وأكدت وزارة الخارجية القطرية أنها استدعت السفير الألماني لدى الدوحة كلاوديوس فيشباخ، وسلمته مذكرة احتجاج رسمية، بخصوص تصريحات وزيرة الداخلية في بلاده حول استضافة قطر لكأس العالم المقبلة.
ولفت البيان إلى أن المذكرة عبرت عن "خيبة أمل دولة قطر ورفضها التام وشجبها للتصريحات التي أدلت بها السيدة نانسي فيزر، وزير الداخلية الألمانية، في حق استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم 2022، كما طالبت بتوضيحات بشأن هذه التصريحات".
وطرح البعض تساؤلات بشأن السر وراء الهجوم الألماني على قطر، وإمكانية أن يكون له علاقة برفض الدوحة تزويد أوروبا بالغاز هذا الشتاء، وعن تداعيات هذا الهجوم على العلاقات الأوروبية القطرية.
ضغوط غير مقبولة
قال جاسم بن ناصر آل ثاني، المحلل السياسي القطري، وعضو اللجنة الأوروبية للقانون الدولي، إن قطر استدعت السفير الألماني وأبلغته احتجاجها على التصريح المتعلق بتنظيم الدوحة لكأس العالم، وكذلك كان هناك تصريح من دولة أوروبية، وفي المقابل تصريح معاكس من الرئيس السابق ساركوزي يتسم بالعقلانية والإنصاف.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لم تكن تصريحات الوزيرة الألمانية موفقة، بغض النظر عن الأهداف والمغازي من وراء هذه التصريحات، لكن سياسة قطر لا ترضى ولا تخضع لأي ضغوطات من خلال أزماتها مع دول عربية أو أوروبية، مؤكدًا أن أزمة الطاقة وما يحدث بين روسيا وأوكرانيا ألقت بظلالها على السياسة الأوروبية داخليًا وخارجيًا.
وعن مدى ارتباط التصريحات بموقف قطر من عملية تزويد أوروبا بالغاز، أشار إلى زيارة رئيس الحكومة الألمانية لدول الخليج، بشأن تأمين عقود الطاقة، حيث قال إن زيارته كانت مخيبة للآمال، أو أن نتائجها لم تتحقق، ولم يتبع ذلك أي تصريحات حكومية.
وتابع: "دول الخليج مرتبطة بعقود لمدد طويلة، وتغيير أو كسر هذه الارتباطات له آثار قانونية، كما أن النفط ثروة ناضبة يجب استغلالها بما يحقق مصالح الدول المنتجة، وعندما كانت أسعار النفط منخفضة لسنوات حققت أوروبا عوائد كبيرة حيث تبيعه بعد تكريره بأسعار مضاعفة، أكثر من الدول المنتجة".
وأوضح آل ثاني أن مسألة الطاقة وإنتاجها لا تخضع لأي ضغوط دولية، وسبق وأن هاجمت فرنسا الولايات المتحدة الأمريكية بسبب بيعها للغاز بأسعار مضاعفة عن سعره الأصلي، وهو ما لم تكترث به واشنطن، حيث نظرت إلى ما يحقق مصالحها الاقتصادية فقط.
إرضاء اليمين المتطرف
من جانبه، اعتبر عبدالله الخاطر، المحلل السياسي القطري، أن التصريحات المسيئة التي أطلقتها الوزيرة الألمانية حول استضافة قطر لكأس العالم، جاءت بسبب التداعيات السياسية الداخلية لدول أوروبا، ومحاولتها إرضاء بعض الأطراف في الداخل، ولم تراع شركاء الخارج.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، قال عبد الله الخاطر، إنه "سبق وأن كان هناك تصريحات لجوزيب بوريل، المفوض الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية عن حديقة أوروبا وأدغال العالم"، مضيفا: "لم يعد الأوروبيون يراعون الآخرين، انسياقًا وراء إرضاء اليمين المتطرف في أوروبا".
وقال إن قطر لم ترفض تزويد دول أوروبا بالغاز لتعويض النقص الحاد في الطاقة لديها، لكن أوروبا لم تقتنع بعد بضرورة الالتزام بآلية الأسواق، وقبول آليات العرض والطلب التي تتحكم في الطاقة وإنتاجها.
وفيما يتعلق بتأثير هذه الخطوة على العلاقات الأوروبية القطرية، استبعد الخاطر أن يكون هناك أي تأثير على المدى المتوسط والطويل، وعلى المصالح المشتركة، حيث تتفهم الدول بعض حاجات السياسيين لبعض التصريحات التي تستهدف الداخل والدعاية الحزبية، ولكن في حدود وأطر مقبولة، ومن خلال نظام إدارة من قبل الآخرين، حتى لا تخرج عن نطاق محدد.
وتابع: "هناك مصالح عليا ومن واجب الدول الحرص والمتابعة حتى يعلم السياسي أن سلوكياته مرصودة من قبل المجتمع الدولي، ولا يمكن أن تبقى الأمور منفلتة، بل هناك عواقب لكل موقف، مهما كان داخليًا، لذلك فإن خبرة السياسي لها دور كبير في تشكيل تصرفاته و تصريحاته و دور المجتمع الدولي العمل على إيصال النقد البناء وعلاقات الدول عمل مستمر وجهد لا يكل ولا يمل وتلك هي غاية كل دولة".
واستنكر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، تصريحات وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بشأن استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022.
وقال الحجرف في بيان، اليوم السبت، إن تصريحات الوزيرة الألمانية والتي وصفها بالادعاءات "لا تخدم قيام علاقات طبيعية بين البلدين باعتبارها انتهاكاً للأعراف والتقاليد الدبلوماسية والقوانين الدولية".
وكانت فيزر قد صرحت بأن "حق الاستضافة هذا خادع للغاية". وقالت: "هناك معايير يجب الالتزام بها وسيكون من الأفضل عدم منح حق استضافة البطولات لمثل هذه الدول". وأضافت أن المعايير يجب أن تتضمن "احترام حقوق الإنسان" و"مبادئ الاستدامة"، وفقا للعربية.
وقبل أيام، قال وزير الطاقة القطري والرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة الحكومية، سعد الكعبي، إن الدوحة لن تحول شحنات الغاز المتعاقد عليها بالفعل مع مشترين آسيويين إلى أوروبا هذا الشتاء.
وأضاف الكعبي في تصريحات صحفية، أن الشركة لن تحول أيضًا أي شحنات من أوروبا التي تواجه زيادة كبيرة في أسعار الطاقة وانخفاضًا في إمدادات الوقود، وتابع: "قطر ملتزمة قطعا باحترام العقود... عندما نبرم (اتفاقًا) مع مشتر آسيوي أو أوروبي فإننا نلتزم بالاتفاق"، وفقا لـ "دويتشه فيله" الألمانية.
والثلاثاء الماضي، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل الثاني، إن بلاده "تعرضت لحملة غير مسبوقة منذ فوزها بتنظيم بكأس العالم لكرة القدم".
ومن المقرر أن تستضيف قطر في الفترة بين 20 نوفمبر/ تشرين الثاني و18 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين نهائيات كأس العالم لكرة القدم بمشاركة 32 منتخبًا، وهي المرة الأولى التي تشتضيف فيها دولة في الشرق الأوسط والعالم العربي البطولة الأشهر.