وقال السيسي، أمس الثلاثاء، خلال مائدة حول "الاستثمار في مستقبل الطاقة"، ضمن فعاليات قمة المناخ COP27، التي تنعقد في مدينة شرم الشيخ (6-18 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري)، إن "مصر تشارك برفقة رئيس وزراء النرويج، يوناس غار ستوره، بإطلاق المرحلة الأولى لمشروع إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العين السخنة بقدرة 100 ميغاوات".
وأوضح السيسي أن "إطلاق المنتدى يهدف لإنتاج الهيدروجين الأخضر كمنصة للتعاون بين الدول في إطار التحول إلى إنتاج الطاقة النظيفة".
وقال مراقبون إن مصر تسعى من خلال إطلاق المشروع إلى أن تكون مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء، مؤكدين أن هناك فوائد اقتصادية وسياسية واجتماعية ضخمة ستحصدها القاهرة عقب إتمام المشروع.
فوائد متعددة
اعتبر الدكتور محمد سعد الدين رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصري، أن إطلاق مصر المرحلة الأولى لمحطة إنتاج الهيدروجين الأخضر، يأتي في ظل الاتجاه العالمي إلى إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري، والاستعاضة عنه بالوقود الأخضر غير الملوث بالإشعاعات، من أجل الحفاظ على البيئة والمناخ.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تستضيف مصر هذه الأيام قمة المناخ العالمية في مدينة شرم الشيخ، ويأتي الإعلان عن محطة إنتاج الهيدروجين للتأكيد على أن مصر رائدة في أي مجال دولي جديد، وسباقة في التطبيق الفعلي للقرارات الدولية، في سياق التعاون للحفاظ على المناخ والبيئة، عبر توسيع الاعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة.
وأوضح سعد الدين أن الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، كان متاحًا قبل وقت طويل، لكن لم يكن هناك أي فرصة للتوسع في إنتاجه نظرًا لتكلفته المرتفعة، حيث يحتاج إلى استخدام الكهرباء والتي تحتاج هي الأخرى لتكلفة مرتفعة من أجل إنتاجها بالشكل التقليدي، أما الآن بات الإنتاج ممكنًا بعد التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة باستخدام الرياح والشمس، فانخفضت تكاليف إنتاج الكهرباء بشكل أكبر.
وتابع: "تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة يكلف تقريبًا 2 سنت، أما باستخدام الوقود الأحفوري يعادل 14 سنتًا، وهذا الفرق الكبير كان دافعًا للاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتي يصعب تخزينها بسبب ارتفاع التكلفة، واستخدامها لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والذي يمكن تخزينه ونقله بسهولة للاستخدام محليًا، أو للتصدير".
وعن الفوائد التي ستعود على مصر من هذه الخطوة، يرى سعد الدين أنها متعددة، منها الاقتصادية عبر خفض تكلفة الطاقة، ونقلها وتصديرها، كبديل للوقود الأحفوري سواء البترول أو الغاز، لا سيما في ظل الأزمة الأوكرانية الأخيرة، وانطلاقا من حقيقة أن الاعتماد على الغاز الطبيعي بات مكلفًا بسبب حاجته للتسييل ولخطوط ضخمة لنقله، عكس الوقود الأخضر.
وشدد رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصري، على ان مصر حصدت مكاسب سياسية كبيرة من استضافة قمة المناخ، وباتت محط أنظار العالم، واحتلت مكانة جيدة دوليًا، مشيرًا إلى فوائد اجتماعية أخرى لإنتاج الهيدوجين الأخضر عبر استخدام الوقود الأخضر والتقليل من نسب التلوث، ورفع مستوى معيشة المواطنين.
استثمارات جديدة
بدوره، اعتبر النائب أحمد سمير، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ المصري، أن إعلان مصر بدء المرحلة الأولى لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومواكبته لمؤتمر المناخ في شرم الشيخ، يأتي في إطار سياسة الدولة المصرية للتوجه نحو استخدام المشروعات المرتبطة بالهيدروجين الأخضر في مصر بالمرحلة المقبلة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، بدء الإنتاج يأتي ضمن خطة مصر للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي تضم العديد من المحاور الهامة المتعلقة بإنشاء مشروعات صناعية صديقة للبيئة، والانطلاق نحو الهيدروجين الأخضر، حيث تسعى مصر لتكون مركزًا لهذه الصناعة على مستوى العالم، كما بدا واضحًا من خطاب الرئيس عبد الفتاح السياسي.
وعن الانعكاسات الاقتصادية لهذه الانطلاقة، يرى سمير أن المشروع يفتح مجالا لدخول تكنولوجيا جديدة للسوق المصري، ومجالا لمشروعات صديقة للبيئة، والاستفادة منها في إطار محاولات تصدير هذه الصناعة لأوروبا وأفريقيا، حيث أوضح السيسي أن مصر لديها القدرة على إنشاء مشروعات تتعلق بالطاقة النظيفة وتحتاج إلى تمويلها لتكون مركزًا لنشاط التكنولوجيا الحديثة الصديقة للبيئة.
وأوضح أن العائد الاقتصادي ينعكس في زيادة حجم هذه الأنشطة ودخولها في الناتج المحلي الإجمالي، خاصة أن مصر رصدت رقمًا ضخمًا للاستثمارات ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي، للمشروعات الخاصة بالطاقة الخضراء في الفترة القادمة.
وأشار النائب المصري إلى أن العائد سوف يكون متوسطا وطويل المدى حال إتمام المشروعات، ويعطي انطلاقة كبيرة لمصر في استخدام هذه التكنولوجيا وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة أنها تكنولوجيا حديثة وبات العالم يتوجه إليها بشكل كبير جدًا.
ولفت الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي إلى أن هذا المشروع سيعد نموذجا عمليا للشراكة الاستثمارية المحفزة للتنمية الاقتصادية المستدامة، مستكملا: "مصطلح الهيدروجين الأخضر أصبح مستخدما في ظل أزمة الطاقة التي فرضت علينا تحديا حقيقيا في تأمين إمدادات الطاقة، دون إخلال في مواجهة أزمة المناخ، وتحقيق الأهداف التي اتفقنا عليها".
وأشار إلى ضرورة الارتكاز على دور الحكومات والقطاع الخاص الوطني والأجنبي للعمل المشترك في هذا القطاع المثمر، مؤكدا أن الفرصة متاحة اليوم للتعرف على كل جوانب المشروع عبر الشركات المنفذة له.
وتابع: "مصر كانت من أوائل الدول التي أدركت الفرصة المتاحة في مجال الهيدروجين الأخضر استنادا إلى القدرات الهائلة في إنتاج الطاقة النظيفة"، موضحا أن تلك القدرات تمكن مصر من التحول إلى مركز عالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر على المدى المتوسط والبعيد.
وانطلقت الأحد الماضي الدورة الـ 27 من فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (كوب 27)، والتي تستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية، حتى يوم 18 من الشهر الجاري، بمشاركة رؤساء وقادة من مختلف دول العالم.