كيف استطاع السودان البقاء لدورة ثانية في مجلس حقوق الإنسان رغم الانتقادات الموجهة له؟

أثار انتخاب السودان للمرة الثانية عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ردود فعل متباينة، ما بين الترحيب بالعملية لتعزيز تلك الحقوق، وأخرى ترى أنه تكريس للانتهاكات وموافقة ضمنية دولية على ما يجري.
Sputnik
ما هي تداعيات انتخاب السودان مجددا لدورة جديدة في مجلس حقوق الإنسان رغم الانتهاكات والتقارير الدولية التي تتحدث عن مآسي تتعلق بالحقوق والحريات وحتى الحق في الحياة... مدى تأثير تلك الخطوة على الوضع الراهن في البلاد... وهل سيكون تأثيرها سلبا أم إيجابا على حقوق الإنسان؟
بداية يقول الحقوقي والسياسي السوداني، محمد الزين، إن وجود السودان في مجلس حقوق الإنسان في "جنيف"، بطبيعة الحال هو دفعة للخرطوم من أجل احترام القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والمرة الأولى كانت في عام 2019 عقب ثورة ديسمبر/ كانون أول.
مسؤول سوداني لـ"سبوتنيك": بدء مرحلة الترتيبات الأمنية في "دارفور" وبسط الأمن
إيجابي وسلبي
وأكد في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الملف السوداني فيه سلبيات وإيجابيات سواء كان على المستوى النظري "القوانين" التي تتفق في نصوصها مع الاتفاقيات الدولية، أو من ناحية التطبيق القانوني المعيب في بعض الأحيان، وفي المقابل هناك وثيقة دستورية 2019 المعدلة في 2020 بجوبا، تتحدث عن المواطنة والحريات والحقوق، وترى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس حقوق الإنسان، أن السودان على المستوى النظري يتوافق مع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، فيما يختص بكافة الحقوق ومنها التعبير والتظاهر وإبداء الرأي، لكن في الواقع نجد أن تلك النصوص القانونية لا يتم تطبيقها، وهذا جانب سالب، لأن القوانين تنص على حق التظاهر وفي المقابل نجد عمليات إطلاق الرصاص وقتل المتظاهرين واستخدام القوة المفرطة ضد عمليات التعبير عن الرأي.
وتابع الزين، أنه رغم وجود السودان في مجلس حقوق الإنسان إلا أن المجلس كلف مفوض من جانبه لمراقبة حقوق الإنسان في السودان وقاموا بفتح مكتب للمجلس في البلاد للمتابعة على المستوى النظري والتطبيقي ويقوم برفع تقارير دورية للمجلس.
التعزيز والحماية
وأشار إلى أن الملف السوداني المتعلق بحقوق الإنسان به تحسن في بعض الملفات وتراجع في ملفات أخرى، لذا فإن مجلس حقوق الإنسان يريد المساعدة من السودان والتعاون لتحسين وضعه الداخلي، والاجتماعات التي تنعقد في جنيف الغرض منها المساعدة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
ونوه الزين إلى أن مجلس حقوق الإنسان يعلم جيدا أن هناك سلبيات في ملف حقوق الإنسان، في الوقت ذاته يرى أن هناك تحسنا وأساسا تم وضعه ويمكن البناء عليه لتحقيق الهدف المطلوب وفق المعايير الدولية، حيث يريد المجلس أن يكون السودان قريبا منه للتعامل المباشر، ووجود البعثة السودانية في المجلس يعزز من وضع السودان في مجال الحقوق والحريات وحقوق الإنسان بشكل عام، كما أن وجود مكتب خاص للمجلس بالسودان هو مكسب كبير جدا، حيث ترفض بعض البلدان أن يكون للمجلس مكاتب على أراضيها.
حميدتي يطالب بكشف أسباب زعزعة الاستقرار في ولاية غرب دارفور
تحفيز الدولة
وقال الزين إن أي تردي للوضع السياسي في أي بلد سيترتب عليه تغييرات في مواقفه ضد قوانين ومواثيق حقوق الإنسان، لذا نجد الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان يبحثان عن وجود استقرار سياسي في السودان، لأن أي تغييرات في هذا الملف تنعكس تلقائيا على هذا الملف متمثلة في الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لذا عمل المجتمع الدولي على أن يكون متواجدا من أجل حماية حقوق الإنسان ودافع لتحفيز الدولة على إلتزاماتها، هذا الأمر ليس عاما بتلك الشفافية، لكن هناك معايير أخرى سياسية ومصالح وغيرها يمكن أن تلعب دورا في مثل تلك الملفات.
من جانبه يرى القيادي في حزب الأمة القومي، عمر عبد الله فضل المولى، أن ترشيح السودان لدورة ثانية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو خطوة مهمة، من شأنها أن تضاعف جهود المنظمة الدولية في مراقبة الانتهاكات الصارخة والمستمرة في وضح النهار ضد حقوق الإنسان بالسودان.
خطوة مهمة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المكون العسكري بمختلف مسمياته وعلى رأسه السلطة الانقلابية ظل يمارس مع سبق الإصرار والترصد الانتهاكات ضد تلك الحقوق، ليس في الشارع ضد المحتجين وحسب، بل تلاحق الإنسان في منزله وترويع أسرته وتقتله وتقتاده لجهة غير معلومة، وتمارس معه أبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي، كما أنها تمارس الإخفاء القسري ضد المخالفين لها في الرأي والتوجه.
وخسرت فنزويلا وكوريا الجنوبية وأفغانستان المنافسة على مقاعد في أعلى هيئة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، من قبل الجمعية العامة، في حين ظلت دول واجهت انتقادات لانتخابها دول مثل فيتنام والسودان، اللتان تواجهان اتهامات في مجال حقوق الإنسان.
وصوتت الجمعية المكونة من 193 عضوا بالاقتراع السري لشغل 14 مقعدا في مجلس حقوق الإنسان المؤلف من 47 عضوا. تخصص المقاعد للمناطق لضمان التمثيل الجغرافي، وهي قاعدة أدت بانتظام إلى قيام العديد من المناطق بتقديم قوائم غير متنازع عليها، كما فعلت أفريقيا وأوروبا الشرقية والدول الغربية هذا العام.
فنزويلا وكوريا الجنوبية وأفغانستان تخسر مقاعدها في مجلس حقوق الإنسان
لطالما انتقدت جماعات حقوق الإنسان هذه الممارسة، قائلة إنها تحرم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من اختيار لبعض الدول في المجلس، وتضمن فعليا مقاعد لبعض الدول ذات سجلات حقوقية سيئة.
في انتخابات هذا العام، كان السباق الأكثر سخونة في المجموعة الإقليمية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث تتنافس تشيلي وكوستاريكا وفنزويلا على مقعدين. وشهدت النتيجة حصول تشيلي على 144 صوتا وكوستاريكا 134 وفنزويلا على 88 صوتا.
أعلن رئيس الجمعية العامة تشابا كوروسي النتائج، وقرأ أسماء الفائزين الـ14، وقال إن الدول المنتخبة حديثا ستشغل مقاعدها في الأول من يناير/ كانون الثاني وتستمر حتى 31 ديسمبر/ كانون الأول 2025.
مناقشة