ورغم غياب الدعم الحكومي من جهة، وتمادي الاحتلال الأمريكي في ممارساته ضدهم، فقد نشط الفلاحون والمزارعون في القرى وبين الأراضي الزراعية خلال الأيام القليلة الماضية عقب الهطولات المطرية التي ورغم قلة غزارتها، إلا أنها تبشر بالخير.
أفاد مراسل "سبوتنيك" شرقي سوريا اليوم الخميس نقلاً عن مصادر محلية في ريف محافظة الحسكة، أنه بالرغم من التأخر النسبي في الهطولات المطرية الخريفية وغلاء سعر بذار القمح وارتفاع أجور حراثة الأراضي وأجور العمال، إلا أنّ زراعة الأرض بمحصول القمح بدأ بشكل ملحوظ منذ عدة أيام ويستمرّ طيلة الأشهر القادمة في شقيه المروي والبعلي في ظل استمرار توقف الدعم الحكومي للفلاحين بسبب الظروف الأمنية وخروج مساحات كبيرة من الأراضي عن سيطرة الدولة السورية.
ويعاني الفلاحون من صعوباتٍ عدة في زراعة الأرض، فإلى جانب الغلاء الفاحش في أسعار البذار يلاقي الفلاح صعوبةً كبيرةً في الحصول على الأيدي العاملة، وذلك بسبب الهجرة والظروف الأمنية، ويضطرّ المزارعون لشراء البذار من التجّار الذين يتحكّمون بالأسعار ويحتكرونها، أو من قبل مؤسسات التابعة لقوات"قسد" حيث ووصل سعر الكغ الواحد من البذار من 2300 ل.س إلى 2500 ل.س للقمح، بحسب المصادر.
واقع صعب
وقال المزارع "أبو محمود " والذي يملك أرض زراعية في ريف الدرباسية شمالي الحسكة لوكالة "سبوتنيك" إنّ صعوباتٍ عديدة يوجهونها في الموسم الحالي، لا سيما مع تأخر الأمطار الخريفية وغلاء الأيدي العاملة، وأجور النقل وغيرها من المصاريف الكثيرة، إضافة لفرض المؤسسات التابعة لـ "قسد" أسعار كبيرة لشراء ضروريات الزراعة فالبذار يباع بسعر 2500 ل.س للكيلو الواحد مع اعطاء 30 كغ للدونم الواحد.
في حين تم بيع مادة السماد بسعر 700 دولار أمريكي للطن الواحد مع منح كمية 20 كغ من السماد الحار و30 كغ من السماد البارد لكل دونم من الأرض بعد ترخيص 70% منها فقط، مع دفع رسوم مالية تصل إلى 500 ل.س عن كل دونم تحت مسمى (قيمة عقد) لخزينة "قسد".
وبخصوص المصاريف، أشار أبو محمود إلى أجور حراثة الأرض بآلة "الهارو" الملحقة بجرار زراعي، مع مصاريف أخرى من نقل وعمال وغيرها وصلت إلى 30 ألف ليرة سورية للدونم الواحد مع تحكم أصحاب الجرارات بالفلاحين، إضافة إلى تأخر توزيع مادة المازوت لضرورة الزراعة من قبل قوات "قسد" مع معلومات عن نيتها رفع سعر المحروقات هذا الموسم.
أرقام حكومية
وأعلنت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الحكومية في سوريا الخطة الزراعية للموسم الشتوي والصيفي للموسم الزراعي 2022-2023، الخاصة في منطقة الجزيرة شرقي البلاد والتي تعتبر عاصمة زراعة محصول القمح الاستراتيجي فيها،والتي تضمنت زراعة 290 ألف و632 هكتاراً بالقمح المروي و424 ألف و124هكتاراً بالقمح البعل.
مزراعو شرقي سوريا بين مطرقة الاحتلال الأمريكي وغياب الدعم الحكومي
© Sputnik . Atia Al atia
في حين بلغت مساحة الشعير المروي المخطط زراعتها في محافظة الحسكة 28250 هكتاراً إضافة إلى 274839 هكتاراً بالشعير البعل ولمحصول القطن بلغت 6800 هكتار.
الاحتلال... وشح الدعم
وبين مدير مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي الحكومية في محافظة الحسكة المهندس علي خلوف الجاسم لمراسل "سبوتنيك" بأنه "يوجد تحت سيطرة الدولة السورية مساحة 12 آلف هكتار من القمح البعل فقط، و6800 هكتار من القمح المروي، ومن محصول الشعير لبعل 27 ألف هكتار، ضمن أربعة مناطق تتوزع بين القامشلي وتل حميس وتل براك وريف الحسكة".
وتابع الجاسم بأنه يوجد لدى فرع مؤسسة أكثار البذار الحكومية في الحسكة كمية 1862 طن من القمح وهي كميات قليلة جداً مقارنة مع الطلب والحاجة، إضافة انه يوجد كمية 4000 طن حين الطلب لدى المؤسسة السورية الحبوب لضرورة البذار، في حين فروع المصرف الزراعي في المحافظة لا تقدم أي كمية من الاسمدة منذ سنوات عديدة ولا تمنح قروض للفلاحين.
وهناك صعوبات أخرى تواجه فلاحي المحافظة ومنطقة الجزيرة ومنها عدم تامين المحروقات وحوامل الطاقة الكهربائية ووجود الاحتلال الامريكي واوعنه والذين منعوا فلاحي المحافظة من تسويق محاصيلهم وانتاجهم من القمح الى مراكز الدولة السورية في الموسم الماضي، حيث وصلت كمية الاقماح المشتراة 17400 طن فقط، بحسب الجاسم.
الاحتلال الأمريكي فرض غرامات وتصل إلى 10 آلاف دولار على كل فلاح يقوم بتسويق محصول القمح إلى مراكز الدولة وذلك لزيادة الحصار الاقتصادي والمعيشي على الشعب السوري.
حصار جائر
من جانبه أوضح محافظ الحسكة الدكتور لؤي صيوح لـ "سبوتنيك" أنهم يعملون مع جميع الجهات الحكومية والمنظمات الفلاحية المتخصصة على زيادة المساحات المروية ضمن سيطرة الدولة السورية في محافظة الحسكة من خلال العمل بشكل جدي لفتح آبار زراعية في المناطق الآمنة لزيادة مساحات زراعة القمح الاستراتيجي والاستفادة منها بشكل أكبر.
مزراعو شرقي سوريا بين مطرقة الاحتلال الأمريكي وغياب الدعم الحكومي
© Sputnik . Atia Al atia
لا نستيطع الطلب من الحكومة فوق المستطاع وذلك نتيجة الواقع الزرعي والأمني في المحافظة، والعمل ضمن النطاق الواقع تحت السيطرة من خلال زيادة كميات المساحات الواقعة تحت سيطرة الجيش العربي السوري والاستفادة منها بالشكل الأمثل ولابتعاد عن الأرقام الوهمية.
وبين محافظ الحسكة أن "الحكومة السورية تعمل على مدار الساعة وبكل السبل للتغلب على العقوبات والحصار الجائر المفروض على الشعب السوري من الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية".
ويعتمد أغلب الفلاحين في منطقة الجزيرة السورية على الزراعة البعلية، وتمثّل المساحة المزروعة بمحافظة الحسكة 29% من إجمالي المساحة المزروعة في سوريا، وشهد الموسمين الماضيين انحساراً في الهطولات المطرية مما تسبّب بالقضاء على الموسم الزراعي وزيادة معاناة سكان المنطقة.