ويأتي هذا الإعلان ضمن مئات من المبادرات والتحالفات منذ إجراءات رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
والسؤال المطروح هو ما الذي يمكن أن تقدمه تلك التحالفات التي لا تلتحم بالشارع المنتفض منذ أكثر من عام، وهل يعلم من يقومون بتلك الخطوات أن الأزمة السودانية تحتاج إلى تقاربات وليس تكتلات وتحزبات جديدة، وهل يلقى التحالف الجديد مصير التحالفات السابقة؟
بداية، يقول مدير المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان، الدكتور محمد مصطفى: "نأسف على هذا المشهد الذي لم يختلف عن كل مشاهد الفترات السابقة منذ إعلان استقلال السودان، مما يدل على حالة أزمة عقول ونفوس ضاربة في أعماق الساحة السياسية في البلاد".
أمراض الماضي
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن "الوضع الذي نراه كل يوم من التخبط، يؤكد سيطرة ثقافة "آل بوربون" على السياسيين السودانيين، فهم من يدخلون البلد في مأزق الديكتاتورية العسكرية، وهم من يلعبون دور الضحية حين ينتفض الشعب معلنا نهاية العهد العسكري ليتسلموا السلطة، دون أن يطوروا وعيهم ومستوى مفاهيمهم في الإدارة والسياسة والتنظيم، يحملون معهم كل أمراض الماضي إلى الوضع الجديد".
وأشار مصطفى إلى أن "الذين أعلنوا تحالفهم باسم الحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية" هم نفس المجموعة التي أقامت مؤتمر بقاعة الصداقة السودانية قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021، معلنة عن تحالف باسم الحرية والتغيير الميثاق الوطني، لينفذ التحالف الجديد مظاهرات ثم يعتصم أمام القصر، ذلك الاعتصام الذي أطلق عليه الشارع "اعتصام الموز"، والذي شهد هتافات تدعو للتدخل العسكري وإقالة الحكومة على سبيل المثال، عندما هتف القيادي بالتحالف التوم هجو "الليلة ما بنرجع إلا القرار يطلع"، وفعلا قد حدث الانقلاب".
مفتاح الحل
وأردف: "هؤلاء الذين أعلنوا التحالف الجديد هم نفس المجموعة التي أعلنت قبل أشهر قليلة تحالف باسم الحرية والتغيير "التوافق الوطني"، ليأتوا اليوم بتحالف ثالث باسم الحرية والتغيير "الكتلة "، أليس هذا توهان وتخبط وعدم وعي بحجم الأزمة، وضرب من التجارب التي تؤكد غياب أي افتراضات وحسابات مسبقة".
وأشار مدير المركز العربي الأفريقي إلى أن "تلك المحاولات بغض النظر عن المحاولات الأخرى، إضافة لتعدد المبادرات التي تجاوزت المائة، تؤكد أن مفتاح الحل مازال غائبا، ولم تستطع أي مبادرة العثور عليها، وبالتالي نقول بالفم المليان من يملك مفتاح الشارع يملك الحل".
المسمار الأخير
من جانبه، يقول المحلل السياسي السوداني، الدكتور ربيع عبد العاطي: "تلك الوثيقة التي يتحدثون اليوم عن تعديلها أبطل ممن قام بها، وما بني على باطل فهو باطل، تلك الوثيقة لا علاقة لها بأهل السودان، وقد صاغها أجانب، وأي تعديل أو ترقيع لا يزيدها إلا اهتراء ويساهم في تمزيقها وهو ما ستؤول إليه".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "وبحسب تقدير الواقع بأن فولكر "المبعوث الأممي للسودان" ومن كانوا وراء هذه الوثيقة سيطلقون سيقانهم للريح عما قريب، وستدور عليهم الدائرة خسرانا مبينا".
