وحذر تقرير المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا والصادر عن البنك الدولي، من "خطر ندرة المياه الكبير على الأردن، الذي تهدده بشدة الظروف المناخية، وانخفاض معدل هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، فضلاً عن الأسعار المدعومة التي تشجع على الاستهلاك المفرط".
وأشار التقرير إلى "عدة تحديات تواجه التعافي الاقتصادي في الأردن ومن ضمنها ضغوط خسائر الكهرباء والمياه"، وفقا لصحيفة "الغد" الأردنية.
وقال مراقبون إن الأردن يعيش أزمة مياه كبيرة منذ سنوات، بسبب ضعف الموارد المائية، وزيادة عمليات السرقة وإهدار المياه، وعدم استغلال الموارد المتاحة بالشكل الأمثل.
تحلية المياه
قالت الدكتورة غيداء العبداللات، الباحثة الأردنية في مجال المياه والبيئة، إن الأردن من الدول التي تعاني شحًا كبيرًا في مصادر المياه، ويوجه اعتماده على المياه الجوفية كمصدر أساسي، لكنه أيضا يواجهه أزمات عدة مثل التعدي الجائر والآبار المخالفة وغيرها.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، الأردن متعطش لبدء موسم الشتاء والأمطار، وهو ما يؤدي إلى دعم المخزون المائي، وهو ما يشكل انفراجة مؤقتة خلال الموسم في أزمات المياه.
وأوضحت أن الأردن يتجه بسياساته إلى تنفيذ مشروع تحلية المياه، باعتباره الداعم الأول لسد نقص المياه، والحل الدائم للحد من مخاطر شح المياه في الأردن، إلا أنه لا يزال تحت الدراسة ولم يتم التنفيذ بعد.
تأهيل السدود
في السياق، اعتبرت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية أن هناك أزمات داخلية في المملكة تزيد من حدة الفقر في المياه، ناهيك عن تصنيف الأردن في المرتبة الثانية بقائمة الدول الأكثر فقرًا في مصادر المياه.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، المصادر المائية في الأردن محدودة جدًا، هناك آبار جوفية لكن لا يتم استخدامها بالشكل الأمثل، إضافة إلى سرقات المياه المتزايدة بدون أي رادع أو عقاب ما يزيد من خطورة ندرة المياه.
وترى العبسة أن السدود في الأردن غير مؤهلة، وكان هناك خطة لتحديثها الشتاء الماضي، لكنها لم تتم، ما أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير، وضعف استغلال الموارد المائية المحدودة، إضافة إلى انخفاض كمية الأمطار التي تسقط كل عام بفعل التغيرات المناخية.
وأوضحت أن أي تمويل خارجي سيصبح ديون على الأردن، ما لم يتم تأهيل البيئة الداخلية من مرافق وشبكات مياه وسدود، ومنع السرقات واستغلال المصادر المتاحة بشكل أفضل.
وقالت العبسة إن البنك الدولي من ضمن الممولين لمشروع الناقل الوطني، والذي يضع عليه الجميع آمالهم في توفير كميات مناسبة للمياه وتخفيف حدة الأزمة، لكن في النهاية لابد من وضع استراتيجية واضحة للمياه قبل الشروع في الاقتراض أو الحصول على التمويل الخارجي.
حصص دول الجوار
بدوره، أكد نضال الطعاني، المحلل الأردني، وعضو البرلمان السابق، أن الأردن من أكثر الدول فقرًا في مصادر المياه، إلا أن الدولة الأردنية تسعى جاهدة وبكافة الوسائل للتغلب على هذا الفقر.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يحاول الأردن في ترشيد استخدام المياه، وتقليل الفاقد من شبكات المياه المتهالكة، والحد من عمليات الاعتداء على مصادر المياه، سواء الخطوط المتنقلة، أو المياه الجوفية وغير المتجددة، كما يسعى لمشاركة دول الجوار المياه بشكل عادل، وتوزيع الحصص بشكل متساوي.
وأكد أن هناك تحديات تزيد من حدة أزمة المياه في الأردن، أبرزها التغيرات المناخية والتي تسببت في الاحتباس الحراري وتغيير معدلات سقوط الأمطار، والتي يعدها الأردن رافدًا كبيرًا من مصادر المياه للدولة.
وفيما يتعلق بتقرير البنك الدولي، قال إن البنك دائمًا ما يعطي إرشادات للدول التي تتعامل معه، ويخبره بالأزمات التي يواجهها من ضمنها أزمة المياه، من أجل توفير السبل لدعم هذا القطاع الهام، لكن في النهاية هناك حالة احترازية من قبل المواطنين الأردنيين والمسؤولين، وهم يدركون أزمة المياه وكيفية معالجتها.
وأوضح أن وجود 4 ملايين لاجئ، يشكل عاملا ضاغطًا على المياه، ما يستوجب البحث عن طرق لتأمين مصادر أكبر، وكذلك مناشدة دول الجوار بإعطاء الأردن حصته من المياه كاملة، لتأمين حياة كريمة للمواطنين.
ويحتل الأردن المرتبة الثانية بين الدول الأكثر معاناةً من شح المياه، وتعد موارد المياه في الأردن من الأضعف على مستوى العالم، حيث يبلغ المعدل السنوي لهطول الأمطار 95 ملميترا تقريبا، وتشكل المياه الجوفية والسطحية ما نسبته 85 بالمئة من المصادر المتاحة.
وأدى الطلب المتزايد على المياه بفعل التحولات الديموغرافية والنمو السكاني إلى انخفاض حاد في وفرة المياه العذبة في المملكة.
واقترحت رؤية التحديث الاقتصادي تقليل نسبة الفاقد من المياه سنويا بالمملكة بنسبة 2%، كجزء من المبادرات المتعلقة بقطاع المياه. وحسب البيانات الإحصائية، ذات الصلة بقطاع المياه، تبلغ نسبة الفاقد من كميات المياه بالأردن 47 في المئة.