مع استمرار الاحتجاجات.. ما إمكانية التسوية السياسية بين المدنيين والعسكريين في السودان؟

أكد المحتجون في السودان خلال الذكرى الأولى للانقلاب، على استكمال الطريق نحو الدولة المدنية وعودة الجيش إلى الثكنات، وأنه لا تراجع عن أهداف الثورة.
Sputnik
تطورات المشهد السياسي في السودان طرحت الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة الشارع على الاستمرار في التظاهر في ظل أوضاع معيشية وأمنية قاسية، وهل ستستمر الاحتجاجات بنفس الوتيرة دون تجديد أم أن هناك أساليب جديدة سوف يستخدمها المحتجين خلال الفترة القادمة، وما هو مصير المبادرات والوساطات الدولية والإقليمية لحلحلة الأزمة السودانية؟.
لجنة أطباء السودان المركزية تعلن مقتل متظاهر دهسا في أم درمان
بداية يقول مدير المركز الأفريقي العربي لبناء ثقافة السلام والديمقراطية بالسودان، الدكتور محمد مصطفى، الشارع لا يفتر ولا ييأس مهما طال الوقت للمطالبة بالتغيير، بل ظل في وتيرة متصاعدة.

عزيمة وإصرار

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، والدليل على أن الشارع لم ييأس ولم يضعف إدراك الشباب الثائر لأهمية توحيد الكلمة والصف، حيث بدأت الفكرة تسيطر على قناعات كل الشباب، ما يؤكد نجاح مبادرة المركز الأفريقي العربي التي تم إطلاقها في مطلع يناير/ كانون ثاني من هذا العام، والتقطتها جهات مختلفة منها مجموعة المؤتمر التشاوري التي تسعى بجد واجتهاد لوحدة الثوار في كل السودان تحت مظلة التنسيقية الفدرالية الثورية، وكذلك مجموعة ميثاق سلطة الشعب التي تعمل جادة للملمة كل الأطراف تحت ميثاقها وهكذا ظل الثوار يطورون أدواتهم في مواجهة الإنقلاب وقادته مما جعلهم مشلولين تمامٱ ولم يستطع قائده تشكيل حكومة لمدة عام كامل.
وأكد مصطفى على أن الشارع لم ولن يمل، بل يزداد حماس وعزيمة وإصرار بمرور الوقت لتحقيق هدفه الذي ظل يتراءى ولم يختف أبد.

خسائر الانقلاب

من جانبها تقول القيادية السودانية المعارضة، لنا مهدي، بعد عام من انقلاب البرهان خسر الانقلابيون الشعوب السودانية، بل وفقدوا حتى تعاطف القلة التي كانت تدعمهم باستثناء الانتهازيين الذين يستمدون وجودهم من ارتزاقهم ومصالحهم مع قادة الانقلاب، كما فقد الانقلابيون المجتمع الدولي الذي على الرغم أنه يفضل الاستقرار ليتسنى له الاستثمار في بلدان مستقرة، أكثر من اهتمامه بقضايا مبدئية وجوهرية كالحريات والديمقراطية، إلا أن الضغوط الخارجية خنقت الانقلابيين.
وأشارت في حديثها لـ"سبوتنيك"، "بالإضافة إلى ما سبق فإن الانقلابيين فشلوا في حل كافة إشكالات الوطن، خصوصا الضائقة المعيشية وارتفاع الأسعار بجانب تردي الخدمات الصحية والتعليم، والأسوأ من كل ذلك الانفلات الأمني الذي ضرب كافة ولايات السودان، ولم تسلم حتى الخرطوم العاصمة منه".
وأوضحت مهدي، أن "الانقلابيين يرون أن السودان هو الخرطوم أما بالنسبة لفصائل المعارضة فبعضها يرى بقصر نظر ذلك أيضا، حيث أن القوى السياسية فشلت خلال عام هو عمر الانقلاب من التوحد تحت مظلة برنامج سياسي راشد واحد، وفشلت في تحقيق حد أدنى من الاتفاق والشارع الذي انتظم في حراك ثوري شعبي متنامٍ لا يجد قيادة موحدة مع وجود عدة مواثيق ثورية يتباين مؤيدوها حتى الراديكاليون غير موحدين تحت برنامج واحد أو واضح المعالم بل خطوط عريضة".
وأشارت القيادية السودانية إلى أن "الحل في المزيد من الضغط الشعبي حتى إسقاط النظام والبعد عن التسويات المخزية، فالشوارع التي لا تخون أثبتت أن كل قطرة دم لشهيد تنبت بذرة مناضل جديد، ونحن السودانيين النضال ومقاومة الطواغيت بالنسبة لنا أسلوب حياة".
وقالت وزارة الداخلية السودانية، إنها تواجه قوات مدربة بتشكيلات عسكرية مسلحة تتبنى العنف والتخريب، وتتبعهم دراجات نارية مجهولة أثناء الاحتجاجات التي جرت أمس الثلاثاء.
ارتفاع حصيلة القتلى بولاية النيل الأزرق جنوبي السودان جراء الاشتباكات إلى 267 قتيلا
وأضافت الداخلية السودانية في بيان أنها قامت بنشر القوات لتأمين المواقع الإستراتيجية وحماية المظاهرات السلمية وفق التعليمات والإرشادات.
وأوضح البيان أنه منذ الساعات الأولى للمظاهرات، وجدت الشرطة أنها تعامل مع قوات مدربة بتشكيلات عسكرية مسلحة تتبنى العنف والتخريب بزي موحد لكل مجموعة (فنايل - خوز - كمامات قفازات - نظارات) ويحملون أدوات كسر وقطع وتتبعهم دراجات نارية مجهولة.
وأشار إلى أنهم كان لديهم تسليح كامل وموحد بالدرق والغاز والملتوف والخوازيق المصنعة وشنط جراية في الخلف.
ولفت إلى أن قادة الجماعات كانوا يوجهون ويصدرون التعليمات للمجموعات بأسلوب الكر والفر وقطع الطرق والاعتداء على المواقع العسكرية بصورة متكررة.
وأعلنت لجنة أطباء السودان، الاثنين الماضي، مقتل متظاهر بطلق ناري في الصدر في العاصمة الخرطوم خلال مشاركته في المظاهرات.
وأكدت قوى الحرية والتغيير عدم مشاركتها في اتفاق مع المكون العسكري، مؤكدة أنه لم يتم التوصل لأي اتفاق بينهما وجددت التأكيد على تمسكها بتحقيق المطالب المشروعة للشعب السوداني بالانتقال الديمقراطي وتشكيل مؤسسات حكم دستورية، حسبما ذكرت في بيانها.
مناقشة