مخاوف من عودة "داعش" إلى العراق.. فهل يستطيع استعادة السيطرة على بعض المناطق؟

عاد الحديث مجددا عن استعادة تنظيم داعش "الإرهابي" لقدراته في بعض المحافظات العراقية وبشكل خاص في محافظة ديالى، وأنه يعمل على أن تكون نقطة الإنطلاق لعودة التنظيم للسيطرة على العراق نظرا لتشابه الأوضاع السياسية الراهنة بما كان سائدا في العام 2014.
Sputnik
ما مدى قدرة التنظيم على العودة للسيطرة ولماذا زادت عمليات التنظيم في ظل تشابك الظروف الدولية الحالية، وهل التنظيم هو من يتحرك من تلقاء نفسه أم أن هناك من يرسم له السيناريوهات ويحركه وقتما يشاء لتنفيذ خططه في العراق والمنطقة؟
وتعليقا على الوضع الراهن بشأن التنظيم يقول الباحث والخبير الأمني العراقي، الدكتور خالد النعيمي، إنه منذ ظهور تنظيم "داعش" (المحظور في روسيا) على الساحة العراقية، خاصة بعد سيطرتها على مدينة الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014 وأكثر من 20 مدينة أخرى خلال عشرة أيام فقط وإعلانهم ما أسموه "دولة الخلافة الإسلامية" بزعامة أبو بكر البغدادي، وقيام حكومة نوري المالكي، بإعطاء الأوامر لأربع فرق عسكرية وقيادة قوات الشرطة الاتحادية بالانسحاب من المدينة وترك أسلحتهم ومعداتهم لعصابات داعش الإجرامية، كان واضحا بأن هناك أيادي خفية ومخابرات دولية هي من تقوم باستخدام هذه المجموعات الإرهابية.

صناعة داعش

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، ما يؤكد أنه كانت هناك أيادي خفية وراء سرعة تغلغل داعش في العراق وسيطرته بصورة غير معهودة، أنه لم تكن هذه العصابات ذات ثقل كبير داخل الاحتجاجات والاعتصامات التي عمت المناطق والمحافظات في غرب العراق، بسبب سياسات رئيس الحكومة المالكي في ذلك الحين حيث اعتمد سياسة طائفية إقصائية حفزت مواطني هذه المحافظات للخروج بمظاهرات واحتجاجات استمرت أكثر من عام، وقد عمدت القوات الحكومية على قمعها بوسائل عنيفة سقط خلالها عشرات من القتلى والجرحى وكانت أبرز هذه الجرائم هي مجزرة الحويجة في محافظة كركوك في 23 أبريل/نيسان 2013.
المتحدث باسم العمليات المشتركة في العراق يؤكد أنه لم يعد لـ"داعش" بيئة داعمة
وتابع النعيمي، هذه الاحتجاجات كانت عبارة عن حراك شعبي تقوم به قوى ومجموعات وحركات وطنية وعشائرية وفصائل مقاومة للاحتلال الأمريكي للعراق، لذلك حصل تخادم جديد بين أمريكا من جهة وإيران واتباعها في الحكومة والأحزاب الميليشياوية بضرورة قمع أبناء هذه المحافظات وتسليط عصابات داعش عليهم ليصار بعدها اتهامهم بالإرهاب وأنهم كانوا حواضن وفروا أماكن آمنة للدواعش، كما تركت القوات النظامية حجم كبير من الأسلحة والمعدات والأموال لصالح هذه العصابات المجرمة وتمكينها من السيطرة على معظم المحافظات الغربية دون قتال.

عودة التنظيم

وتابع الخبير الأمني، أنه من هنا نستطيع القول بإن ورقة داعش ستبقى ورقة أساسية ومهمة تستخدمها الدول التي تريد استمرار سيطرتها على القرار العراقي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، لذلك فإن ظهور داعش في محافظة ديالى وصولا إلى كركوك وصلاح الدين وقيامهم بعمليات إرهابية في تحدي واضح، وخروقات أمنية متواصلة هدفها إشعار حكومة بغداد بأن الوجود العسكري الأمريكي وقوات التحالف الدولي أمرا لابد منه بهدف الحد من نشاطات داعش، وإلا فإن الوضع الأمني في العراق قد يصل إلى حالة الانهيار في حالة انسحاب هذه القوات.

تراجع ولم ينته

من جانبه يقول الباحث العراقي في الشأن السياسي والأمني، محمد حسن الساعدي، إن التقارير الأمنية أشارت نقلا عن مسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية، أن تنظيم داعش ما زال بعيدا عن الهزيمة ولا يزال يشكل تهديدا للدول التي ينتشر فيها، وهي قد تجاوزت 30 دولة حول العالم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، التنظيم لا زال يهدد الاستقرار في العراق وسوريا تحديدا، في ظل جدول التأهيل والدمج المتلكئ لعوائل الدواعش الموجودة في مجمع المخيمات السورية ومعظمهم من العراقيين، وهي قضية قد تتطلب دماء وسنين للعودة إلى بلدانهم الأصلية، وبحلول هذا الوقت يمكن أن يكون أطفالهم في المخيمات قد بلغوا، وسيكون قد أمضى حياته كلها تقريبا في المخيمات التي أنشئت فيها مدارس تعمل على تدريبهم و وتعليمهم عقائد الكراهية والعنف.

الأيام القادمة

وأشار الساعدي إلى أن ما يثير القلق فعلا، تزامن عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان منذ ما يقرب من العام، بعد قرار بايدن المتهور سحب جميع القوات الأمريكية من البلاد، مما أعطي التنظيمات الإرهابية كطالبان والقاعدة وداعش مساحة أكبر للحركة على الأرض.
العراق... حكم بإعدام "أمير بيت المال" في تنظيم "داعش" الإرهابي
وأوضح الخبير الأمني، بحسب تقارير استخباراتية، فإن عصابات داعش يمكنها أن تعيد انتشارها في العراق خلال الأيام القادمة، وتحاول القيام بعمليات إرهابية، تستهدف ‏ الاستقرار الأمني في البلاد في محاولة لإعادة عقارب الساعة للوراء واستغلال حالة الفوضى السياسية التي تمر بها البلاد.

الاستقرار الأمني

ولفت الساعدي إلى أن ‏القوات الأمنية العراقية والجيش العراقي بمساندة مهمة من الحشد الشعبي، تقوم بمهام وجهد كبير في حماية أمن المواطن، ولكن كل هذا لايمثل شيئا أمام تفعيل الجهد الاستخباراتي، وملاحقة العناصر الإرهابية في المناطق الجبلية والوديان، من خلال القيام بعمليات استباقية في ضرب هذه الأوكار و منع قيامها بأعمال إرهابية تستهدف الأبرياء العزل.
واستطرد: هناك علاقة وثيقة بين الملف الأمني والسياسي، لذلك لا يمكن أن يتقدم الواقع الأمني ما لم يكن هناك تقدم ونجاح سياسي، وأولها نجاح خطوات الحوار بين جميع القوى السياسية، وبما يحقق الاستقرار السياسي المنشود، والذي بالتأكيد يصب في خانة النجاح الأمني، وبالتالي تحقيق الاستقرار الاجتماعي للبلاد.
وكان العراق قد أعلن عام 2017 الانتصار على "داعش" رسميا، بعد اجتياحه مساحات واسعة من شمالي وغربي البلاد صيف عام 2014.
مناقشة