (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا)، ويهدف إلى تحديد إجراءات قصيرة الأمل في قطاعات أساسية لبدء الانتعاش الاقتصادي، من خلال إيجاد فرص عمل ومصادر دخل إضافية بوتيرة سريعة، ويركز على 3 قطاعات رئيسية، الأعمال الزراعية والسياحة والاقتصاد الرقمي.
وبينما يرى المراقبون أهمية وضع هذه الخطط من أجل إنقاذ الاقتصاد، يؤكدون في الوقت نفسه أن أي حل اقتصادي يحتاج إلى توافق سياسي، وانتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم حكومة بكامل صلاحياتها، وكذلك أن تكون مثل هذه الخطط شاملة.
توافق سياسي مطلوب
قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن مشروع خطة الإنعاش التي أعلنتها وزارة الاقتصاد بالتعاون مع الأمم المتحدة، يركز على تعزيز التخطيط الإنمائي المتكامل، ما يعني وضع خطة استراتيجية قصيرة الأمد على مرحلتين، تركز على القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن هذه الخطة تعتمد فقط على وضع نظريات ودراسات وهذا ما لا يحتاجه لبنان؛ والذي هو اليوم بحاجة إلى هيكلة القوانين لوقف المنافسة غير المشروعة للسلع الأجنبية على حساب السلع المحلية، وذلك بعد أن أضحت الرسوم الجمركية الحمائية تقريبا صفر.
وتابع: "نحتاج إلى تطبيق القوانين التي تم إقرارها وإصدارها كقانون المنافسة، وقانون الشفافية، وقانون الحصول على المعلومات، والتي تمكن أي مستثمر من تحليل هذه المعلومات على مستوى الاقتصاد والسوق، وبالتالي الوصول إلى التخطيط بشكل سليم، وهذا الشيء مفقود للأسف في لبنان".
ويرى عكوش أن من الجيد أن تقوم وزارة الاقتصاد بإعداد هذه الدراسة، لكنه أكد على أنها لا تكفي لتلبية احتياجات ومتطلبات إنقاذ الاقتصاد اللبناني، ما لم تترافق مع تطبيق هذه الدراسات والقوانين، حيث سبق وأن وضعت الكثير من الدراسات، ودفعت لبنان مبالغ كبيرة للحصول عليها، مثل دراسة ماكنزي لكنها في النهاية لم تنفذ.
وعن المطلوب من أجل إنقاذ الوضع الاقتصادي المتأزم، قال إن "هناك ضرورة ملحة لتأمين التوافق السياسي بين القوى السياسية قبل الدخول في وضع الخطط، لأنها في النهاية ستظل حبيسة الأدراج ولن يتم تطبيقها، ما لم يحدث التوافق المطلوب".
تقطيع الوقت
من جانبه، اعتبر أسامة وهبي، الناشط المدني اللبناني، أن الحديث عن إطلاق مشاريع وخطط حكومية لبنانية بالتعاون مع الأمم المتحدة، مجرد تسويق إعلامي، فهي في النهاية خطط وهمية وضعت فقط من أجل تقطيع الوقت، وليس هناك أي أمر جدي يمكن فعله في هذا الصدد.
واعتبر في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن الحكومة اللبنانية الحالية هي مجرد حكومة تصريف أعمال، وكل ما يخرج عنها من تصريحات وبيانات عن خطط لإنعاش وإنقاذ الاقتصاد المتدهور، ومحاولة حلحلة الوضع لمنع الانهيار، هو "ذر للرماد في العيون، ومحاولة لإيهام الشارع اللبناني بأن هناك حكومة تعمل لصالحه".
وتابع: "نحن ذاهبون إلى فراغ رئاسي قد يطول لفترة طويلة، وهذه السلطة السياسية الموجودة حاليًا وتحاول تسويق نفسها، هي المسؤولة كل المسؤولية عن هذا الفشل، ولن يكون هناك أي شيء جديد أو حل عملي على أرض الواقع، إلا إذا تم تطبيق كافة الإصلاحات المطلوبة عبر خطة شاملة، وقبل ذلك يجب أن ينتخب الرئيس الجديد للجمهورية، وتشكل حكومة لبنانية كاملة الصلاحيات".
وأكد وهبي أن الخطط التي تعلن عنها حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بين الفينة والأخرى، هي فقط لتضيع الوقت، وإيهام الشارع بأن هناك من يسعى لصالحهم ويعمل من أجل تلبية احتياجاتهم، أما الواقع معاكس لهذا الشيء تمامًا ويعيش فيه كل اللبنانيون".
وقال بيان لـ"الإسكوا" إن "الناتج المحلي الإجمالي في لبنان تقلص بنسبة 25 في المئة في عام 2020، وبنسبة 16.2 في المئة في عام 2021، وتوقعت نموا إيجابيا لعام 2022، الأمر الذي ستعتمد عليه الخطة لتعزيز الإنتاجية والتنافسية، وتحسين بيئة الأعمال لاستقطاب رؤوس الأموال الجديدة، وإيجاد المزيد من فرص العمل للشباب"، بحسب صحيفة "النهار".
وأكد البيان أن الخطة تربط هذه الأهداف بإجراءات قصيرة ومتوسطة الأجل تضمنتها خطط التنمية الوطنية والقطاعية التي وضعتها الحكومة اللبنانية ودعمتها منظمات دولية سابقًا.
ومن المقرر وفق البيان أن تدعم الإسكوا الوزارة من خلال هذا المشروع في تقييم تأثير السياسات المختلفة على الاقتصاد، وتحديد مؤشرات لقياس الأداء ومواءمة الميزانيات مع الخدد، فيما يتركز الهدف النهائي من المشروع في إعادة بناء اقتصاد منتج ومبتكر وتنافسي وتمكيني يدعم التعافي من الأزمة بحلول عام 2025.