ظل اسم إبراهيم الرفاعي أحد الأسماء التي أرعبت إسرائيل خلال حياته العسكرية ومشاركته في حرب الاستنزاف والعبور التاريخي للقوات المصرية في أكتوبر 1973 وتكبيد إسرائيل خسائر فادحة.
في مقابلة خاصة مع "سبوتنيك"، تحدثت ليلى إبراهيم الرفاعي، ابنة قائد "المجموعة 39 قتال" عن تفاصيل حياته الشخصية والعسكرية والاجتماعية.
تقول ابنة الرفاعي إن والدها كان هادئا على المستوى المدني بشكل مغاير لحياته العسكرية، كان يسمع الموسيقى ويسجل يوميات الأسرة وتفاصيل حياة الأبناء المدرسية عبر شرائط الكاسيت، كمان كان يصطحبها وشقيقها وأطفاله إلى الملاهي ويحرص على متابعة تفاصيل دراستهم، كما أنه لم يفرق بينهم في المعاملة ولا حتى على مستوى الرياضة التي دربهما عليها منها السباحة والرماية وركوب الخيل.
بعد اعتداءات 67 كما تقول ليلى الرفاعي "نحن لم نهزم لأننا لم ندخل الحرب من الأساس"... أصيب والدها بنزيف إثر حزنه على ما وقع ونقل بعدها للعلاج في الخارج، وبعد أن عاد أسس "المجموعة 39 قتال".
إبراهيم الرفاعي
© Photo
كان الرفاعي يقول لأفراد أسرته بعد أن أسس المجموعة إن إسرائيل لن تبقى على أرض مصر ما دام حيا، وأن النصر قادم لا محالة.
وداع قبل العمليات
تقول الرفاعي إن والدها كان يودعهم قبل كل عملية كما أنه لن يعود مرة أخرى، خاصة أنه كان يتقدم المجموعة أثناء تنفيذ أي عملية، كما يحرص على أن يكون آخر فرد أثناء عودة المجموعة بعد تنفيذ العمليات، ولا يغادر المكان حتى يتأكد من أن العملية تمت كما خطط لها ويشاهد تدمير الموقع أو الهدف بعينه، كما أنه رفض أن يكون الملحق العسكري لمصر في إنجلترا قبل حرب أكتوبر، وصمم على استمراره في القتال حتى تحرير الأرض وخروج إسرائيل من مصر.
نفذ الرفاعي نحو 8 عمليات بعد اندلاع الحرب في السادس من أكتوبر، حسب ليلى الرفاعي التي تقول إن السادس من أكتوبر لم يكن فارقا بشكل كبير على مستوى الأسرة التي اعتادت على العمليات العسكرية ونشوة الانتصار التي كان يحققها والدها مع مجموعته.
أبرز العمليات
نفذ الرفاعي ومجموعته 92 عملية خلف خطوط العدو، لكن بعض العمليات كانت بمثابة الثأر، وتمثل أهمية كبيرة له، ومنها عملية " لسان التمساح" التي ثأرت فيها المجموعة لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان الجيش المصري، حيث قامت بالإغارة على النقطة الإسرائيلية الحصينة في 19 أبريل/ نيسان 1969، وهي النقطة التي خرجت منها الدانة التي أصابت الفريق عبد المنعم رياض وأدت لاستشهاده.
إبراهيم الرفاعي
© Photo
تذكر ليلى أن "المجموعة 39" نفذت العملية وقتلت 44 فردا إسرائيليا، ورفعت العلم المصري وانتظرت لمدة ثلاث ساعات بالموقع في انتظار وصول أي قوات إسرائيلية لتدميرها هي الأخرى، لكن الأوامر جاءتهم بعد ذلك بالعودة.
العملية الأخرى هي عملية تدمير الأسلحة التي استولت عليها إسرائيل بعد 67، حيث كلفت المجموعة بتدمير الموقع حتى لا تتباهى إسرائيل بالأسلحة أمام العالم، ونفذت المجموعة عملية تدمير كاملة.
توضح الرفاعي أن والدها كان يحكي لهما أهم اللحظات خلال أصعب العمليات، وكيف تمكنوا من أسر بعض الجنود وتدمير المواقع، وأنه كان يزرع في شخصيتهم القوة.
