السودان... بعد عام على "الانقلاب العسكري" هل اقتربت الأزمة السياسية من الحل؟

رغم كثرة الحديث عن المبادرات والوساطات وقرب انتهاء الأزمة السياسية في السودان، إن الواقع يقول إنه بعد عام كامل من الانقلاب العسكري، زادت التعقيدات في المشهد وأصبحت أكثر عمقا، والحلول السياسية أصبحت شبه منعدمة إن لم تكن مستحيلة.
Sputnik
ما الذي ينتظر السودان في العام الثاني من الانقلاب مع زيادة الأزمات وتفاقمها، مع كثرة الانقسامات حتى داخل المعارضة، بجانب اشتعال الأوضاع في العديد من المناطق نتيجة الأزمة الاقتصادية؟
تعليقا على المشهد الراهن، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، الفريق جلال تاور، إن الأزمة في السودان ازدادت تعقيدا بعد مرور عام على الإجراءات التي اتخذها الفريق البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام 2021، ولم يتم حل أي من الملفات العالقة حتى الآن.

الانقلاب والتسوية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، حيث أن إجراءات البرهان في ذلك الوقت أبعدت كل شركائه في العملية السياسية، وطلب توسيع قاعدة المشاركة وفتح الباب أمام الآخرين، هذا الأمر الذي تحدث عنه البرهان بعيد المنال، فلا يمكن أن تتفق كل القوى السياسية على رأي واحد، فهناك من يتوافق مع البرهان وآخرين مع قوى الشارع ومركزية الحرية والتغيير، والشارع لم يتغير موقفه من إجراءات البرهان، ولم يطرأ عليه أي شيء جديد، وكل يوم نسمع أحاديث من هنا وهناك عن قرب التوصل إلى تسوية، وفي نفس الوقت نسمع نقدا لهذا الحديث، بأنه لا توجد تسوية وليس هناك قبول للتسوية في الشارع.
وأكد تاور أن الأزمة تعقدت تماما ولمدة سنة كاملة دون حكومة أو جمعية تأسيسية أو تشريعية أو مجلس تشريعي يكون بمثابة الرقيب على السلطة التنفيذية، حيث أن كل الوزارات تعمل حاليا بأشخاص مكلفين، فالأزمة الحالية خلقت وضعا غير دستوري تماما، ولم يسبق أن مر التاريخ السوداني بمثل ذلك من قبل.

الحل الأمثل

وقال الخبير العسكري إن انتظار أن تتوافق الأطراف المدنية على حل وفق ما طرحه رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بأن تتوافق جميع الأطراف السياسية وأن تصل إلى نقطة اتفاق وأن يختاروا حكومة مدنية، لكي تستلم السلطة من الجيش، والحقيقة أن القوى المدنية لن تختار حكومة أو تتفق عليها وهم مختلفين من الأساس، وهذا ما يؤكد أنه لا توجد أي نقطة تلاقي بين الأطراف المتصارعة على السلطة الآن.
حميدتي يلتقي بـ"الآلية الثلاثية" ويبحث معها التطورات السياسية في السودان
وأوضح تاور أن الكثير من المراقبين والخبراء يعلمون جيدا أن الحل الأمثل لتلك الأزمة هو العودة للدستور أو الوثيقة الدستورية من أجل الوصول إلى الانتخابات، وطبقا لهذا الوضع لن نصل إلى انتخابات ولا نتوقع ذلك.

استمرار الاحتجاجات

وأكد الخبير العسكري أن الشارع السوداني مستمر في الاحتجاجات والعناد، وحتى ما يتم تسريبه عن التسوية القريبة، كانت أحد أسباب زيادة عمليات الاحتجاج في الشارع، وبالأمس القريب قُتل متظاهر عمره 17 عام، مشيرا إلى أن قوى الشارع رافضة لمبدأ التسوية من الأساس ويرون أنها تأتي على حساب دماء الشهداء والدفع بهم كقربان لتلك التسوية.

