هل يمكن الخروج بحلول سياسية تقبلها كل الأطراف أو معظمها للخروج بالبلاد من هذا النفق المظلم وتحاشي ما يمكن أن تصل إليه الأمور خلال الأيام المقبلة؟
بداية يقول المحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، إن موضوع شرق السودان دائما يستخدم كواحد من أدوات اللعبة السياسية في الخرطوم العاصمة.
أدوات اللعبة
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن استخدام الشرق من قبل الخرطوم لا يعني أن كل التحركات التي تحدث في شرق السودان مرتبطة بالخرطوم، لأن هناك المجموعات السياسية وأحيانا المجموعات المجتمعية القبلية تستخدم الشرق وقضاياه كواحدة من أدوات اللعبة السياسية، وأحيانا بالتواطؤ مع مكونات أو شخصيات سياسية بالخرطوم.
وأشار ميرغني إلى أن إثارة ملف الشرق في هذا التوقيت الذي يجري فيه الحديث عن انفراجة، بالتأكيد له علاقة بعملية التسوية التي تجري الآن حيث أن هناك بعض المجموعات التي تعتقد أن هذه التسوية ثنائية وتمنع أو تحجب بعض الأطراف من المشاركة فيها وبالتالي استخدام الملفات السياسية كأدوات للضغط.
قضايا متعددة
وأوضح المحلل السياسي أن قضايا الشرق متعددة، معظمها ترتبط بالتنمية وبعضها ترتبط باتفاق السلام الموقع في جوبا ما يسمى بـ"مسار الشرق" كلها أصبحت الآن أدوات لعبة سياسية في العاصمة الخرطوم، تستخدم أحيانا بواسطة الأطراف الموجودة في شرق السودان السياسية والقبلية، وأحيانا تستخدم بواسطة الأطراف الموجودة في المركز بالتواطؤ مع أطراف أخرى، فهي أصبحت قضية أصيلة في حد ذاتها بقدر ما هي واحدة من أدوات العمل السياسي.
الغرف المغلقة
وأشار إلى أنه في هذا الظرف وهذا التوقيت بالتحديد نجد أن قضية الشرق "لها ارتباط بالتغيرات السياسية وملامح التسوية التي يجري الإعداد لها خلف الغرف المغلقة".
وتابع:
هناك بعض الأطراف تعتقد أن أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدم لإحداث تغيير في هذه التسوية، بعض منها هو قضية شرق السودان والتهديد والتلويح المستمر بامكانية إغلاق شرق السودان كما حدث قبل عام تقريبا.
وأكد ميرغني أن استخدام قضايا أخرى ليست شرق السودان، فهناك بعض القضايا الإقليمية الأخرى والأكثر استخداما لوجود إمكانية التأثير على الأوضاع في العاصمة بصورة سريعة وفعالة، حيث يمثل الشرق المتنفس الوحيد للسودان على البحر.
طبيعة التسوية
وحول طبيعية التسوية المقبلة وما إذا كانت هناك ضغوط دولية تقف خلفها يقول ميرغني، "نعم هناك ضغوط دولية وإقليمية كبيرة على جميع الأطراف السودانية للوصول إلى تسوية".
وشدد على أن "الضغوط الدولية تأخذ شكل أحيانا ثنائي بين بعض الدول بصورة مباشرة والأطراف السياسية، وأحيانا تأخذ بشكل متعدد الأطراف إما عن طريق الترويكا أو عن طريق الآلية الثلاثية أو الرباعية، التي تمثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والسعودية والإمارات... تستخدم كل هذه الطرق للضغط على الأطراف السودانية".
وأشار ميرغني إلى أن المعضلة الأساسية التي تعترض التسوية هي "عدم وضوح الأطراف السودانية في الشكل النهائي للتسوية المطلوبة"، موضحا بأن هناك كثير من المعطيات التي تكشف أن الأطراف السودانية تحاول دائما أن تعمل على رد الفعل أكثر من الفعل، بمعنى أنها لا تقدم مشروعات حلول، وإنما فقط تنتظر ما يقدم لتٌبدي بعد ذلك رد فعل على تلك الحلول، فهذا يعطل كثيرا من قدرة الأطراف الدولية في الوصول إلى حل نهائي، خاصة مع رغبة هذه الأطراف في ألا يكون لها دور في تشكيل المشهد السياسي السوداني والاكتفاء فقط بالوساطة أو ترك اللاعبين السياسيين السودانيين هم الذين يتوصلون إلى ملامح التسوية النهائية.
