ما تداعيات تراجع أستراليا عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وما تأثيره على الموقف الغربي من فلسطين؟

في خطوة وصفها المراقبون بـ"التاريخية"، أعلنت الحكومة الأسترالية، أمس الثلاثاء، التراجع عن الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، مشيرة إلى عودتها إلى موقفها بدعم حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحل الأزمة عبر المفاوضات.
Sputnik
وتقول الحكومة الأسترالية في بيان، إنها ستظل ثابتة على موقفها السابق، بأن "القدس قضية نهائية في الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويجب حسمها عبر المفاوضات بين الطرفين"، وأوضحت أنها قررت إلغاء قرار الحكومة السابقة بقيادة سكوت موريسون.
القرار الأسترالي دفع البعض للتساؤل عن دلالات هذه الخطوة وسر توقيتها، ومدى إمكانية أن ينسحب على قرارات مماثلة لدول أوروبية وغربية، لا سيما وأن أستراليا من بين الدول المقربة لتل أبيب.

مصوغ قانوني

اعتبر الدكتور جمال نزال، المتحدث باسم حركة فتح، وعضو مجلسها الثوري، أن تراجع أستراليا عن نقل سفارتها للقدس مثال يجسد مدى أن البلاغيات الإنشائية التي نتغنى بها في الكثير من الأحيان، حول ضروة انتصار الحق في النهاية، هي حقيقة وأمر واقع، حيث لا يمكن القفز على الحق، وفي عام 2022 لا تزال هناك كلمة للحق في العالم، حتى على الدول المحسوبة على إسرائيل.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، أستراليا ليست دولة معادية لإسرائيل، على العكس تمامًا هي من الدول الصديقة، وحتى الدول المقربة من إسرائيل ومن بينها بريطانيا، حتى اليوم لم تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأكد أن دولة فلسطين على تواصل دائم مع جميع الدول سواء التي تفكر بنقل سفارتها للقدس، أو الدول التي لم تفكر بذلك، لأن هذا الأمر بالنسبة لفلسطين في الدرجة العليا من الأهمية، فكان هناك تواصل فلسطيني مع أستراليا في هذا السبيل، كما أن أستراليا وجدت المصوغ للتراجع عن قرارها السابق غير القانوني.
الجامعة العربية تعلق على قرار أستراليا بشأن القدس
وحول إمكانية أن يؤثر هذا القرار في الموقف الغربي تجاه الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ونقل سفارات بلادهم، أوضح أن هناك عددًا قليلًا جدًا من نفذ عملية النقل هذه، لكن فلسطين تأمل أن تتراجع وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية عن هذه القرارات المغلوطة.
وتابع: "الأمل قائم، ونحن بلا شك نسعى لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أننا قطعنا العلاقات مع واشنطن في زمن ترامب، بسبب اعترافه بأن القدس عاصمة لإسرائيل، لكن نأمل أن تحذو بعض الدول حذو أستراليا في قرارها التاريخي".

تحرك فلسطيني وعربي مطلوب

بدوره اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي الفلسطيني في حركة فتح، أن قرار أستراليا بالتراجع عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب للقدس، جاء بعد تغيير النظام السياسي اليميني بآخر اشتراكي، حيث حاول النظام السابق جذب أصوات اليمين واليهود في أستراليا، ما دفعهم لتغيير موقف بلادهم تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، وزيرة الخارجية الأسترالية تحدثت عن عودة الأمور لطبيعتها، وعودة الرؤية الأسترالية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والإيمان بضرورة حل القضية بالمفاوضات، وأن الخطوة الأخيرة كانت خاطئة، كما أكدت أن هذا الأمر لا يعني أن هناك توترًا في العلاقات مع إسرائيل، حيث لا تزال أستراليا تعترف بها كدولة، وستبقى سفارتها في تل أبيب.
وأكد أن الموقف الإسرائيلي الرافض للأمر، واعتباره بأنه تراجع عن حق، واستدعاء السفير الأسترالي للاحتجاج، لن يؤثر على القرار والذي جاء لتعديل الأوضاع التي انقلبت فقط من أجل الدعاية الانتخابية ومحاولة جذب أصوات اليمينيين واليهود في أستراليا.
حماس ترحب بقرار أستراليا العدول عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
ويرى الرقب أن القرار الأسترالي مهم جدًا، وله العديد من الدلالات، ويمكن أن ينسحب ويؤثر على بعض الدول الأخرى، خاصة وأنه لم يأت نتيجة الحراك الفلسطيني أو العربي، حيث يمكن أن يشجع على ألا يكون هناك مبادرات دولية جديدة لنقل السفارات من تل أبيب للقدس، كما يعد خطوة في تحقيق السلام، لا سيما في ظل انتظار تغير النظام السياسي في إسرائيل.
وطالب القيادي في حركة فتح، بضرورة استغلال هذه الخطوة والبناء عليها من أجل إقناع بعض الدول بعدم نقل سفارات بلادهم للقدس، أو سحب الاعتراف بإسرائيلية المدينة، لا سيما وأن الغرب شجع من قبل عملية السلام وحل الدولتين واتفاق أوسلو، مشددًا على الحاجة الماسة إلى تحرك عربي وإسرائيل للبناء على القرار.
وثمّن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، "قرار أستراليا حول القدس ودعوتها لحل الدولتين وفق الشرعية الدولية وتأكيدها أن مستقبل السياده على القدس مرهون بالحل الدائم القائم على الشرعية الدولية وهو حل الدولتين، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية، أمس، إنها سوف تستدعي السفير الأسترالي لديها، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، إن القدس ستظل عاصمة أبدية لبلاده ولن يغير ذلك أي شيء.
وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول 2018، أعلن رئيس وزراء أستراليا آنذاك سكوت موريسون، أن بلاده تعترف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل.
مناقشة