محارق المهاجرين... لماذا أخفقت ليبيا في القضاء على الاتجار بالبشر؟

رغم عمليات الإدانة والتنديد منذ سنوات والجرائم المتتالية التي ترتكبها عصابات تهريب البشر في ليبيا، لم تتخذ الحكومات المتعاقبة في طرابلس خطوات من شأنها محاربة الجريمة.
Sputnik
مراكز احتجاز معلومة، ومحارق للمهاجرين، وممرات تهريب تفرض العصابات سيطرتها عليها بقوة السلاح، وتستمر عمليات القتل والاتجار بالبشر دون أن تتحرك السلطات لمواجهة الجرائم.

محارق المهاجرين

الجثث التي انتشلتها فرق جمعية الهلال الأحمر الليبي، قبل يوم والتي بلغت 15 جثة عثرت على بعضها متفحمة، قبالة سواحل صبراتة، على خلفية اشتباكات بين عناصر من متاجري البشر، ليست الجريمة الأولى، فمنذ العام 2011، أصبحت ليبيا بؤرة لعمليات الهجرة غير الشرعية في ظل انتشار كبير للجرائم البشعة.
وصعد مجلس النواب الليبي، من موقفه حيال عملية إحراق جثث مهاجرين غير نظاميين على شاطئ مدينة صبراتة، المطلة على البحر المتوسط 70 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس.
رئيس "الهجرة غير الشرعية" في ليبيا: حكومة "الدبيبة" لم تقدم لنا أي دعم... وموجات الهجرة تتزايد
رئيسة لجنة الهجرة بمجلس النواب الليبي ربيعة أبوراص، دعت النائب العام المستشار الصديق الصور، لتحريك دعوى جنائية فورية للكشف عن المتسببين في الجريمة التي وقعت يوم الجمعة الماضي.
وبحسب موقع مجلس النواب مساء أمس، قالت البرلمانية إنه "يجب تحرك المسؤولين بشكل عاجل لمحاسبة المتورطين في جريمة صبراتة، التي تسببت في مقتل 15 مهاجرا غير شرعي وإحراق جثث بعضهم بكل وحشية".
وطالبت الشركاء الدوليين ومن بينهم الاتحادان الأفريقي والأوروبي بالتعاون مع السلطات الليبية في مراقبة الحدود المشتركة برا وبحرا، ومحاربة عصابات تهريب البشر بأفريقيا وليبيا وأوروبا.

غطاء حكومي

من ناحيته قال عبد المنعم قريميده، عضو مجلس إدارة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إن الجرائم المرتكبة بحق المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، لها عدة صور منها: "الاتجار بالبشر عن طريق التهريب، وكذلك عن طريق الخطف، وطلب فدية مالية من أجل إطلاق سراحهم، وكذلك أعمال السخرة، والاستغلال الجنسي للنساء".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عصابات التهريب، والمتاجرة بالبشر ينتمى بعضها إلى "ما يسمى بالأجهزة الأمنية وأجهزة الهجرة غير الشرعية وكذلك مراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية".
وأوضح المسؤول أن ما يخرج على العلن من خلال عمليات قبض على مهربين، أو تحرير مهاجرين هو صراع على مناطق التهريب، ودفع إتاوات مقابل التهريب، على حد قوله.
مجلس الأمن يسمح بتفتيش السفن قبالة ليبيا لمواجهة الهجرة غير الشرعية
ولفت إلى أن المهربين ينتشرون في جميع أنحاء ليبيا باعتبارها محطة نحو أوروبا، بعد تجميع المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز في العديد من المناطق الليبية.
وفيما يتعلق بخريطة التهريب أوضح الحقوقي الليبي أن الطرق البرية التي يتم الدخول عبرها تتمثل في الحدود مع السودان والنيجر ومصر، وأن جل الأعداد تأتي من العمق الأفريقي.
من جانبه قال المحلل السياسي محمد قشوط، إن "الحماية تتوفر لهذه المليشيات من الحكومات المتعاقبة كافة منذ سنة 2012، حتى اليوم"، على حد تعبيره.

سيطرة المليشيات

فيما يتعلق بخريطة التهريب في ليبيا، أوضح قشوط في حديثه لـ"سبوتنيك" أن المليشيات التي تمتهن الهجرة تتخذ من مدن "الزاوية والخُمس وصبراتة وزوارة" في ساحل غرب ليبيا قواعد انطلاق لقوارب الهجرة نحو أوروبا.
ولفت إلى أن "خط الشويرف" في جنوب ليبيا و"بني وليد" في شرق جنوب طرابلس، يعدان من الممرات الرئيسية لتدفق المهاجرين القادمين من حدود تشاد والنيجر وغيرها من الدول الإفريقية.
جهاز الهجرة غير الشرعية في ليبيا لـ"سبوتنيك": انتشلنا 12 جثة و15 مفقودا من مصر والسودان
من جتها اعتبرت أكاديمية ليبية - طلبت عدم ذكر اسمها - أن الجرائم ضد المهاجرين تحدث ضمن سلسلة الجرائم في ليبيا، وأنها ليست استثناء، خاصة أن الدولة "تحت وطأة المليشيات المسلحة".
وأضافت الأكاديمية الليبية في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن الحكومة لا تملك اتخاذ أي قرارات ضد العصابات المعروفة بالاسم، كما أن أماكن التخزين وممرات التهريب معلومة لكل الجهات الأمنية التي لا تستطيع مهاجمتها. ولفتت إلى أن المناطق الساحلية المطلة على البحر تسيطر عليها المليشيات بقوة السلاح، وتهرب البشر علنا.
مناقشة