وأشار عبدا لعاطي إلى أن "قرار المحكمة بحل اللجنة التسييرية التي صاغت الوثيقة هو المسمار الأخير في نعشها، والتحالف الجديد الذي أشرت إليه عبارة عن محاولة من مجهول لتعديل مجهول و إحياء عظام، وقد أصبحت رميما، ولا أحد يمكن أن يحدد لنا من هم هؤلاء ومن أين أتوا، ومن لا صفة له أو جهة فلا وزن لعمل له أو فعل، والسلطة الحالية أنكرت أي صلة لها بأي جهة سياسية".
وقال عبد العاطي: "في تقديري أن فولكر يريد القول بأن الوثيقة أساس يحتمل المراجعة والتعديل، لكنها محاولة يائسة أمام الواقع الذي يرفضها مطلقا، وستظهر في الأيام القادمة مقترحات لمسودات دستور علماني من جهات أكثر وزنا و موثوقية، والإرباك سيكون سيد الموقف، مما سيسهم في قبول أي اقتراح نحو انتخابات مبكرة إزاء الوضع الراهن الذي يسير نحو الفوضى، وادعاء البعض بأن الحق في صفه هو ادعاء كاذب لا يفيد صاحبه".
وأعلن الناطق الرسمي باسم الحزب الاتحاد الأصل، عمر خلف الله يوسف، عن ميلاد كتلة سياسية جديدة (الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية) وذلك لمحاربة الإقصاء وتعزيز ثقافة الانتقال والمشاركة في الحياة السياسية دون إبعاد أي طرف، وذلك خلال فعاليات المؤتمر الصحفي الذي عٌقد اليوم، في العاصمة السودانية، الخرطوم، لقوى إعلان الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) وذلك للإعلان عن مشروع التعديلات على الوثيقة الدستورية 2019 – 2020، وكذلك الإعلان عن كيان سياسي جديد، وفقا لصحيفة "الشروق" المصرية.
ويضم التحالف الجديد عددا من التيارات السياسية المختلفة، وهم (جيش تحرير السودان، الحزب الاتحادي الأصل، حركة العدل والمساواة، الحرية والتغيير التوافق الوطني، حزب البعث، المجلس الأعلى لنظارات البجا، لجان المقاومة، المجتمع المدني، الإدارة الأهلية، ممثلي عن النازحين واللاجئين، الجبهة الشعبية، حركة جيش تحرير السودان المجلس القيادي، حركة تحرير كوش، مبادرة السودان يسع الجميع، مؤتمر البجا التصحيح، تحالف الشباب الفيدرالي، مؤتمر البجا المعارض)، بجانب عدد من القوى الفاعلة في المشهد السياسي السوداني.
جاء ذلك بمشاركة الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة، وجعفر عثمان الميرغني نائب رئيس حزب الاتحادي الأصل، ومبارك أردول الأمين العام للحرية والتغيير (التوافق الوطني)، وبحضور عدد من ممثلي التيارات السياسية المختلفة.
وحضر كل من السفير المصري في الخرطوم حسام عيسى، قنصل عام جمهورية مصر العربية المستشار أحمد عدلي، وممثلي سفارات النرويج والولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت القوات المسلحة السودانية، قالت مؤخرا إن رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان "نفى ما يشاع عن إبرام أي تسوية ثنائية مع أي من المكونات السياسية".
وأكد البرهان أن "القوات المسلحة ستقف على مسافة واحدة من الجميع دون الانحياز لأي طرف وتدعم خطوات التحول الديمقراطي"، وفقا لصحيفة "الانتباهة" السودانية.
كما أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، "موقف القوات المسلحة الثابت تجاه قضايا استقرار وأمن البلاد في ظل التحديات الحالية"، لافتا إلى "الالتزام بالنأي بالمؤسسة العسكرية عن المعترك السياسي".
وسبق أن أكد القائد العسكري الحاكم في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أن الجيش السوداني سيظل وفيا للشعب وينحاز لخياراته الوطنية في جميع الأحوال، مذكرا بما آلت إليه الأوضاع في السودان.