وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن المحاولات الخليجية للوساطة ما بين روسيا وأوكرانيا من أجل إنهاء الأزمة الحالي، سواء من قطر أو الإمارات أو السعودية أو غيرها من الدول، تأتي لتتزامن وتتوافق مع المساع الخليجية الدائمة إلى تحقيق السلام العادل والشامل والتنمية المستدامة للجميع.
وأوضح أن التحركات الخليجية، على رأسها الإماراتية وزيارة الرئيس الإماراتي لموسكو، مقبولة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحكم العلاقات الطيبة والوطيدة، معتبرًا أن "تحرك قادة دول الخليج للتوصل إلى تسوية وتحقيق الاستقرار والسلام لجميع الأطراف، تأتي في هذه المرحلة، وبعد أن أمّنت موسكو حدودها، ونطاق أمنها القومي، وأحدثت شرخًا كبيرًا وخلافات حادة وتصدعًا واسعًا داخل حلف الناتو، بيد أن الخليج يسعى لعدم انزلاق الأمور إلى حرب نووية، وتصعيد يدفع الجميع ثمنًا باهظًا له".
ويعتقد المحلل السياسي الإماراتي، أن تطور الأحداث العسكرية والسياسية على الساحة الدولية، وموقف روسيا وأوكرانيا، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، تؤكد أن جميع الأطراف باتت مستعدة للجلوس على طاولة التفاوض، والتوصل إلى حلول تكفل مصالح جميع الأطراف، وتصرف النظر عن "العنجهية" والأوهام والأحلام غير الواقعية.
وأكد أن دول الخليج على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة، تأمل أن تنجح تحركاتها الدبلوماسية في حلحلة الأوضاع، ووضع حد لمنع انزلاق العملية العسكرية وتطورها إلى حدود لا يمكن السيطرة عليها.
وناقش رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، أمس الثلاثاء، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تطورات الأزمة الأوكرانية، حيث أكد على استعداد أبوظبي مواصلة جهود الوساطة، وأطلع بوتين على موقف الجانب الأوكراني حول عدد من القضايا. وأطلع محمد بن زايد الرئيس الروسي على "موقف الجانب الأوكراني حول عدد من القضايا".
ومن جانبه، قال سعد عبد الله الحامد، الكاتب والمستشار السعودي في المنازعات الدولية، إن الظروف الدولية الحالية، وانعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية على العالم بأكمله، في عدة مجالات اقتصادية، لا سيما مجال الطاقة العالمية، والخوف من أزمات الغذاء والتضخم والركود وارتفاع أسعار النفط، وكذلك المخاوف من تصعيد الصراع العسكري أوجد أهمية إيجاد وساطة حيادية إيجابية قادرة على إقناع الجميع بوقف الحرب.
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن دول الخليج العربي، لا سيما السعودية والإمارات وقطر، تملك الصفات التي تؤهلها أن تلعب هذا الدور بقوة، بعد أن تبنت نهجًا محايدًا منذ بداية الأزمة بين روسيا وأمريكا والغرب، ونادت بإنهاء المعارك بطرق سلمية، كما نأت بمنظمة الأوبك عن الدخول في تلك التجاذبات.
وأكد أن السعودية ودول الخليج لم تتجاوب مع الضغوط والمناشدات الأمريكية لزيادة رفع إنتاج النفط من أجل التأثير على النفط الروسي، في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على موسكو، حيث تنظر المنظمة بنظرة تكاملية مستقبلية بعيدة المدى، تراعي من خلالها مصلحة جميع الدول، وليس تفضيلًا لدولة على حساب أخرى، كما أن منظمة أوبك تبني خططها على مؤشرات اقتصادية، مثل مؤشرات صندوق النقد، معتبرًا أن القرار الأخير يقف حائلًا دون انهيار أسواق النفط، مثل ما حدث في أزمة فيروس كورونا، وفي الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، حيث وصلت أسعار النفط إلى 30 دولارًا للبرميل.
وأشار إلى أن الوساطة الخليجية تأتي من عدة دول، حيث نشهد محاولات قطرية من خلال التواصل مع زيلينسكي، وكذلك نجاح المملكة العربية السعودية في إيجاد وساطة لتبادل الأسرى بين موسكو وكييف، وزيارة الرئيس الإماراتي إلى روسيا، وكذلك التقارب الإماراتي الأمريكي، حيث بدا واضحًا في زيارة بايدن لقمة جدة، قبول واشنطن بأي وساطة تقوم بها أبوظبي في الفترة المستقبلية.
ويرى أن "دول الخليج يمكنها انطلاقًا من هذه المقومات، طرح وساطة فعالة تقبلها روسيا وأمريكا والدول الغربية، وتحفظ ماء الوجه لكل الأطراف، لوقف التصعيد الإعلامي والعسكري، لا سيما في ظل الدعم العسكري الغربي والأمريكي الكبير لأوكرانيا، والذي غير شكل المعارك ودفع روسيا لتصعيد عمليتها العسكرية وإثبات قدرتها على مجابهة كل تلك التعزيزات الغربية، لا سيما بعد تفجير جسر القرم".
وأوضح أن "أهمية هذه الوساطة تأتي في ظل الأزمة التي تنتظرها الدول الأوروبية خلال فصل الشتاء بسبب تراجع إمدادات الغاز الروسية بعد فرض العقوبات الأوروبية والأمريكية، حيث تعد الوساطة الخليجية الآن أمرا ملحا ومقبولا، ومن المهم أن تعيد واشنطن تقييمها للحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك علاقاتها مع دول الخليج وتقدير دفاعها عن مصالحها دون تحميلها قرار أوبك".
ويعتقد المستشار السعودي في المنازعات الدولية أن هناك إمكانية لنجاح الوساطة الخليجية، لا سيما وأن هذه الدول طالما كانت شريكًا وحليفًا استراتيجيًا لموسكو وواشنطن، وتحاول إيجاد هذا التوازن في ظل تنامي الروابط السياسية والاقتصادية مع موسكو، والنقد الغربي والأمريكي الذي يطالها بسبب هذا الأمر، لا سيما بعد قرار "أوبك" الأخير.
وأجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني محادثة هاتفية مع زيلينسكي، الاثنين الماضي، فيما أجرى رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة زيارة إلى روسيا أمس الثلاثاء 11 أكتوبر/تشرين الأول، حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اللقاء أن الاتصالات الروسية - الإماراتية تتطور بشكل مطرد، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين تعد عاملا مهما في استقرار المنطقة والعالم.
وتعرض الإمارات ودول الخليج الوساطة بين روسيا وأوكرانيا من أجل إنهاء الأزمة الراهنة، وذلك في ظل تقارب اقتصادي كبير بين الجانبين، وبخاصة في مجال النفط.