وسط تبادل الاتهامات بين فتح وحماس... من يتحمل مسؤولية هجرة الفلسطينيين من غزة؟

وسط الحصار الإسرائيلي المتزايد، يعيش أهالي قطاع غزة الفلسطيني أوضاعًا صعبة، في ظل معدلات مرتفعة من الفقر والبطالة نقص مستمر في فرص العمل، ما دفع الشباب إلى محاولة الهجرة إلى الخارج.
Sputnik
وشهدت فلسطين، قبل يومين مأساة كبرى، بعد غرق مركب على متنه عدد من سكان قطاع غزة، قبالة السواحل التونسية، أثناء محاولتهم الهرب من سوء الأوضاع داخل القطاع.
"حماس" تدين "العدوان الإسرائيلي على سوريا" وتعتبره استمرارا لحرب الاحتلال الهمجية ضد الأمة العربية
وحمّل بيان حركة فتح حماس مسؤولية مقتل ما اسمتهم بـ"شهداء لقمة العيش"، وقالت إن هذه الحادثة ما كانت لتتم، لولا النهج الذي انتهجته سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، التي تتحمل المسؤولية الفعلية لحوادث الغرق المتكررة الناجمة عن ظاهرة الهجرة الجماعية للشباب في القطاع.
وأكدت أن هذه الظاهرة جاءت نتيجة لأزمة البطالة المستفحلة، والفقر المدقع، والتدهور المستمر للأوضاع المعيشية، مشيرة إلى أن حماس "منذ انقلابها العسكري عام 2007، مارست شتى أساليب القمع بكافة أشكاله تجاه الشعب الفلسطيني في القطاع، عبر فرض الضرائب دون أي سند قانوني، وممارسة نهجًا اقتصاديًا جبائيًا، وقامعة لأي حراك اجتماعي أو شبابي مطلبي"، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وقالت الحركة إن حادثة غرق الشبان في محاولتهم للهجرة خارج قطاع غزة، بحثًا عن فرص عمل وحياة لائقة، تُثبت التداعي الاقتصادي والاجتماعي في القطاع، مضيفة أن سلطة الأمر الواقع استخدمت نهج الوعود التسويفية في مقاربتها لحل هذه الأزمات، وأسست نهجًا إقصائيًا في التوظيف والتشغيل والحصول على فرص العمل.

سياسات حماس

اعتبر زيد الأيوبي، القيادي في حركة فتح، أن "مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بدأت مع الانقلاب الذي كرسته حركة حماس بقوة السلاح، حيث أخضعت الشعب الفلسطيني لحياة معيشية قاسية لكسر إرادته للقبول بسيطرته وإخضاعه لحكمها في غزة".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "جميع المساعدات التي ترد للشعب الفلسيطيني في قطاع غزة، تستولى عليها حركة حماس، وتوزعها على قياداتها ومناصريها، فيما لم يجد الشباب الفلسطيني هناك أي مستقبل أو أفق ما اضطرهم إلى محاولة الهجرة للخلاص من الوضع القائم"، وفقا لقوله.
وأوضح أن كل الشعب الفلسطيني يحمل مسؤولية الحادث الأخير لغرق المراكب، والحوادث القديمة المشابقة لسياسات حركة حماس الفئوية، يضاف لها إسرائيل التي تحاصر الشعب الفلسطيني وتمنع عنهم كل شيء.
وتابع: "في الوقت نقسه تسهل إسرائيل على قيادات حماس إدخال البضائع والتنقل بحرية، حيث أنها معنية بالإبقاء على قطاع غزة تحت سيطرة حماس، لأنها تريد تصفية الحلم والطموح الفلسطيني الذي يهدف إليه الشعب بالوحدة، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
ويرى الأيوبي أن الوضع الحالي يتطلب التدخل الدولي من أجل رفع الظلم والمعاناة عن الشعب في قطاع غزة، وإجبار حركة حماس على إنهاء إنقلابها والعودة للحضن الفلسطيني، وتكريس الوحدة الفلسطينية على أساس الشراكة السياسية لجميع الفصائل الفلسطينية في إدارة شؤون الشعب، وإجبارها كذلك على احترام حقوق الإنسان والمواطنين وعدم التمييز بين أنصارها والمختلفين معها سياسيًا.

حصار وعقوبات

اعتبر مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، أن اتهام السلطة الفلسطينية لحركة حماس، بدفع الشباب إلى الهجرة لا غرابة فقه، وأمر طبيعي أن تتهم السلطة حماس بكل ما هو سلبي.
حركة "فتح" تعلن الحداد والإضراب العام في الأراضي الفلسطينية
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الغريب هنا، أن السلطة الفلسطينية تفرض عقوبات مالية وصحية واقتصادية على قطاع غزة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع أكثر مما فاقمه الحصار الخانق الذي تفرضه إسرئيل منذ سنوات طويلة على القطاع.
وتابع: "من يخرج بهدف السعي إلى الهجرة أو الخروج من غزة ودفع مبالغ مالية تقدر وفق هذه المراكز المهتمة بالهجرة بمبالغ طائلة تتراوح بين 7 إلى 10 آلاف دولار، وهم ليسوا بحاجة إلى هذه الهجرة نتيجة الضيق المالي أو المعيشي، بل يعتقدون أنها ستشكل لهم دخلا أكبر بكثير".
وأوضح أن قطاع غزة يعاني فعليًا بمعدلات بطالة مخيفة، وفرص عمل شحيحة، وأن الأزمة التي يمر بها كل المواطنين قائمة، ولكن ليس بسبب حركة حماس، والتي يعيش قياداتها وأفرادها نفس الظروف المعيشية الصعبة التي يعيش بها أبناء الشعب الفلسطيني.
ويرى الصواف أن السبب الرئيسي للحالة التي وصل إليها الوضع في غزة سببه في المقام الأول هو إسرائيل والتي تفرض حصارا مشددا، وكذلك العقوبات والحصار المفروض من قبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، سواء غزة وأهلها أو من حماس أو فتح أو التنظيمات الأخرى.
وقال إن حركة حماس تبذل كل ما تستطيع لتحقيق ما يمكن تحقيقة من أجل إحداث إنعاش ودعم للخروج من الأزمة التي يعاني منها القطاع منذ سنوات طويلة.
حركة فتح: خطاب لابيد متناقض مع الأفعال والدولة الفلسطينية ليست تفضلا من إسرائيل
ويستبعد الصواف، أن تكون المقاومة الفلسطينية هي السبب في الأوضاع التي وصل لها قطاع غزة، والتي لا تختلف كثيرًا عن الضفة الغربية والتي لا تعيش نفس الحصار المفروض على القطاع من قبل إسرائيل والسلطة.
وارتفعت عدد محاولات الهجرة عن طريق البحر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بسبب الواقع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة؛ إذ بلغ معدل البطالة في غزة حوالي 50 بالمئة، في وقت يعيش فيه أكثر من نصف سكان القطاع في الفقر، فيما يعاني 62 بالمئة من سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي، وفقا لصحيفة الغد.
مناقشة