الأعلاف والثروة الداجنة في مصر… هل تنجح التدخلات الحكومية في إنهاء الأزمة؟

أثارت الأزمة التي ضربت قطاع الدواجن في مصر، وأقدم على إثرها بعض المنتجين إلى إعدام الكتاكيت، ضجة كبيرة استدعت تدخل الحكومة لوضع حلول عاجلة لمشكلة نقص الأعلاف.
Sputnik
بعض الفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لإعدام الكتاكيت في مصر، أثارت استهجان الشارع المصري، فيما نقلت وسائل إعلام مصرية عن وزير الزراعة المصري، السيد القصير، قوله إنها حالات فردية، لكنه أكد على وجود أزمة بسبب الظروف التي يعاني منها العالم والتي قللت عمليات الشحن للذرة وفول الصويا التي تستورد منها مصر كميات كبيرة تصل إلى نحو 6.5 مليون طن ذرة وثلث الكمية فول صويا.
هل تقدم مصر على تعويم جديد للجنيه أمام الدولار خلال الأيام المقبلة؟
ووجه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والبنك المركزي المصري، بأن يكون هناك تنسيق أسبوعي مع الاتحاد العام لمنتجي الدواجن على كمية محددة من الأعلاف يتم الإفراج عنها أسبوعيًا حتى يتسنى إحداث الاستقرار المطلوب للأسواق، مع ضرورة وضع آلية لمراقبة توزيع الكميات التي سيتم الإفراج عنها أسبوعيًا.
أسباب الأزمة وطبيعة الحل
قال النائب هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب المصري، إن السبب الحقيقي لأزمة الدواجن في مصر تعود إلى نقص المعروض من مستلزمات الأعلاف من فول الصويا والذرة الصفراء وبعض مركزات الأعلاف، بفعل الظروف العالمية التي يمر بها العالم نتيجة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، باعتبارهما من أكبر منتجي محاصيل الحبوب في العالم، على رأسهم محصولي فول الصويا والذرة الصفراء، حيث بدأت الواردات من هذه الكميات في الانخفاض، بالإضافة إلى ظروف عدم توافر العملة الصعبة لكل الاعتمادات المطلوب فتحها من أجل استيراد هذه الحبوب، التي تدخل في تصنيع الأعلاف.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، خلال الأسبوع الماضي كان هناك تواصل مباشر بين رئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة، وكل الأجهزة المعنية بهذا الأمر، لمتابعة ما يحدث لقطاع الدواجن، باعتباره من القطاعات المهمة، حيث تجاوزت استثماراته الـ 100 مليون جنيه، ويعمل به أكثر من 3 مليون مواطن مصري، كما أن البروتين الناتج عن صناعة قطاع الدواجن أرخص بروتين بالنسبة للمواطن المصري، بالإضافة إلى بروتين البيض الناتج من هذه الصناعة.
وزير الزراعة المصري: لدينا اكتفاء ذاتي من الدواجن والألبان
وتابع: "حفاظًا على هذه الأمور، كنا في تواصل دائم الأسبوع الماضي، ونتيجة التواصل عقد رئيس الوزراء اجتماعا مع وزير الزراعة ونائب محافظ البنك المركزي وممثلي اتحاد منتجي الدواجن، وبعض صغار المنتجين، وتوصلوا لحلول خلال أول أكتوبر/ تشرين أول ولحد الآن تم الإفراج عن 120 ألف طن فول صويا وكميات من الذرة الصفراء تصل لنصف هذا الرقم، وتم اعتماد 44 مليون جنيه للإفراج عن 62 ألف طن فول صويا".
وأوضح أن الاجتماع وجه بأن يكون هناك تواصل أسبوعي بين وزير الزراعة ومحافظ البنك المركزي ورئيس اتحاد منتجي الدواجن، لمعرفة الكميات المطلوبة أسبوعيًا ليتم تدبير المبالغ النقدية من العملة الصعبة، بحيث يتم فتح الاعتمادات وعدم تكرار هذه الأزمة، وتظل في استمرارية لتدفق شحنات الفول والذرة للسوق المصري، حفاظا على استثمارات قطاع الدواجن، وعلى المواطن المصري الذي يعتمد في غذائه على الدواجن والبيض.
