وأظهر فرز 86% من أصوات الناخبين الإسرائيليين في الانتخابات التي جرت أمس الثلاثاء، حصول معسكر رئيس المعارضة زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو على 65 مقعدا، ما يؤهله لتشكيل حكومة يمين بشكل مريح.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إنه تجرى الاستعداد داخل حزب رئيس الوزراء يائير لابيد "هناك مستقبل" لتسليم السلطة لنتنياهو.
وطرح البعض تساؤلات عن الأسباب التي أدت إلى فوز نتنياهو مرة أخرى، وماذا يعني إعادة الشارع الإسرائيلي انتخابه، وما السياسات والقرارات المتوقع أن يصدرها وتأثيرها على القضية الفلسطينية.
تركيبة متطرفة
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن النتائج شبه النهائية لانتخابات الكنيست الحالية، أفرزت تحالفًا يمينيًا فاشيًا من الصف الأول، لم تشهده إسرائيل منذ قيامها، فبجانب تصدر بنيامين نتنياهو، جاء تحالف حزبي "الصهيونية المتدينة" و"قوة يهودية" برئاسة إيتمار بن غفير الفاشي والذي يعتمد على كراهية العرب، وكل تصريحاته موجهة ضده، إضافة إلى اقتحامه للمسجد الأقصى، في القوة الثالثة للكنيست الإسرائيلي.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، لم يفلح معسكر التغيير بقادة يائير لابيد هذه المرة في تشكيل حكومة، والسبب يعود إلى الأحزاب المنضوية تحت الائتلاف، فإن فشل الاتفاق بين حزب العمل وميرتس، أفقدهم مجتمعين 10 مقاعد، حيث حصد الأول 4 مقاعد فيما فشل الثاني في تخطي نسبة الحسم حتى الآن.
وتابع: "وكذلك تقسيم الأصوات بين القائمة الموحدة وائتلاف الجبهة الديمقراطية والعربية للتغير، أدى إلى خسارة الكتل العربية لمقعد داخل البرلمان، وخوض حزب التجمع الانتخابات منفردًا هذه المرة، أضاع أكثر من 125 ألف صوت عربي دون أي جدوى أو منفعة"، مؤكدًا أن النواب العرب سينضمون إلى المعارضة وسيحاولون فقط التصدي وعرقلة سياسات الحكومة الجديدة المتطرفة.
واعتبر كنعان، أن تشكيل هذه الحكومة بتركيبتها القائمة، سيعود بالضرر على إسرائيل والمواطن الإسرائيلي، مؤكدًا أن أكثر من 12% من الناخبين اليهود الذي صوتوا، انتخبوا قائمة تعتمد على الحقد والكراهية والبغضاء لكل ما هو عربي.
مخاوف مشروعة
في السياق اعتبر الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن نتنياهو حسم انتخابات الكنيست الإسرائيلية، وبفارق مريح، حتى الآن الحديث يدور عن حصد 65 مقعدًا برلمانيًا ربما يتم تقليصهم إلى 62 بعد فرز باقي الأصوات، في وقت كان يأمل فيه من تجاوز نسبة الأغلبية بفارق بسيط.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، ما حققه نتنياهو من إنجازات كانت بيد خصومه وأعدائه، حيث تفككت الكتلة العربية المشتركة إلى 3 قوائم، حتى الآن الحديث عن فشل اثنين منهم من تجاوز نسبة الحسم، فيما كانت هذه القائمة القوة الثالثة بالكنيست بعدد مقاعد وصل إلى 15 مقعدًا، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب ميرتس، والذي رفض اندماجه مع حزب العمل، فلم ينجح في الدخول للكنيست.
وعن المخاوف العربية من فوز نتنياهو، قال إن الدول العربية لا تخشى من اليمين في إسرائيل، حيث تمكنت من تحقيق انتصارات قوية في عهد اليمين، بداية من استعادة سيناء وطابا، وحتى المكاسب الأخيرة، حيث دائمًا ما ينجح اليمين في إقناع الناخبين والتسويق لأي قرار يريده، معتبرًا أنه حتى الآن الوضع مناسب جدًا لنتنياهو إن لم يحدث أي مفاجآت.
وبين أن المخاوف الحقيقية ليس فوز نتنياهو فقط، بل استعداده للدخول في تحالف مع بن غفير، الرجل الذي تنامت قوته بنسبة 150% عن الانتخابات السابقة، ويتبع فكر الترحيل الجماعي للفلسطينيين واستخدام العنف ضد المدنيين لإجبارهم على ترك منازلهم.
ويرى أنور أن المخاوف الفلسطينية من تولي نتنياهو الحكومة مرة أخرى طبيعية، باعتباره يمينيًا متشددًا وسيتحالف مع معسكر بنفس الفكر والسياسية، وفي حال تم استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ستكون مضنية، ومن المتوقع أن يتخذ إجراءات تصعيدية لإرضاء الناخبين المتشددين، والذين يمثلون قاعدته الشعبية.
وحصل حزب "الليكود" على 32 مقعدا، وحلفاؤه في المعسكر: "شاس" و"يهدوت هتوراه" الدينيان على 11 و8 مقاعد على التوالي، و"الصهيونية الدينية" بقيادة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على 14 مقعدا.
في المقابل، حصل حزب لابيد "هناك مستقبل" على 24 مقعدا، و"المعسكر الرسمي" بقيادة وزير الدفاع بيني غانتس على 12 مقعدا، و"يسرائيل بيتينو" بقيادة أفيغدور ليبرمان على 5 مقاعد، والقائمة الموحدة بزعامة منصور عباس على 5 مقاعد أيضا، وحزب العمل على 4 مقاعد، فيما لم يتجاوز حزب "ميرتس" اليساري عتبة الحسم وهي 3.25 في المئة من أصوات الناخبين الصحيحة.
فيما حصل التحالف العربي: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) والحركة العربية للتغيير (تعل)، على 5 مقاعد، ولم يتجاوز حزب التجمع الوطني الديمقراطي (بلد) العربي عتبة الحسم.
وبعد صدور النتائج النهائية غدا الخميس أو بعد غد الجمعة، سيكلف الرئيس يتسحاق هرتسوغ نتنياهو بتشكيل حكومة خلال مهلة 14 يوما يمكن تمديدها إلى 28.
وسيكون نتنياهو أمام معضلة تتمثل في موقفه من "الصهيونية الدينية"، بعدما طالب بن غفير المعروف بمواقفه العنصرية تجاه الفلسطينيين بالحصول على منصب وزير الأمن الداخلي، وهو ما إن حدث سوف يضع حكومة نتنياهو المرتقبة أمام موقف محرج دوليا.
وأمس الثلاثاء، ذهب الإسرائيليون للمرة الخامسة للانتخابات منذ أبريل/ نيسان 2019 وسط حالة من عدم الاستقرار السياسي والاستقطاب الحاد بين معسكر رئيس الوزراء السابق نتنياهو (2009-2021) ورئيس الوزراء الحالي لابيد.
ويتعين على المرشح لتشكيل الحكومة الحصول على توصية 61 نائبا من أصل 120 بالكنيست.
وأعلنت لجنة الانتخابات الإسرائيلية، أن نسبة التصويت النهائية في انتخابات الكنيست، بلغت 71.3 في المئة، وهي الأعلى منذ 2015.