الحلول الإسعافية
ولفت المحلل السياسي إلى أن السودانيين يتطلعون إلى حل نهائي للأزمة الحالية ولا يريدون الحلول الإسعافية المؤقتة والتي قد يرى البعض أنها تحل الأزمة نظرا لما هو موجود على الأرض من سلطة عسكرية وثورة في الشارع ومواجهات مستمرة خاصة وأن الكثير يتوقع أن تكون هناك مواجهات كبيرة في يوم 21 و25 أكتوبر/تشرين الأول في الذكرى الأولى للانقلاب العسكري، فهناك بعض الأطراف ترى أنه لا بد من الوصول إلى حل إسعافي يخرج البلاد من هذه الأزمة الطارئة، ثم بعد ذلك تكون هناك فرصة لمؤتمرات وجلسات وحوارات أكثر اتساعا وتشمل قوة كاملة سياسية سودانية للوصول إلى الشكل النهائي للفترة الانتقالية.
كل المبادرات
من جانبه، يقول المحلل السياسي السوداني، الدكتور ربيع عبد العاطي، إنه "حسب الرأي الغالب بأن أي تسوية غير مرضية لجميع الأطراف أو ثنائية ستزيد الحال سوء و ستكون مغبتها وخيمة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الحديث عن قرب التسوية حسب الواقع لا يشبه إلا السراب، وأقرب تسوية قابلة يمكن القبول بها يجب أن تجمع كل المبادرات وتوفق بينها في مبادرة واحدة ومن أعظمها مبادرة الشيخ "الجد" التي جمعت فأوعت وإلا فالمخرج هو الانتخابات، وأي حديث مخالف لذلك فهو ضرب من المستحيل والإيغال في قذف البلاد في أتون أزمة سوف لن تبقي ولن تذر ونسأل الله السلامة.
وتابع عبد العاطي:
أي اعتماد على فولكر "المبعوث الأممي للسودان" هو اعتماد على شفا جرف هار.
قالت القوات المسلحة السودانية، اليوم الأحد، إن رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان "نفى ما يشاع عن إبرام أي تسوية ثنائية مع أي من المكونات السياسية".
وأكد البرهان أن "القوات المسلحة ستقف على مسافة واحدة من الجميع دون الانحياز لأي طرف وتدعم خطوات التحول الديمقراطي"، وفقا لصحيفة "الانتباهة" السودانية.
وجاء نفي البرهان خلال حضورة اجتماعا تنويريا مع كبار الضباط برتبة اللواء فما فوق، وقادة الوحدات والتشكيلات داخل العاصمة الخرطوم، وبحضور هيئة قيادة القوات المسلحة وقادة القوات الرئيسة والمفتش العام ومدراء الإدارات والأفرع والمعاهد والكليات وقادة الوحدات والقواعد العسكرية في العاصمة.
كما أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، خلال الاجتماع على "موقف القوات المسلحة الثابت تجاه قضايا استقرار وأمن البلاد في ظل التحديات الحالية، لافتا إلى الالتزام بالنأي بالمؤسسة العسكرية عن المعترك السياسي".
و"تمنى أن تنجح القوى السياسية في تحقيق مستوى من التوافق يمكن أن يساعد على تجاوز التحديات التي تواجه البلاد وتمكنها من إكمال المرحلة الانتقالية في ظل حكومة كفاءات مستقلة غير حزبية تصل بالبلاد إلى محطة الانتخابات".
وسبق أن أكد القائد العسكري الحاكم في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان أن الجيش السوداني سيظل وفيا للشعب وينحاز لخياراته الوطنية في جميع الأحوال، مذكرا بما آلت إليه الأوضاع في السودان، محذرا من أنها لا تحتمل التفرقة. وعبر عن أمله في أن تنتهي الفترة الانتقالية وتخلص لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.