القاهرة - سبوتنيك. وعلق باحثون ومحللون سياسيون عرب على دلالة انعقاد القمة، وما شملتها من أحداث مثل غياب زعماء بارزين والتأكيد على إيجاد حل للقضية الفلسطينية مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، أن معسكره اليميني على وشك تحقيق فوز كبير في الانتخابات، فضلاً عن محاولات وزراء الخارجية العرب، خلال عملهم على البيان الختامي "إعلان الجزائر"، إيجاد صيغة توافقية للتنديد بـ "التدخل" التركي والإيراني في الشؤون العربية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاستراتيجي والسياسي والمحلل الجزائري، عبد القادر سليماني، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، إن "صدى القمة العربية في الشارع الجزائري كبير.. لما حققته من نجاح باهر استطاعت من خلاله الجزائر كسب التحدي وجمع العرب بعد غياب 3 سنوات".
وحول تأثير انعقاد القمة، تابع سليماني: "بالنسبة لتأثير القمة، فهي عكست رسالة هامة للعالم خاصة بعدما خرجت تحت شعار قمة لم الشمل"، معتبراً إياها "قمة التجدد والوفاق في خضم التداعيات الجيوسياسية والأزمات بالمنطقة".
ورأى أن "حضور 17 قائداً واستخلاف الغائبين بمستوى عالي ثاني من أولياء العهد ورؤساء الوزراء، يؤكد قدرة العرب على لم شملهم"، موضحاً أن "مكانة سوريا في القلب كما أكدها الرئيس الجزائري، والأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط على وجود تواصل وعدم غيابها".
وفي ما يخص غياب الملك المغربي، محمد السادس، عن القمة، أرجع المحلل الجزائري ذلك لغيابه عن الساحة الدولية وعن الجامعة العربية منذ 2005 بسبب دواعي مرضية"، مبيناً أن الأهم هو عدم مقاطعة المغرب المشاركة بالقمة.
ولفت إلى أن العرب في قمة الجزائر لديهم رؤية مشتركة وتوافق، وتدارسوا العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية وفيما يخص قضايا الأمن الغذائي والمائي والصحي أيضاً، مستطرداً: "ربما تكون هناك قضايا سياسية واستراتيجية مشتركة وواضحة، ولكنها قد تتطلب وقتاً أكثر وتبقى حلولها أكبر تعقيداً".
وفيما يخص فلسطين، وضح الخبير الجزائري، أن العرب في القمة توافقوا على ضرورة إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وأكدوا على حل الدولتين وحق فلسطين في إقامة دولة مستقلة على حدود يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وبسؤاله حول إمكانية تحقيق ذلك مع اقتراب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، من الفوز، يأمل سليماني أن إجماع العرب على لم الشمل العربي يزيد الضغط على إسرائيل، مع وجود شركاء أفارقة وأعضاء من المؤتمر الإسلامي وأعضاء دول عدم الانحياز، ورسائل تهنئة من القادة، مثل الرئيس الروسي، بوتين والرئيس الصيني شي جين ينغ للجامعة، سيزيد الضغط على إسرائيل وعلى مجلس الأمن من أجل حلحلة الوضع الفلسطيني.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي التونسي، عبد القادر سكري، إن "القمة العربية في الجزائر جسدت قمة استثنائية رغم الأوضاع الصعبة السياسية والاقتصادية التي تمر بها أغلب الدول العربية".
وحول اتحاد جميع المشاركين بالقمة على ضرورة إيجاد حل للصراع العربي-الفلسطيني، أكد المحلل التونسي أن القمة العربية جاءت في ظروف مناسبة خاصة بعد المحاولة الجزائرية في لم شمل الفصائل الفلسطينية، بعد أن جمعتهم كلهم في الجزائر للبحث عن خارطة طريق واضحة لتنفيذ انتخابات فلسطينية جمعت كل فصائل العمل الوطني نحو هدف استراتيجي موحد لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
ورأى أن مشاركة الرئيس التونسي بالقمة العربية، تشكل خطوة جادة لإظهار خطوات الإصلاح السياسي والحزبي، مؤكداً أن "حضور قادة العالم العربي بشكل جماعي، بالرغم من غياب سوريا هو الحدث الأكبر، سيتسبب في انعطافة في الموقف العربي نحو تفعيل أهداف قابلة للتنفيذ ولا تمت للشعارات، وإنما هي واقعية في طبيعتها".
ومن الجانب المصري، لأستاذ كلية العلوم السياسة بجامعة القاهرة، مصطفى كامل، رأي آخر، حيث رأى في انعقاد القمة في الجزائر وبعد غياب، أمراً طيباً، خاصة مع حضور ممثل عن دولة المغرب، ومحاولة تمثيل ليبيا بشكل مقبول لكافة رؤساء ودول العالم العربي، مستدركا: "ولكن يبقى مستوى التمثيل على مستوى دول الخليج محدوداً، كما لم يتم الاتفاق على استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية".
وفسر، كامل، أن انعقاد القمة في حد ذاته ينم عن وجود روح تجديد تسود الدول العربية، متابعاً: "لتبقى هناك عقبات كثيرة من عدم الاستقرار في غالبية الدول العربية، مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، الأمر الذي يثبط كثيراً من قدرتها على مواجهة العالم بموقف موحد".
واستكمل الخبير المصري: "لا بد أن نلتفت لوجود فوارق بين ما يُقال وما يجري عمله"، واستدل بذلك على القضية الفلسطينية التي أعربت القمة بجميع دولها على التضامن مع الشعب الفلسطيني، ولكنها تقيم في نفس الوقت علاقات قوية تكاد تكون استراتيجية مُعلنة في حالة الإمارات والبحرين، وغير مُعلنة مع المملكة، وفق قوله.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن عقد القمة تحت دعوات "لم الشمل" تحتاج لعمل الكثير، حتى يكون هناك تضامن عربي حقيقي ويلتئم الشمل فعلياً، متابعاً: "لا أعتقد أن هناك خطوات ملموسة يمكن أن توسع من نطاق لم الشمل في ظل السكوت عن أمور هامة".
وتساءل كامل: "هل تتضمن هذه القرارات دعوة الدول العربية إلي أن ترفع مستوى تمثيلها في اجتماعات الجامعة العربية؟ وهل هناك دعوة لحل الخلافات القائمة بين الدول العربية بالنسبة لعدد من القضايا كقضية الصحراء وسوريا وليبيا".
وفي ما يتعلق بفلسطين، اختتم الخبير السياسي بالقول: "فوز نتنياهو وقوى اليمن المتطرف التي تنتقدها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، سيكون له تأثير على العلاقات الوثيقة التي تربط إسرائيل بعدد من الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج تحديدا والمغرب".
ويذكر أن قمة جامعة الدول العربية افتتحت في العاصمة الجزائرية، الثلاثاء الماضي، بكلمة للرئيس التونسي قيس سعيّد رئيس الدورة الماضية، دعا فيها إلى "تجاوز الخلافات" و"لم الشمل"، ليسلم الرئاسة لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الذي أشار لضرورة "بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ مصالحنا المشتركة".
وانعقدت القمة العربية بالرغم من غياب قادة عدة دول عربية عن القمة، وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد وجه رسالة للمجتمعين أعرب فيها عن استعداد بلاده للتعاون مع دول الجامعة العربية "بهدف توطيد الأمن على المستويين الإقليمي والعالمي".