بروفيسور جزائري يؤكد أن موسكو حليف تاريخي واستراتيجي ولا يمكن لبلاده أن تعوض الغاز الروسي

جاءت فعالية أعمال الاجتماع السنوي الرابع لحوار الطاقة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي بالتزامن مع الأزمة الكبيرة الخانقة التي تواجهها أوروبا هذه الأيام حول أزمة الطاقة وإمدادات الغاز، فهل تعوّل الدول الأوروبية على الغاز الجزائري لحل أزماتها، وهل هذه فرصة ذهبية للجزائر للاستفادة من الوضع الراهن؟
Sputnik
حول هذا الموضوع، قال البروفيسور الجزائري، الخبير الاقتصادي، الأستاذ الجامعي بالاقتصاد، مراد كوّاش، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك":

"إنّ الاتحاد الأوروبي في مأزق حقيقي والشتاء الأوروبي البارد بات على الأبواب، والدول الأوروبية تسارع الزمان من أجل تأمين احتياجاتها من الغاز، والجزائر الآن تعتبر حلا استراتيجيا لدول الاتحاد الأوروبي، لذلك لاحظنا في الفترة الأخيرة إنزالا سياسيا ودبلوماسيا أوروبيا كبيرا نحو الجزائر، من الرئيس الفرنسي ورئيسة الوزراء الفرنسية بوفد هام وبالإضافة إلى اجتماع مفوضية الاتحاد الأوروبي للطاقة الذي يعقد هنا في الجزائر من أجل البحث حول كيفية تطوير الشراكة في مجالي الطاقة والغاز، ولا سيما أن الجزائر الآن، تحتل المرتبة الثانية في تزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز بعد النرويج بنسبة 12% من احتياجاتها".

وأضاف: "إن كمية الغاز المصدرة إلى أوروبا تبلغ 40 مليار متر مكعب، والجزائر الآن هي أول منتج للغاز في أفريقيا والسابعة عالميا وتتوفر في احتياطاتها على 4.5 ترليون متر مكعب من الغاز، ولهذا لاحظنا أن هذا الاجتماع بين الجزائر ومفوضية الاتحاد الأوروبي للطاقة ذو أهمية بالغة للجانب الأوروبي في ظل الأزمة الراهنة والظروف الجيوسياسية التي تعانيها أوروبا من شح في إمدادات الغاز بسبب تداعيات الأزمة الروسية - الأوكرانية".
وزير الطاقة الجزائري: تربطنا بأوروبا عقود تلزمنا بالكمية والفترة الزمنية

وأضاف: "أعتقد أنّ الجزائر تنتظر من الجانب الأوروبي ربما إجراءات أكثر ملموسة، لأن الجزائر لديها احتياطات كبيرة وغير مستغلة، وهي بحاجة إلى مساعدات الاتحاد الأوروبي من أجل الاستثمار وإنتاج الغاز ليس فقط في الطاقات الأحفورية بل في مجال تطوير الطاقات المتجددة".

هل ورقة طاقة أوروبا في يد الجزائر؟

مصائب قوم عند قوم فوائد، قد ينطبق هذا المثل على الجزائر حاليا، كونها دولة غنية بالغاز وأول منتج للغاز في أفريقيا، فهل تستغل الجزائر هذه الورقة وتضغط على الجانب الأوروبي لتسعير الغاز والاستفادة من الوضع؟

حول هذا الموضوع، قال البروفيسور كوّاشي لـ "سبوتنيك": "إن الجزائر استغلت هذه الفرصة لمراجعة أسعار الغاز المصدّر إلى أوروبا، فالجزائر لديها 11 زبونا، تم التفاوض مع ست دول ولا تزال خمسة دول، لأنّ العقود التي تربطنا مع الدول الأوروبية هي عقود طويلة الأمد، والأسعار القديمة هي أسعار منخفضة جدا والآن الأسعار ملتهبة في الأسواق العالمية، ومن حق الجزائر المطالبة بإعادة تسعير الغاز حتى تتوافق مع الأسعار الحالية، لهذا أنا أعتقد أن الجزائر في موقع قوة والاتحاد الأوروبي نسبيا في موقع ضعف".

خبير جزائري يعتبر استمرار استفزاز روسيا له تبعات وخيمة
وتابع: "إن الجزائر تريد شراكات استثمارية حقيقية من الطرف الأوروبي، سواء في قطاع المحروقات لأن الجزائر تمتلك ربما احتياطات كبيرة، ففي هذه السنة تم تحقيق 7 اكتشافات مؤكدة في مجالي الغاز والنفط في مواقع غير الكلاسيكية في الغرب الجزائري مثلا، ونذكر أيضا أن الجزائر احتلت المرتبة الأولى عالميا في الاكتشافات، وشركة "صونطراك" تحتل المرتبة 12 كأكبر شركات الطاقة في العالم".

روسيا بالنسبة للجزائر حليف استراتيجي تاريخي

أمّا حول إمكانية أن تعاكس الجزائر مصالح روسيا في تشديد الخناق على أوروبا ويحصل الطرف الأوروبي على ما يريد من الجزائر على حساب علاقاتها مع روسيا، قال البروفيسور كوَّاشي: "لا أعتقد أن تقوم الجزائر بمعاكسة مصالح روسيا، لأن الأخيرة بالنسبة للجزائر هي حليف استراتيجي تاريخي وبين البلدين دائما يوجد توافق من الناحية السياسية والاقتصادية، وفي الوقت الراهن الجزائر تراعي شراكاتها مع الدول الأوروبية، ولكن لا يمكن للجزائر أن تعوّض الغاز الروسي ولا سيما أن حاجة أوروبا من الغاز هي كبيرة جدا".

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، صرّح لـ"سبوتنيك" خلال حضوره "منتدى أسبوع الطاقة الروسي" أن "لدى الجزائر عقود مع شركائها حول العالم، تلزمها الإمداد بالكميات المحددة والفترة الزمنية وهذا ما تقوم به الآن".

وأشار الوزير حول اتجاه أوروبا للجزائر لتعويض نقصها من الطاقة أنه "يوجد للجزائر شركاء في آسيا أكثر من أوروبا، مؤكدا سعي الجزائر لتطوير المجال المنجمي ومنها قانون جديد للمحروقات منذ عام 2019، ليس من اليوم ويهدف لزيادة الإنتاج ليعود بالخير للبلد في زيادة المبيعات والمداخيل".
مناقشة