منحدر جديد

من جانبه يقول السياسي السوداني، خضر عطا المنان، اعتقد منذ الانقلاب في 25 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بقيادة القائد البرهان، أعتقد أن الأزمة تعمقت وقد وصلت ذروتها الآن، ربما تكون الآن في منحدر جديد يعني بدأت تهبط تدريجيا نحو الحل.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك":

"ولكن هذا الهبوط نحو الحل سوف يمر بسيناريوهات قاسية جدا، وسيكون ثمنها غالي لأن العسكر يصرون على مواصلة نهجهم الذي انتهجوه من خلال قتل الثوار وملاحقة الشرفاء في الشوارع وهكذا".

وتابع السياسي السوداني: "في اعتقادي أن أسوأ السيناريوهات أن تستمر الحالة هكذا، بين كر وفر، بين الشارع الملتهب والقوى العسكرية أو العسكر الذين يهيمنون على السلطة في السودان".

سيناريوهات متوقعة

وأشار إلى أنه من السيناريوهات المتوقعة أيضا هي أنه سيزداد الضغط على العسكر، وفي نهاية المطاف لن يجدوا مفرا سوى أن يرضخوا لإرادة الشارع، لأن الحل الوحيد للأزمة هو الرضوخ لإرادة الشارع رغم أن العسكر يتخوفون من هذا السيناريو، خوفا من أن يقدموا للمحاكمة ويدفعوا ثمن كل ما قاموا به من جرائم وهكذا، فتربص الشارع بهم أو على الأقل الرصد الحاصل لكل الجرائم التي ارتكبوها هو ما يخيفهم الآن.
البرهان يؤكد أن القوات المسلحة ستمضي في أي طريق يمكن أن يقود السودان إلى بر الأمان
وأوضح المنان أن هناك معادلة يجب أن تحدث ما بين الشارع والعسكر، أنه في نهاية المطاف لن يكون هناك حل سوى أن يجلسوا سويا إلى التفاوض، كل أزمات العالم التي تفجرت انتهت بتفاوض في نهاية المطاف، أعتقد أن الأزمة حلها في تفاوض ما بين الشارع وإدارة الشارع وقادة الشارع"الثوار" وهؤلاء العسكر، روح التفاوض هي التي يمكن أن تقود إلى حل هذه الأزمة.
أعلنت لجنة أطباء السودان مقتل متظاهر بطلق ناري في الصدر بعد مشاركته في مظاهرات، أمس، في العاصمة الخرطوم.
وأشارت اللجنة في بيان لها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" (أنشطة ‏شركة "ميتا" محظورة في روسيا باعتبارها أنشطة متطرفة) إلى أنه لم يتم التأكد من بيانات الضحية بعد.
وأوضحت أنه توفي "إثر إصابته بطلق ناري في الصدر أطلقته قوات الانقلاب بعد مشاركته في تظاهرة اليوم بمدينة الخرطوم".
ولفتت اللجنة إلى أنه بوفاة اليوم "يبلغ العدد الكلي لشهدائنا بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر (118) شهيداً، ينيرون لنا دجى الطريق ويذللون عقباته للعبور إلى مرافئ الحرية والمجد".
وأعلنت اللجنة، أمس، إصابة 31 في مليونية 21 أكتوبر، من بينها (3) حالات إصابة في العين بعبوات الغاز المسيل للدموع، وإصابة برصاص مطاطي في الساق، وإصابة بقنبلة صوتية في البطن، و(5) حالات إصابة في الرأس بعبوات الغاز المسيل للدموع، وحالات إصابة متفرقة في الجسم نتيجة التصويب المباشر لعبوات الغاز المسيل للدموع والرشق بالحجارة والتدافع.
ودعت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في السودان للتظاهر والمطالبة بدولة مدنية وإعادة الجيش إلى ثكناته العسكرية، في الذكرى الأولى لإجراءات اتخذها الجيش شملت إقالة الحكومة.
وأكدت القوى عدم مشاركتها بأي اتفاق مع المكون العسكري، نافيةً ما يشاع حول التوصل لمسودة اتفاق بينهما وعن قرب التوقيع عليها.
كما جددت التزامها للشعب السوداني بتمسكها بتحقيق مطالبه المشروعة بالانتقال الديمقراطي وتشكيل مؤسسات حكم دستورية، بحسب ما جاء في بيانها.
مناقشة