المشهد السياسي في لبنان يزداد تعقيدا على خلفية الفراغ الرئاسي

وعلى الرغم من الدعوات المستمرة لرئيس البرلمان نبيه بري لجلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، إلا أنها تبقى شكلية بعد تعذر الاتفاق على شخصية جامعة، وسط إعلان بري عزوفه عن دعوته لجمع القوى السياسية كافة على طاولة الحوار لتقريب وجهات النظر وتسهيل انتخاب رئيس جديد.

في هذا الإطار، قال النائب عن كتلة "التنمية والتحرير" فادي علامة، لـ"سبوتنيك" إن "مجلس النواب اليوم أصبح مخصصًا لانتخاب رئيس عملًا بالدستور ومواده، ولكن بعد عقد 4 جلسات والنتيجة كانت واضحة، كان لدى رئيس البرلمان نبيه بري آلية من الممكن أن تفعّل العملية أكثر وتسرّع إتمام التوافق أو تقريب وجهات النظر بين الكتل السياسية، ومن هذا المنطلق دعا لحوار متخصص بموضوع رئاسة الجمهورية وانتخاب رئيس، وللأسف لم يجد تجاوبًا من بعد الجولات والاجتماعات والتواصل وخاصة من قبل كتلتين مسيحيتين أساسيتين كتلة "القوات" وكتلة "التيارالوطني الحر"، ولهذا السبب قرر توقيف مسعاه وحدد أمس جلسة لمجلس النواب مع التمني بأن يكون اللقاء القادم فيه جدية أكبر بالتعاطي مع هذا الموضوع وأن يتنازل الجميع عن السقوف العالية لأنها لن توصلنا إلى الاتفاق على انتخاب رئيس".

وأشار إلى أنه "من حيث المبدأ هناك توجه أكبر أن يتفق الجميع على شخصية توافقية تجمع اللبنانيين من حولها وتستطيع مخاطبة الجميع وأن تكون على مسافة واحدة، واليوم هناك رأي ثان يقول نريد شخصية ممكن أن تكون استفزازية بمعنى، هذا التركيز اليوم"، مضيفًا: "ونحن نأمل بوضع ومشاكل لبنان ودقة المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة كلها، اليوم أتصور أن الوقت مناسب لأن نستطيع أن نفكر بشخصية توافقية تستطيع أن تحاكي الجميع وتدوير الزوايا وبنفس الوقت تستطيع أن تنفذ خارطة الطريق التي أصبحت واضحة للسلطة التنفيذية من بعد انتخاب الرئيس، انتهاء التفاوض مع صندوق النقد وموضع إعادة هيكلة المصارف وموضوع خطة التعافي الاقتصادية وبعض القوانين الإصلاحية الأخرى، كل ذلك بحاجة إلى رئيس لديه القدرة التوافقية للعمل مع الجميع ويستطيع توحيد الجميع نحو الخطة المرسومة لنا أصلًا وليس لدينا خيارات لنحاربها".

وذكر علامة أن "تركيبة المجلس إذا استمرينا بالمسار الذي نسير به اليوم، النتائج ستكون نفسها، لا يوجد أكثرية ولا نستطيع أن ننتج انتخاب رئيس، ومن هنا كانت دعوة أو طرح الرئيس نبيه بري".

بالمقابل، قال النائب سيزار أبي خليل عضو تكتل "لبنان القوي"، بأنه ليس هناك استحالة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إنما هنالك حاجة للتوافق على اسم لتأمين النصاب المطلوب والذي هو ثلثي مجلس النواب والتصويت المطلوب الذي هو 65 نائب يعني النصف زائد 1.

وفي تصريحات لـ"سبوتنيك"، أشار أبي خليل إلى أن "تشرذم القوى السياسية اليوم التي أنتجتها الانتخابات النيابية الأخيرة، هناك صعوبة لأي فريق لوحده أن يؤمن النصاب والأصوات المطلوبة لانتخاب رئيس جمهورية"، لافتًا أنه "يجب علينا أن نحاول التوافق على اسم نستطيع أن نؤمن له النصاب والأصوات المطلوبة، لذلك نحن في التيار الوطني الحر لا زلنا ننتخب أو نقترع بورقة بيضاء فاتحين المجال للتوافق مع القوى السياسية الأخرى على مرشح".

وأضاف: "نحن محكومون بالتوافق، وأتمنى بوقت أن لا يكون طويلًا انتخاب رئيس لأن البلد لا يتحمل فراغ طويل، بالنهاية كتيار ذهبنا على حسابنا الشخصي عندما نقترع بورقة بيضاء نعيش بظل نظام برلماني ديمقراطي وزيادة عن ذلك التعقيد الطائفي".

كما لفت أبي خليل إلى أن "رئيس الجمهورية مسيحي ماروني ونحن لدينا أكبر كتلة في مجلس النواب كتلة حزبية وتكتل نيابي ويرأسه ماروني مسيحي أيضًا وبالتالي في المنطق اللبناني حيث الشيعة يختارون رئيس مجلس نواب والسنة يختارون رئيس الحكومي بمنطق النظام اللبناني الحق بالترشح يقع أولًا على رئيس "التيار الوطني الحر" ورئيس تكتل "لبنان القوي" الذي هو أكبر تكتل في البرلمان، ومع هذا لعلمنا بالتشرذم الحاصل بعد الانتخابات النيابية وعدم إمكانية تجميع 86 حضور و65 صوت بنفس الوقت ذهبنا إلى التوافق وقمنا بخطوة إلى الأمام تجاه الأفرقاء الآخرين للتوافق معهم، وحتى لا نحمل البلد فراغ لأن الحالة الاقتصادية لا تحمل، قمنا بما يجب القيام به أما فيما لو مضى الأفرقاء الآخرين باختيار هذا الفراغ والمضي بمرشحين التحدي عندها سيكون لكل حادث حديث".

ودعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، يوم الخميس المقبل، متمنيًا أن "لا تصبح الجلسات مسرحية".