القاهرة - سبوتنيك. وبجانب ما تشتهر به الأهرامات كونها تعد حاضنة للسياح من مختلف دول العالم لمشاهدة الثلاثة أهرامات وتمثال أبو الهول –إحدى عجائب المصريين القدماء من 4500 عام - يذهب عدد من المهتمين برؤية الأعمال التشكيلية المنتصبة وسط الصحراء تعكس رؤى أصحابها نحو رؤيتهم للفن المعاصر.
وتقيم مؤسسة "آرت دي إيجيبت" على مدار ما يقرب من شهر معرضها، الذي يعد تمثيلا للاندماج بين التراث القديم والفن المعاصر، ويتضمن أعمال فنية مركبة ومنحوتات تعتمد على رؤية الأهرامات باعتبارها جزء منها، والذي يقام في الفترة من 27 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري إلى 30 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تحت رعاية وزارة السياحة والآثار ووزارة الخارجية واللجنة الوطنية المصرية لمنظمة اليونسكو، وهيئة تنشيط السياحة.
وتجوّلت "سبوتنيك" بين المنحوتات المعروضة، وتحدثت إلى الفنانة التشكيلية، زينب الهاشمي، من الإمارات العربية المتحدة، وقالت إنها "تحتفل بالمعرض وبحضور الفنانين من كل دول العالم"، ووصفت تجربتها الشخصية بأنها "تهتم بالحضارة الفرعونية المصرية القديمة".
وفسّرت أن "مجسمها المتمثل في شكل مسلة، والذي يحمل اسم "تمويه الجمل"، تم تصنيعه من جلد الإبل، كرمز للتعبير عن الحضارة العربية، وكيف شكل جزءاً كبيراً من هذه الثقافة، فضلا عن ما قدمه من مزايا وفوائد عدة".
ولفتت إلى أن "رغبتها باستخدام الجلد لعمل القطعة الفنية بشكل مختلف يبرز معنى مختلف للجمال الذي اعتاده الجميع من الإبل"، واستطردت: "العمل غير مكتمل والمجسم به جزء مكتمل وأخر لم يكتمل، تعبيرا عما يعايشه البشر في صنع الحضارات، فأحيانا ينجزون جزءا كبيرا، وأحيانا لا يكملون هذه الإنجازات".
وعلى بعد خطوات، يجد الزائر مجسما للعارض السعودي، محمد الفرج، يحمل اسم "حارس الريح"، والذي يشارك للمرة الأولى بالمعرض، ويتكون من أنابيب وجزوع وأغصان النخل وأجزاء من مراكب الصيد، وخيوط سنارة من الصيادين تم تجميعها معا لإخراج العمل على شكل هرمي يماثل الأهرامات.
وأشار الفرج: "جئت إلى مصر قبل المعرض بعدة أشهر وتعرفت على أشخاص من محافظة الفيوم المصرية وحصلت على المواد منهم، لإظهار العمل في صورة أشبه بكسبولة من الآمال والأحلام مثل عنفوان الحياة".
وأوضح أن "الفكرة تشكل جزءا منها من قبل قدومه إلى مصر، ليكتمل التصوير مع تجميع الأدوات"، مؤكدا أن "النخلة تشكل رمزا دينيا وثقافيا واجتماعيا ودينيا في بلاده، وتحديدا في مدينة الأحساء السعودية الوافد منها".
واختتم العارض السعودي حديثه: "بالطبع تأثير البلد والبيئة الصحراوية طاغي على أعمالي الفنية المختلفة، وصممته من أجل أن يتفاعل مع الرياح التي تحتضن كل دقيقة الصحراء"، لخص بقصيدة كتبها على أنبوب منتصف المجسم "هل تسمع فيها صراخ الصحراء وطمأنينة البحر، افتقد جداً حفيف أوراق الشجر في صدري ولكن لن أمانع".
ومن أفريقيا، جسّد الفنان الكاميروني المقيم في بلجيكا، باسكال مارتين تايو، مجسما باسم "أحلام في الجيزة"، والذي يتكون من 20 أنبوبة من مادة الأستالستين بها عديد الفتحات، كرمز للنأي المصري، حتى تصدم بالرياح وتعزف من تلقاء نفسها، ملتصق بها العديد من الكرات متباينة الألوان والتي ترمز للحيوية والحياة، على حد قول مساعدته.
جدير بالذكر أن الفنان الكاميروني لم يحضر المؤتمر وسيصل إلى مصر مساء غد، وهي المرة الأولى للمشاركة له في مثل هذا المؤتمر.
وقال العارض المصري، أحمد قرعلي، إن "مجسّم الهرم الشبيه بالهرم الأصلي ليس له علاقة به، وإنما صممته ليكون مفرغا مصنوعا من الخشب والحديد والألياف الزجاجية"، موضحا أن الهرم يحمل اسم "هرم بمفردات بناء أخرى".
وبيّن أن رسومات المجسم استغرقت منه 6 أشهر، في حين تم التنفيذ في فترة شهرين، لأن التخيل يتم تطويره مع التنفيذ ومعايشة موقع البناء وكيفية تأسيسه على أرض الصحراء، لافتا إلى أنه كان يعمل مع فريق عمل ضخم يضم راسمين وعمال وراعين ومصممين.
يذكر أن العارض السويدي من أصول سورية، جوان يوسف، قدم منحوتة باسم الرمال الحيوية تحمل اللون الأبيض النقي، فيما قدم الفنان الأسباني، سباي، عملا يشابه الكرة الضخمة المصنوعة من مرايا مقعرة ينظر فيها الزائرين لأنفسهم، وأسماه "مدار: تحت نفس الشمس".
يشار إلى أن عددا من الفنانين المصريين الشباب حرصوا على حضور الحفل، منهم الفنان أمير المصري، وياسر الزوار، كما تولت طائرة هيلكوبتر من الجيش والشرطة تأمين المعرض، والمتواجدين به من سائحين أجانب وزائرين، وكوكبة من الإعلاميين والفنانين التشكيليين الأجانب.
وأكد جميع الفنانين والحضور أن عناصرهم جاءت بهدف رسالة موضوع الخلود، معبرين عن مخاوفهم بشأن الاستدامة في عصر الأزمة البيئية، ولذلك حرصوا على استخدام مواد متنوعة من الألياف الزجاجية والصلب إلى الحجر والرخام في أعمالهم، خاصة وأنها جميعها مصادر محلية تم إنتاجها في مصر.