الأشقاء الثلاثة جمعتهم موهبة الرسم منذ سنوات الطفولة المبكرة، وبمساعدة من الأهل صقلوا موهبتهم عبر منصة ’’اليوتيوب’’ تحضيرا لمعرض جماعي خيري سيفتتح قريبا في مدينة السويداء (جنوب سوريا).
ذاكرة بصرية تسجيلية عبر اليوتيوب
في هذا السياق، أوضح والد الأطفال سهيل الحاطوم في تصريح لمراسل "سبوتنيك" أن موهبة أطفاله بدأت في مرحلة رياض الأطفال وقال: "كانت تستهويهم أشكال السيارات والحيوانات ويطلبون مني ومن والدتهم رسم تلك الأشكال وهم بدورهم يحاولون تقليد رسمها بتفاصيل دقيقة، وفي الصف الأول الابتدائي لاحظنا بأنهم بدأوا يرسمون رسومات عديدة بقلم الرصاص على دفاترهم المدرسية، ويستهلكون دفاتر الرسم بالعديد من هذه الرسومات خلال مدة وجيزة، وكنا نؤمن لهم أكثر من دفتر رسم خلال الفصل الدراسي الواحد، ورغم ذلك لم يكتفوا بما تطلبه منهم معلمة مادة التربية الفنية بل كانوا يمارسون هوايتهم برسم السيارات وبعض الشخصيات الكرتونية المحببة لديهم بشكل ذاتي ومن تلقاء أنفسهم".
وأضاف: "لاحظنا أن أكثر ما كان يستهويهم مشاهدته على اليوتيوب هو خطوات رسم بعض الشخصيات الكرتونية التي يشاهدونها على التلفاز، وبأن لديهم ذاكرة بصرية تسجيلية تساعدهم على حفظ خطوات رسم كل شخصية ومحاولة رسمها بطريقة تعكس موهبتهم في الرسم وكانوا يتنافسون فيما بينهم لتخرج رسوماتهم بأفضل شكل".
وعن بداية اكتشاف موهبة أطفاله وكيفية قيامهم بالرسم معاً قال: "هادي الشقيق الأكبر للتوأم قصي وجواد كانت تستهويه رسومات السيارات وبعض الشخصيات الكرتونية مثل: "غرندايزر" و’’الكابتن ماجد’’ وسواهما، وهو يتقن الرسم بيده اليسرى، ويطمح للتمكّن من الرسم ثلاثي الأبعاد للأبنية وغيرها، أما التوأم قصي وجواد فيقضيان معظم أوقاتهما في تعلم أساليب رسم الأشكال الكرتونية عبر اليوتيوب، ويشكل الرسم الجامعي لهم، وقد يمضون ثلاثتهم ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات متواصلة في الرسم، وقد نشأت فيما بينهم علاقة من التعاون خلال الرسم، بدءاً من قلم الرصاص، أو تحديد خطوط شكل الشخصية الكرتونية وتفاصيلها بقلم "الفلوماستر"، ووضع إطار لها، ومن ثم البدء بتلوينها عبر التشاور فيما بينهم حول الألوان المناسبة.
3 أطفال أشقاء يجسدون عشقهم لشخصيات الكارتون ويخصصون ريعها لمرضى السرطان في سوريا
© Sputnik . Muhammad Alnajm
40 لوحة فنية دعماً لمرضى السرطان
بدورها تحدثت والدة الأطفال الثلاثة كاترين هنيدي قائلة: "نحن بدورنا حين لاحظنا هذا الشغف لديهم بالرسم بدأنا بتعليمهم كيفية الإمساك بقلم الرصاص بالشكل الصحيح، مع شراء العديد من نماذج الرسومات الكرتونية من المكتبات والتي تحتاج إلى عملية التلوين، وتدريبهم على التلوين داخل الإطار المحدد لكل لون وعدم الخروج خارج تلك الإطارات لزيادة مهارات التحكم لديهم بالرسم والتلوين بشكل فني جميل وحين وجدنا أن أكثر ما يستهويهم هو الشخصيات الكرتونية مثل "السندباد" و"غريندايزر" و"دارغون بول" وسواها, اقترحنا عليهم البدء بمشروع يرسمون من خلاله أبرز الشخصيات الكرتونية الشهيرة وتحفيزهم بإقامة معرض للوحات المنجزة، وبأنه سيتم بيعها وتخصيص ريعها لصالح مرضى السرطان أو جمعية الرعاية الاجتماعية, الأمر الذي حفزهم على التنافس على رسم أكبر عدد ممكن من اللوحات وتلوينها، وفعلاً أنجزوا نحو 40 لوحة فنية وكنا لا نبخل عليهم سواء في شراء ورق الكرتون المخصص للرسم وعلب الألوان المائية وأقلام الفلوماستر".
رسم ثلاثي الأبعاد.. وقريباً معرض جماعي
وأردفت: "نظرا لكون الأطفال يستهويهم كذلك رسم الوجوه ومعالمها، حيث يرغبون برسم وجوه أبرز أبطال كرة القدم مثل "ليونيل ميسي" و"رونالدو" وسواهما بالاستفادة أيضاً من تعلم خطوات رسم وجوه تلك الشخصيات عبر اليوتيوب، بما يطور مهاراتهم في هذا الجانب وصولاً أيضاً إلى تعلّم الرسم ثلاثي الأبعاد، ونحن نقوم بتشجيعهم وتأمين ما يحتاجون من لوحات كرتونية وألوان مائية وأقلام رصاص وفلوماستر، ونعمل على إقامة معرض جماعي خيري لهم خلال الفترة القادم.
3 أطفال أشقاء يجسدون عشقهم لشخصيات الكارتون ويخصصون ريعها لمرضى السرطان في سوريا
© Sputnik . Muhammad Alnajm
في الطفولة لا مدارس فنية
بدوره اعتبر الفنان التشكيلي عصام الشاطر، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين في تصريح لـ سبوتنيك أن موهبة الأطفال الأشقاء الثلاثة تستحق الاهتمام والمتابعة، لافتاً إلى أن "الطفل في هذه المرحلة العمرية يجب ألا يتم إخضاعه لأي مدارس فنية؛ بل يترك ليرسم ما يرغب وما يحب مع الإشراف والمتابعة من الأهل"، مؤكداً في الوقت نفسه استعداده لتبني هذه المواهب الواعدة عندما يصبحون في مرحلة عمرية أكبر والأخذ بيدهم بما يمكنهم من الرسم بطريقة أكثر احترافية ومتابعة مسيرتهم في مجال الفنون التشكيلية".
ويشهد المجتمع المحلي السوري فعاليات ومبادرات أهلية متنوعة تهدف إلى تقديم الرعاية والمساعدة والدعم المادي والمعنوي لمرضى السرطان وللجمعيات الخيرية، فيما يركز التربويون على غرس هذه القيم في أذهان الناشئة بطرق فنية وتعليمية تحقق هذه الغاية.