كما نفذ عملية تدمير آبار بترول بلاعيم في 6 أكتوبر 1973، وعملية ضرب مواقع العدو الإسرائيلى في شرم الشيخ ورأس محمد في 7 أكتوبر 1973، وعملية الإغارة على مطار الطور في 7 أكتوبر 1973، بالإضافة إلى عملية منطقة الدفرسوار في 19 أكتوبر، وتم منع العدو من التقدم في اتجاه طريق "الإسماعيلية / القاهرة"، وهي كانت آخر عملية شارك فيها الرفاعي مع مجموعته.
معسكر المجموعة 39 قتال
ترددت ابنة الرفاعي وشقيقها سامح على معسكر المجموعة بمصر الجديدة، حيث تؤكد أن المعسكر كان أقرب لمنزل أعضائه، حيث كانوا يمارسون هواياتهم ولعب الكرة والهويات الرياضية الأخرى إلى جانب التدريبات، وأنهم كانوا على قلب رجل واحد ويسود الحب بينهم دائما.
ليلى الرقاعي وشقيقها سامح
© Photo
حسب ليلى الرفاعي فإن مجموعة من القادة كانوا من أقرب الشخصيات لوالدها وكانوا يترددون على منزلهم دائما، كان منهم الفريق محمد صادق، والرائد عصام الدالي الضابط بالمجموعة 39، ومجموعة أخرى من القيادات العسكرية.
قالت ابنة الرفاعي إن والدها كان على يقين أنه لن يعيش طويلا، حيث أخبر والدتها قبل الزواج أنه سيعيش 10 أعوام بعد الزواج، وفعلا استشهد بعد عشرة سنوات ونصف من زواجه.
توضح الرفاعي أن أشقاء والدتها كانوا خمسة ضباط، وأنها تحملت المسؤولية كاملة بعد استشهاده، خاصة أنها كانت على يقين بأنه رجل حرب ومعرض للاستشهاد في أي وقت، كما استشهد شقيق والدها الطيار أحمد التهامي في اليوم الثاني لاستشهاد والدها، حيث قرر أن يثأر لوالدها.
مواقف خالدة
تذكر ابنة الرفاعي أن والدها كان يصيد الجوائز أيضا كما كان يصيد أفاعي إسرائيل، حيث كان يشارك أطفاله في ألعاب الملاهي والرماية ويحصد الجوائز ويعود نهاية اليوم بالعديد من التماثيل والعرائس حصيلة مسابقات اليوم.
ضمن المواقف التي تذكرها ابنة الرفاعي في ليلة عيد كانت تتجول مع والدها وشقيقها وأعجبتها" عروسة وصندوق نقود" في أحد المحلات المغلقة، ولم تتمكن من شرائها في هذه الليلة، لكنها فوجئت صباح العيد بوجود العروسة وصندوق النقود جوارها.
تؤكد ليلى الرفاعي أن أعضاء المجموعة الأحياء على تواصل دائم مع الأسرة حتى اليوم، وأنهم يتبادلون الزيارات بين الحين والآخر.
مولد الرفاعي
ولد إبراهيم السيد محمد إبراهيم الرفاعي في 27 يونيو عام 1931، بقرية الخلالة، التابعة لمركز بلقاس، بمحافظة الدقهلية.
والتحق بالكلية الحربية عام 1951، وتخرج منها عام 1954، وانضم مباشرة إلى سلاح المشاة، وكان ضمن أول فرقة لقوات الصاعقة في منطقة أبو عجيلة.
زوجة الرفاعي ونجليها
© Photo
عين مدرسا بمدرسة الصاعقة وشارك في بناء أول قوة للصاعقة المصرية وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر 1956 شارك في الدفاع عن مدينة بورسعيد الباسلة، وبعدها التحق بفرقة "مدرسة المظلات" ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة للعمل كرئيس عمليات، حيث عرف بشجاعته وفدائيته.
سافر الرفاعي إلى روسيا عام 1959، وحصل على دورة أركان حرب هناك، وعقب عودته شارك فى حرب اليمن، كما شارك في حرب يونيو عام 1967، وقام خلالها بأداء مهمات استطلاعية على المحور الشمالي.
كلف خلال إعادة تنظيم الجيش المصري بعد 1967 بتشكيل "المجموعة 39 قتال"، التي نفذت 92 عملية خلف خطوط العدو الإسرائيلي، وكبدتهم خسائر فادحة حتى حرب أكتوبر، حيث قتل في الحرب في 19 أكتوبر 1973، ليخلد اسمه مع ذكرى حرب أكتوبر التي تحتفل بها مصر من كل عام.