بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية... هل انتهت أزمة ترسيم الحدود البحرية اللبنانية؟

ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل
بعد سنوات من المحادثات ومراحل كبيرة من الشد والجذب، أسدل الستار عن معركة ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، إذ وافقت تل ‏أبيب وبيروت على مبادئ الاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.‏
Sputnik
وفي وقت تصف فيه حكومات لبنان وإسرائيل الاتفاق بـ "الانتصار"، لا يزال هناك أصداء داخلية رافضة في البلدين، بيد أن المراقبين أجمعوا على أن الاتفاق قد يمهد لتهدئة طويلة بين لبنان وإسرائيل.
وصرح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، في بيان: "وافقت الحكومة بأغلبية كبيرة على مبادئ الاتفاق مع لبنان وعلى اقتراح رئيس الوزراء يائير لابيد بطرح الاتفاق أمام الكنيست".
وأضاف البيان: "أعرب أعضاء الحكومة عن دعمهم لأهمية وضرورة الاتفاق البحري مع لبنان في هذا الوقت، كما أيدوا اقتراح رئيس الوزراء لابيد بطرح الاتفاق على طاولة الكنيست".
وزيرة إسرائيلية تقول إن بلادها قدمت تنازلات بشأن الاتفاق مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية
مكاسب إسرائيلية
اعتبر المحلل السياسي اللبناني، داوود رمال، أن "موافقة الحكومة الإسرائيلية على اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان كان متوقعا، باعتبار أن لها اليد الطولى فيه، لجهة أنها حققت مكاسب أساسية واستراتيجية في هذا الاتفاق، يكفي تنازل لبنان عن الخط 29 إلى الخط 23 دون أي مقابل، كما يضمن الاتفاق شراكة إسرائيلية في حقل قانا غير المستكشف من خلال حصة من العائدات تتفاهم حولها مع شركة توتال التي ستستثمر في هذا الحقل".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "أما فيما يخص لبنان، هناك تشاؤم من إمكانية تحقيق أي فوائد من الاتفاق، فمنذ التسعينيات وحتى اليوم يعاني لبنان من معضلة قاتلة تتمثل في الطبقة السياسية الحاكمة، والتي فوتت كل الفرص، ولم تستثمر كل الدعم العربي والدولي للبنان وخاصة الهبات والقروض ومؤتمرات الدعم، والتي كانت نتائجها مليارات الدولارات، لكنها سرقت وهدرت ونهبت".
وتابع: "حتى بعد تحقيق اكتشاف غازي ونفطي في البحر اللبناني، يبرز التساؤل الآن من يدير هذه العائدات؟ إذا كانت الطبقة السياسية الحاكمة فلن يكون هناك أي انفراجات قادمة في لبنان، الذي يكون بذلك قد ضحى بآخر ثروة طبيعية لديه من دون أن يصنع دورا جديدا يعوضه عن الأدوار السابقة التي خسرها نتيجة الحروب المتتالية".
واستبعد المحلل اللبناني أن "ينهي الاتفاق أزمة الترسيم بين لبنان وإسرائيل في مجملها، مؤكدا أنه مبدئي وليس نهائيا، إن ما تم هو توزيع الحصص وحقول النفط، لكن لم يتم حتى الآن ترسيم الحدود البحرية بشكل حقيقي، والذي يجب أن ينطلق من نقطة برية".
وفيما يتعلق بإنهاء اتفاق ترسيم الحدود البحرية الأزمة التوتر ما بين "حزب الله" وإسرائيل، قال داوود رمال إن "الصدام سيهدأ عندما تبدأ الشركات العمل، حيث من المتوقع أن تشهد المنطقة الحدودية الجنوبية للبنان البرية والبحرية استقرارًا وهدوءً، باعتبارهما من ضمن الشروط الأساسية للشركات التي ستعمل في هذه الحقول".
غانتس يعتبر اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان يخدم المصالح العميقة لإسرائيل
إنهاء الصراع
في السياق، اعتبر الخبير الأمني اللبناني، ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، العميد خالد حمادة، أن "اتفاقية ترسيم الحدود فرصة ذهبية لإسرائيل للقبول بها، حيث ثبتت تل أبيب الخط الذي تريده، ولم تعترف بسيادة لبنان على الخط 29، وكان التنازل أكبر للبنان، وحققت إسرائيل الكثير من المكاسب، لا سيما في تهميش النقطة "B1"برأس الناقورة التي كانت مثبتة ولا تزال في اتفاق السلام بين لبنان وإسرائيل، وقبل ذلك بين الانتداب البريطاني على فلسطين والفرنسي على لبنان".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فقد "خرجت إسرائيل بمكاسب كبيرة، أبرزها "مقولة" لا تخضع للقانون الدولي، الفصل بين الترسيم البري والبحري، فلبنان قد يفقد هذه النقطة B1 في ظروف مماثلة وميزان قوى مماثل، عندما يلجأ إلى ترسيم حدوده البرية مع إسرائيل حيث يعترض لبنان على بعض التعديات الإسرائيلية عليها".
وأكد أن "إسرائيل بهذا الاتفاق قد دخلت سوق البلدان المنتجة للنفط، وتمكنت من تأمين حدودها، وأصبح الاقتصاد الإسرائيلي أكثر رخاء وازدهارا وباتت أحد مصادر تزويد أوروبا بالغاز وضمنت الاستقرار الذي حاول المسؤولون في لبنان ومعهم حزب الله تسويقه وكأنه إنجاز كبير، فيما خسر لبنان أكثر من 400 كيلو متر مربع من المياه الاقتصادية الخالصة، وتنازل ولو مرحليا عن النقطةB1، وثبت خط الطفافات والذي اعتبرته إسرائيل بموجب الاتفاق حدود لبنان البحرية النهائية، وتضمن الاتفاق ضمانة بعدم العودة لطرح أي تعديل على الاتفاق مجددًا، وعندما توضع الاتفاقية في الأمم المتحدة ستصبح حدود لبنان البحرية هي الخط 23".
وتابع: "ليس للبنان أي مكسب، الاتفاق صورة تعبر عن توازن القوى بين دولة ضعيفة كلبنان، في الاقتصاد والسياسة والعزلة العربية والدولية والسيطرة الدولية عليها، وهشاشة الوضع الداخلي، وبين قوى كبيرة مثل الولايات المتحدة التي ترعى الاتفاق وإسرائيل المدعومة من واشنطن".
وأكد أن "الاتفاق ينهي الصراع القائم لكن على حساب لبنان، وكل القوى التي كانت تتحدث عن التصدي لإسرائيل دخلت هذه المرحلة بمكاسب سياسية من الاتفاق الأخير".
ووافق مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (كابينيت) بالأغلبية على الصيغة النهائية المطروحة لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، التي أعدتها الولايات المتحدة وحظيت بقبول كل من لبنان وإسرائيل.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية، الثلاثاء، أن الصيغة النهائية للعرض الأمريكي الخاصة باتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل "مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية".
في المقابل، أعلنت الحكومة الإسرائيلية موافقتها على مسودة الاتفاق التي عرضها الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الاتفاق بـ "التاريخي".
ويأتي هذا بعد أن خاض الجانبان مفاوضات غير مباشرة تواصلت عامين بشأن ترسيم الحدود في منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا في البحر المتوسط.
مناقشة