وعن مشاهد إعدام بعض المنتجين للكتاكيت، قال إن الأمر كان في نطاق ضيق ومحدود جدًا، والمقصود به توجيه رسالة بالأزمة، إلا أن هذه الممارسات مرفوضة ومحرمة دينيًا، وهناك حلول أخرى، وكان الأولى التنازل عنها للمزارع الأخرى أو للفلاحين، لا سيما وأن الأزمة لم تصل لمرحلة انعدام الأعلاف من الأسواق، بل كانت متاحة لكن بأسعار مرتفعة.
الاستيراد والاعتمادات الدولارية
قال عبدالعزيز إمام، عضو الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، ومسؤول سابق بوزارة الزراعة، إن الدواجن في مصر صناعة متكاملة، يعمل بها ملايين العمال والعمالة المساعدة والتكميلية، وهو قطاع عام جدًا، والأزمة الأخيرة كانت كارثية وأثرت على القطاع بشكل كبير.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تستورد مصر 9 مليون طن من الذرة و3 مليون من الصويا، وتنتج ما بين الـ 9 إلى 10 ملايين طن من الأعلاف، وهي كمية لا يمكن أن تغطي احتياجات القطاع لمدة كبيرة، لذلك يتم الاعتماد بشكل أساسي على الاستيراد، والذي تأثر بفعل الظروف الدولية والإقليمية، فبات هناك شح في الاعتمادات الدولارية، وقلت نسب الإفراج الجمركي عن الخامات والبضائع، ما أثر بشكل كبير ليس على قطاع الدواجن فقط، بينما على الثروة الحيوانية والسمكية أيضًا.
السعودية تقرر حظر استيراد لحوم الدواجن والبيض ومنتجاتهما من أمريكا وفرنسا
وأوضح أن أسعار الأعلاف الموجودة، وبسبب شح المعروض، ارتفعت بشكل جنوني، وفي المقابل انخفضت أسعار الدجاج الحي، بسبب زيادة المعروض، حيث بات الكثير من المربين غير قادرين على توفير الأعلاف والطعام للدواجن التي يربيها، ما دفعهم لبيعها بأوزان قليلة، وكذلك بيع الدواجن البياضة ودواجن التسمين، وهذه الفروق في الأسعار سببت خسارة كبيرة دفعت المربين إلى وقف تربية الكتاكيت.
وتابع: "مع قلة الأعلاف، وإحجام المزارع على شراء الكتاكيت من معامل التفريخ، اضطر بعضها إلى إعدامها أو تركها في الشوارع، وهو أمر مرفوض في طبيعته، إلا أن البعض كان مضطرًا"، مؤكدًا أن هذه الخطوة دفعت الحكومة إلى الاجتماع وبدء الإفراج عن الذرة والصويا، ما أدى إلى توافر الأعلاف اليومين الماضيين بشكل تدريجي، وبأسعار أقل من السابق.
وأشار إلى أن الحلول التي أقدمت عليها الحكومة من صرف الاعتمادات الدولارية مهمة، وتحل الأزمة، وتنقذ قطاع الثروة الداجنة في مصر، بيد أن هناك حلولا أخرى أكثر نجاعة لكنها تحتاج إلى جهد كبير، وهي زراعة الذرة والصويا لتقليل حجم الاستيراد من الخارج، وتوفير العلف للإنتاج الحيواني في مصر.
وتواجه مصر خلال الفترة الحالية أزمة في الأعلاف التي تستورد معظمها من الخارج بسبب الاضطرابات العالمية وعدم انتظام عمليات الشحن مما نتج عنه نقص كبير في الذرة وفول الصويا وغيرها من مواد الأعلاف.
مناقشة